القائمون على حملة الاستفتاء يلمّحون إلى تقصير في عملية التدقيق
ديربورن
لعدم كفاية التواقيع الصالحة، رفض كليرك بلدية ديربورن، جورج ديراني، الأسبوع الماضي، عريضة استفتاء تدعو إلى تغيير هيكلية وطريقة انتخاب أعضاء المجلس البلدي في المدينة، فيما أعربت المجموعة التي تقف وراء العريضة عن تمسّكها بصلاحية التواقيع المقدّمة، مشيرةً إلى أن الأسماء الإسلامية والعربية الشائعة غالباً ما تُصنّف خطأً على أنها مكررة.
وينصّ ميثاق ديربورن الحالي، على انتخاب أعضاء المجلس البلدي السبعة، في إطار سباق انتخابي واحد يُقام كل أربع سنوات على نطاق المدينة برمّتها، بحيث يتم انتخاب جميع الأعضاء من قبل جميع سكان ديربورن بغض النظر عن مكان إقامتهم في المدينة. غير أن العريضة التي تم إرفاقها بأكثر من 6,300 توقيع، تطالب بتقسيم ديربورن إلى سبع دوائر يتم انتخاب عضو واحد عن كل منها، إلى جانب انتخاب عضوين إضافيين على مستوى المدينة برمّتها، تماماً كما هو الحال في مدينة ديترويت المجاورة.
ووفقاً للنشطاء في مجموعة «ديربورن تريد دوائر انتخابية» Dearborn Wants Wards، التي تسعى لعرض الاستفتاء على الناخبين في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، يهدف المقترح إلى «ضمان تمثيل جميع أحياء المدينة بشكل عادل».
وبينما رفض ديراني آلاف التوقيعات باعتبارها مكررة أو غير متطابقة مع بيانات الناخبين المسجلين لدى دائرة الكليرك، قالت المجموعة إنها ستقوم بمراجعة جميع التواقيع التي اعتُبرت غير صالحة، مطالبة بجعل عملية مراجعة التواقيع أكثر مراعاةً للثقافة العربية، نظراً لأن معظم سكان المدينة يتحدرون من بلدان الشرق الأوسط.
الجهود مستمرة
قالت رئيسة المجموعة، منى الماوري، إن التشكيك بقرار ديراني يأتي «بحسن نية»، لافتة إلى أن «التعامل مع هذا العدد الكبير من التواقيع، يتطلب التأكد من احتمالية وجود أخطاء في عملية التحقق، ولهذا، نريد فقط التأكد من عدم استبعاد توقيع أي شخص ظلماً».
وفي رسالة أبرقها للمجموعة في منتصف تموز (يوليو) الجاري، أعلن ديراني أن 2,838 توقيعاً من أصل حوالي 6,300 تم تقديمها لمكتبه في 13 حزيران (يونيو) الماضي، كانت «باطلة»، ما ترك العريضة بحاجة إلى 439 توقيعاً إضافياً لبلوغ العدد المطلوب من التواقيع الصالحة للتأهل إلى ورقة الاقتراع.
وبحسب ميثاق ديربورن، تتطلب عريضة الاستفتاء توقيعات صحيحة من 5 بالمئة من الناخبين المسجلين في المدينة، أي ما يقرب من 3,900 شخص.
وقالت الماوري لصحيفة «ديترويت نيوز» إن الأسماء الشائعة لدى المسلمين والعرب غالباً ما تُصنّف خطأً على أنها مكرّرة، مشيرة إلى عدة عوامل قد تساهم في تفاقم المشكلة، رغم أنها قد تبدو مجرد فروق بسيطة.
وعلى سبيل المثال –بحسب الماوري– لا تحتوي الأسماء العربية على إضافات تعريفية، مثل «جونيور» (الابن) و«سينيور» (الأب). كما أنه من الشائع أن تعيش عدة أجيال من عائلة واحدة بأسماء متشابهة في منزل واحد.
وأضافت ماوري أن أنظمة مطابقة توقيعات الناخبين غالباً ما تحرم المجتمعات المهمشة من حق التصويت، زاعمة أن هذه الأنظمة لا تُراعي احتمالات مثل الأمية بين كبار السن المسلمين والعرب، مما يؤدي إلى سوء خط اليد أو الحاجة إلى شخص آخر لتعبئة عريضة نيابةً عنهم. وأضافت أنه من الشائع أيضاً أن تكون سجلات الناخبين من ذوي البشرة الملونة والمهاجرين والطبقة العاملة «قديمة نسبياً»، مما قد يؤدي إلى رفض توقيع الناخب إذا تغيرت طريقة توقيعه بمرور الوقت.
وقالت الماوري: «يجب أن تكون العملية شفافة، ونحتاج إلى معرفة ما إذا كان الكليرك قد بذل العناية الواجبة في التحقق من التواقيع التي يتم رفضها من البرنامج الإلكتروني، أم أنه يثق به ويعتمد عليه فقط»، موضحة أن البرنامج «قد لا يُراعي ثقافة مجتمعات مثل مجتمعنا».
وأكدت الناشطة اليمنية الأميركية أن مجموعة «ديربورن تريد دوائر انتخابية» استلمت التواقيع المرفوضة وهي بصدد تحليلها، ولكنها تخطط في الوقت نفسه لجمع 1,300 توقيع إضافي قبل انتهاء المهلة القانونية.
ولفتت الماوري إلى أنه في المرة الأولى تم جمع قرابة 6,300 توقيع خلال 13 يوماً فقط، مما اعتبرته مؤشراً واضحاً على «مدى حاجة هذا المجتمع ورغبته في هذا الاستفتاء».
ولدى المجموعة مهلة تنتهي يوم 29 يوليو الجاري لتقديم التوقيعات الناقصة لبلوغ العدد المطلوب، على أن تقوم بتقديم صياغة المقترح الانتخابي إلى مكتب الكليرك بحلول 12 آب (أغسطس) المقبل كحد أقصى، من أجل إدراج الاستفتاء على ورقة الاقتراع في انتخابات نوفمبر القادم، التي ستشهد أيضاً، انتخاب رئيس البلدية، وأعضاء المجلس البلدي السبعة، وكليرك المدينة، لأربع سنوات قادمة.
دوافع التقسيم
تأمل مجموعة «ديربورن تريد دوائر انتخابية» أن يؤدي تغيير نظام مجلس ديربورن البلدي إلى تمثيل جميع شرائح وأحياء المدينة فضلاً عن زيادة إقبال الناخبين «لأنهم سيشعرون حينها بأهمية أصواتهم».
وتبرّر المجموعة حملتها بأن النظام الانتخابي المعمول به حالياً يؤدي إلى تمثيل غير متناسب بين جانبي المدينة الغربي والشرقي، موضحة أن المجلس الحالي يضم ستة أعضاء مقيمين في الجانب الغربي الأكثر ثراء والذي يقطنه حوالي 45 ألف نسمة، مقابل عضو واحد مقيم في الجانب الشرقي الذي يُقدّر عدد سكانه بنحو 65 ألف نسمة.
ونتيجةً لذلك، تزعم المجموعة أن الأشخاص ذوي البشرة الملونة، والمنتمين إلى الطبقة العاملة والمهاجرين الذين يتركّزون في شرق المدينة، يشعرون بتهميشهم في القرارات والموارد، بسبب غياب تمثيلهم الحقيقي في مجلس المدينة.
وتشهد أقلام الاقتراع في شرق ديربورن –عادةً– نسبة إقبال انتخابي أقل بكثير من أقلام غرب المدينة، ولاسيما في منطقة «الساوث أند» ذات الكثافة اليمنية في جنوب شرقي المدنية، حيث تُسجّل أدنى نسب الإقبال على الإطلاق.
ولفتت الصيدلانية اليمنية الأصل إلى أن ضعف إقبال الناخبين في شرق ديربورن مقارنة بجانبها الغربي، يرجع بالدرجة الأولى إلى شعورهم بالتهميش واعتقادهم بعدم القدرة على التأثير السياسي، مما يدفعهم إلى الإحجام عن الاقتراع.
ويؤكد القائمون على الحملة أن تقسيم ديربورن إلى دوائر انتخابية، لن يوفر تمثيلاً متكافئاً لمكونات المدينة فحسب، وإنما أيضاً سوف يعالج الهموم الرئيسية لكل منطقة على حدة، حيث تبرز قضايا مثل التلوث البيئي وتحسين الخدمات العامة وصيانة الطرق وتكاثر الجرذان، كتحديات رئيسية في أحياء شرق وجنوب المدينة.
أما عن كيفية تقسيم المدينة، فينص المقترح على إنشاء لجنة أهلية من السكان المحليين، يتم اختيارهم عشوائياً من المتقدمين بطلبات للانضمام إلى اللجنة.
وتطبق عدة مدن في ولاية ميشيغن، نظام الدوائر الانتخابية في تشكيل المجالس البلدية المحلية، مثل ديترويت وآناربر وإنكستر وغيرها.
في المقابل، يرى معارضو المقترح أنه سوف يعيق فعالية المجلس البلدية ويزيد الانقسامات في المدينة عوضاً عن رأبها، كما أنه يخالف شعار البلدية المأثور «ديربورن واحدة».
يٌذكر أنه بحال فوز الاستفتاء في انتخابات نوفمبر القادم، لن تدخل التغييرات حيز التنفيذ حتى انتخابات عام 2029.
Leave a Reply