ديربورن – عماد محمد
قبل أيام من إنطلاقة مونديال البرازيل، تزينت منطقة ديربورن لإستقبال العرس العالمي الكروي بأبهى حلة حيث رفعت أعلام الدول المشاركة على السيارات وأمام المنازل وفي المقاهي والمطاعم، في تقليد حمله العرب وغيرهم من المهاجرين الى منطقة ديترويت، حيث تغيب الإعتبارات السياسية والوطنية وتصبح أعلام المنتخبات المفضلة «خطاً أحمر» لا يمكن تجاوزه بالنسبة لبعض مهوسي الكرة، فيما يعتبر آخرون أن احتفال ديربورن بكأس العالم يبقى متواضعاً جداً بالنسبة للأجواء الإحتفائية في البلدان العربية وغيرها من دول العالم.
وفي جولة ميدانية لـ«صدى الوطن»، قال أحمد خطيب مدير محل «أكس هيل» لبيع الأراجيل والذي يقوم حالياً ببيع أعلام الدول المشاركة في المونديال إنه لا يمكن أبداً مقارنة أجواء كأس العالم هنا في ديربورن بما يحدث في لبنان مثلاً، هنا يشتري الناس الأعلام فقط لأنه شيء جميل، لكن في لبنان يختلف الوضع تماماً فالمشجع هناك يعرف كل أسماء اللاعبين والمدربين والخطط بل أيضاً يعرفون أسماء اللاعبين الموجودين على دكة الإحتياط»، وأضاف خطيب أن علم المكسيك هو الأكثر مبيعاً ويعتقد أن سبب ذلك يعود لكثافة الجالية المكسيكية الأميركية وبعده يأتي علم البرازيل، البرتغال، الأرجنتين المطلوبين من قبل الجالية العربية.
في الواقع، ليس هناك أكثر تضرراً من مشجعي المنتخب الإسباني الذين اضطروا الى إخفاء أعلامهم مبكراً بعد خروجهم المفاجئ من الدور الأول على يد فريق تشيلي.
وبالرغم من أن ممثل العرب الوحيد في المونديال هو الجزائر، إلا أن العديد من المحلات في أنحاء ديربورن وديربورن هايتس رفعت أعلام دول عربية أخرى مثل لبنان، العراق، اليمن وغيرها. ويقول علي فواز مدير مقهى «سكاي لونج»: «لبنان غير مشارك في المونديال لكننا وضعنا العلم اللبناني لأننا لبنانيون».
وقال حسين مكحل مدير مقهى «سيغنتشر» إن «الناس متحمسة جداً للمونديال هذا العام ويبدو أن كرة القدم تزداد شعبيتها هنا».
سال فنتورا، صاحب مطعم «ساليز بيتزا» في ديربورن، وهو من أصل إيطالي، جهز متجره الواقع على تقاطع شارعي تشايس وكولسون، لإستقبال المونديال حيث زرع على سطح مبنى المطعم أعلام الدول الـ٣٢ المشاركة، كما أنه زين المحل من الداخل بشرائط ملونة بألوان العلم الإيطالي بالإضافة إلى أربع نجوم ذهبية ترمز إلى عدد المرات التي فازت بها إيطاليا ببطولة كأس العالم، كما يعرض المطعم أوقات مباريات كأس العالم على لوحة كبيرة.
الإيطالي الأميركي سال فنتورا |
فنتورا هاجر إلى الولايات المتحدة في سن الـ12 عاماً بعد فترة قليلة من إنتهاء مونديال 1970 (المكسيك) الذي شهد خسارة إيطاليا أمام البرازيل في النهائي بنتيجة ٤-١، أما أول مونديال شاهده في أميركا فكان سنة 1974 (ألمانيا)، حيث لم يكن البث التلفزيوني متوفراً ما دفع فنتورا إلى الذهاب إلى مسرح «ديترويت أولومبيا» وسط ديترويت ودفع مبلغ 15 دولاراً في تلك الأيام أي ما يعادل حوالي 72 دولاراً اليوم، لمشاهدة مباراة كأس العالم.
كما أن فنتورا الذي يعول هذا العام على منتخب بلاده بقيادة بيرلو وبالوتيلي حرم من مشاهدة الدوري الإيطالي حتى أواخر السبعينات، حيث كان يذهب إلى روتشستر هيلز أو ويندسور (كندا) لمشاهدة المباريات.
عندما فاز المنتخب الإيطالي بكأس العالم 1982 (اسبانيا) شاهد فنتورا المباراة النهائية ضد المانيا في النادي الإيطالي الأميركي في ديربورن، قبل أن يذهب للإحتفال بالفوز مع الجالية الإيطالية المقيمة في ويندسور حيث أحضر المشجعون الألمان ثمانية آلاف زجاجة شامبانيا للإحتفال بالفوز إلا أنهم قاموا في النهاية برشقها بالحيطان بعد خسارتهم ذلك اليوم.
فنتورا وأخوه ظهرا على غلاف جريدة «ديترويت فري برس» في اليوم التالي يرتدون قمصان المنتخب الإيطالي وفي يدهما العلم الإيطالي وهما يحتفلان بالنصر. وفنتورا مازال يحتفظ بنسخة مبروزة يضعها في مطعمه بكل فخر وإعتزاز.
وفي العام 2006 عندما بلغ المنتخب الإيطالي المباراة النهائية بمواجهة المنتخب الفرنسي وإنتهى الوقتان الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي 1–1، خرج فنتورا من مكان عرض المباراة لأنه لم يعد قادراً على تمالك أعصابه، لكن في النهاية جاءته الأخبار السعيدة بفوز إيطاليا بلقبها الرابع، بحيث لا يتفوق عليها أحد سوى البرازيل التي تنتشر أعلامها في ديربورن بكثافة والتي تسعى هذا العام لإضافة لقبها السادس.
فنتورا الذي يقدر حجم الجالية الإيطالية في منطقة ديربورن بحوالي ١٠ آلاف نسمة، يقول إنه يشعر بسعادة كبيرة عندما يرى عرباً أميركيين يشجعون منتخب بلاده بإخلاص وتزداد مفاجأته عندما يعرف كم هم مطلعون على تاريخ الفريق واللاعبين.
يتمنى فنتورا كجميع عشاق كرة القدم مشاهدة مباريات كأس العالم مباشرة من الملعب، ولكن «عندما أشاهد حشوداً من مختلف الجنسيات تتابع المباريات في نفس المكان يغمرني شعور بالسعادة» ويضيف «بإمكاننا صناعة الحدث هنا في ديربورن».
أما محامي الحقوق المدنية شريف عقيل رئيس «مؤسسة ديربورن الرياضية» التي تملك نادي «ميشيغن ستارز»، فقد عبر عن سعادته بالأجواء الرائعة التي تعيشها منطقة ديترويت بالعرس العالمي، وتابع عقيل «كرة القدم في لحظة معينة توحد مشاعر الناس في كل المجتمعات.. لا شيء يجمع الناس أكثر من كرة القدم».
وأضاف «لو دخل هدف جميل في مباراة ما فكل الناس من حول العالم سيستمتعون بهذا الهدف إن كان في لبنان، أو أميركا أو نيجيريا..».
Leave a Reply