محمد العزير
لم يكتفِ حكم العشائر بسلب النساء حقوقهن، وباستبدال القانون بالوجاهة وأعرافها الذكورية الأبوية، وإبرام الاتفاقيات على حساب دماء النساء، وهو ما مارسته العشائر في الخليل مؤخراً على حساب حياة الفلسطينية روان أبو هواش الذي قتلها زوجها (ابن عمها) وتمت التسوية على دمائها لصالح المجرم.
اليوم يبدو أن العشائر خائفة على عرشها الذي نجحت الجمعيات والمؤسسات النسوية في زعزعته، ومن هنا أعلنت عشائر مدينة الخليل الفلسطينية، رفضها تطبيق فلسطين اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، داعيةً إلى إغلاق المؤسسات النسوية العاملة في الأراضي الفلسطينية.
البيان الذي صدر بعد اجتماع عقدته العشائر الأسبوع الماضي، ترافق مع الدعوة إلى إلغاء عقود إيجار تلك المؤسسات، واعتبار كل من يؤجر لها شريكاً، كما أكّد بيان العشائر ضرورة منع أفراد المؤسسات النسوية من دخول المدارس، محمّلين مديري المدارس المسؤولية حال مخالفة ذلك، كذلك حذّر القضاة من التزام قرار تحديد سنّ الزواج، وحذّر وسائل الإعلام من تغطية النشاطات الخاصة بالجمعيات والمؤسسات التي وصفتها بـ«المشبوهة»، وأكد تنظيم وقفات احتجاجية خلال الأيام المقبلة.
اللافت أن إعلان العشائر لم يشهد أيّ رد فعل من السلطة الفلسطينية، المفترض أنها الجهة الوحيدة المخولة تنفيذ القانون، والجهة التي وقعت على الاتفاقية، في المقابل لوحظ تأييد من حركة «فتح»، وبعض التيارات الدينية المحافظة.
يذكر أنّ اتفاقية «سيداو» وقّعت عليها السطة الفلسطينية، وتنفيذها لا يمكن أن يتم إلاّ بتضمينها في التشريعات الفلسطينية، وحتى هذه اللحظة لم يتم تضمين أي بند منها، إلا بند تحديد سن الزواج بـ18 سنة.
أثار مقتل الفلسطينية روان أبو هواش من مدينة الخليل بالضفة الغربية على يد طليقها (ابن عمها) عادل، قبل أيام، غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بالقصاص من القاتل، ومستذكرين حادثة الفتاة إسراء غريب التي وقعت قبل أشهر.
وتفاعل ناشطون فلسطينيون وعرب مع قصة روان، وهي أم لأربعة أطفال، بعد أن أقدم طليقها على استدراجها وقتلها ثم إلقاء جثتها داخل مزرعة نخيل قرب البحر الميت، مشددين على ضرورة تعديل القانون وتحقيق العدالة لمنع تفشي ظاهرة قتل النساء.
وتواصلت «إرم نيوز» مع عائلة القاتل، التي رفضت الحديث لوسائل الإعلام أو الإفصاح عن أي تفاصيل بشأن الحادثة، مؤكدة التزامها الصمت فيما يتعلق بمجريات مقتل روان.
وفي آخر منشور لها عبر «فيسبوك»، كتبت روان: «إلى الذين شَتموني في ظَهر الغيب، وما خلقوا لي أعذاراً طيّبة، إلى الذين حاولوا جاهدين أن يُظهروني بسوء الخُلق ورسموا في مخيلتهم أنني سيئة، إلى الذين حاولوا عامدين مُتعمدين أن يُغيروا أحداث قِصصنا وتشويه قلوبنا وظروفنا وشوَّهوا صدقنا بخبثهم وحقيقة ما نحن عليه من أجل غاية في نُفوسهم، إلى الذين دعوا الله أن لا نرتفع درجة واحدة قبلهم وأن نبقى في الوحل ويبقون في القِمم بعد ما سُررنا بارتفاعهم، إلى الذين لم ترحمنا ألسنتهم وردّدوا أننا نكذب ونُخفي حقيقة واقعنا؛ إنَّ الله يرى وإنَّ الله شاهد على ما في نفوسنا وإنَّ الله معنا ويُحبّنا ويُدللنا ويُنصفنا، وليُّنا نحن الله، ووليكم أيضاً جمعة مباركة».
هذا وطالب نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الجهات المختصة بإيقاع أقصى العقوبات بحق الجاني، مطالبين بتعديل القانون الفلسطيني الذي لا يشكل رادعاً لمثل هذه الجرائم التي ترتكب بحق النساء.
وكتبت بشرى شنن، صديقة روان عبر تويتر: «إحساسها كان صح طول الوقت بتحكي ما بدي إياه، ما بدي اتزوجو بس كلمة الأهل لازم تمشي وتتنفذ لأنهم بعرفوا مصلحة أولادهم ومستقبلهم أكثر منهم، هو ابن عمها يعني سندها، وحتى لو غصب عنها رح تتزوجوا، طلع معك حق يا روان، طلع إحساسك بمحله يا صديقتي».
Leave a Reply