سامر حجازي – «صدى الوطن»
فـي أيار (مايو) الماضي، داهمت سلطات ولاية ميشيغن خمسة معارض لبيع السيارات فـي مترو ديترويت، وقامت بإغلاقها بعد مصادرة وثائق وأموال من حساباتها بدعوى التحقيق فـي تهم تتعلق بتهريب السيارات وقطع الغيار المسروقة.
لم تصدر تهم بحق أصحاب المعارض حتى الآن، لكن المعاناة التي خلفها قرار السلطات لا تقتصر على أصحاب المعارض، بل تتعداها لتطال الزبائن أيضاً.
تقول فاطمة شرف الدين صاحبة معرض «بيغ ثري أوتو سيل» فـي ديترويت، إنه على سكرتاريا الولاية أن تتحمل تبعات القرار الذي أدى الى عدم تسليم أوراق الملكية للزبائن الذين اشتروا سيارات من معرضها بعد أن قامت السلطات بمصادرة جميع الوثائق منه.
ونتيجة لذلك، تُرك زبائن المعرض الكائن على شارع بليموث إضافة الى أربعة معارض أخرى، من دون أوراق ملكية رغم شرائهم السيارات ودفع ثمنها.
وكانت سكرتيرة الولاية، روث جونسون، قد شكلت فـي مطلع العام فريقاً خاصاً من المحققين للتدقيق بحسابات أصحاب معارض السيارات المستعملة بعد ظهور عدد من المعاملات المثيرة للشبهات.
ونفت شرف الدين قيامها بأي نشاط غير قانوني أو مخالفة ارتكبتها فـي معرضها الذي تديره منذ أكثر من عشر سنوات. وقالت لـ«صدى الوطن» «لم تردنا شكوى واحدة من الزبائن أو أي إنذار من المفتشين» وأضافت «كان معرضنا من الأكثر مبيعاً للسيارات فـي ديترويت. كنّا ننجز حوالي ١٥ ملفاً يومياً».
أول زيارة من المحققين كانت فـي ٦ ايار (مايو) الماضي، يومها كانت شرف الدين غير موجودة فـي المعرض، وقد سأل حينها المحقق موظفاً بشأن خمسة ملفات مفقودة.
وأوضحت شرف الدين أن الملفات لم تكن موجودة فـي ذلك اليوم، وأنها تمكنت فـي وقت لاحق من تقديم المستندات المطلوبة لتلك الملفات، وهو ما يجب أن يزيل أسباب تعليق رخصة المعرض.
ولكن فـي ٢٨ أيار، جاء محققون من الولاية ووزارة الأمن الداخلي الأميركية وقاموا بإقفال المعرض من دون سابق إنذار وقاموا بمصادرة كل الملفات واوراق السيارات العائدة للمعرض.
وفـي اليوم نفسه، أوقفت الولاية أربعة معارض اخرى فـي منطقة ديترويت تعود ملكيتها إلى عرب أميركيين.
ورفعت شرف الدين التماساً باستئناف قرار سكرتاريا الولاية بتعليق رخصتها التجارية من دون دليل على ارتكاب أي مخالفات.
«أخذوا كل المعلومات التي يحتاجونها وأغلقوا تجارتي هكذا من دون وجه حق»، قالت شرف الدين، وتابعت «هناك إجراءات معينة على الولاية أن تراعيها عند إقفال الأعمال التجارية. لكن بدلاً من ذلك، تم تجاوز جميع الإجراءات حتى أننا لم نوضع تحت المراقبة، أو إرسال تذكرة مخالفة، أو إعطائنا أي فرصة للتصرف».
لكن صداع شرف الدين مع الولاية ثبت انه كان مجرد بداية.
دفعوا ورُفضوا
ففـي الأسابيع اللاحقة، انهمرت الاتصالات من قبل عشرات الزبائن الذين كانوا يطالبون بأوراق ملكية سياراتهم (تايتل). وتقول شرف الدين إن سكرتاريا الولاية قامت بإعطاء أوراق الملكية لنحو ١٠ بالمئة فقط من هؤلاء.
«بعد سبعة أشهر لا تزال الولاية غير معنية بحل هذه القضية» أسهبت شرف الدين، وأردفت «أعطوا زبائني بعض الخطوات التي ينبغي اتباعها، وهي إجراءات تكلف الكثير من المال والوقت، ولكن لم تسمح لهم بالحصول على أوراق سياراتهم».
وعلمت «صدى الوطن» ان الموظف المختص فـي سكرتاريا الولاية والمعني بقضية شرف الدين كان قد أبلغ محاميها أن هناك إمكانية للحل فـي حال تم وضع ملكيات السيارات كلها باسمها الشخصي. وهذا يعني أنها سوف تضطر لدفع ضريبة المبيعات لحوالي ٢٠٠ سيارة تحتاج لأوراق ملكية -وهو ثمن باهظ قالت انها لا تستطيع تحمله.
وأشارت شرف الدين الى ان «معظم الزبائن يعلمون أنني لا أستطيع أن اساعدهم اكثر من ذلك بعد الآن. لقد قمت بما هو مطلوب مني. فقد أعطيتهم الإيصالات وأعطيتهم كل ما يثبت شراءهم للسيارات قدمت لهم كل ما يحتاجونه. ودور الولاية هو لتسهيل معاملات الملكية وهذا ليس من إختصاصي».
واحد من زبائن المعرض، بيلي هاشم، قام بشراء سيارة «دودج كارافان» سنة ٢٠٠٩ بمبلغ ٦٠٠٠ دولار فـي أواخر نيسان (أبريل)، أي قبل أيام قليلة من الزيارة الأولى للمحققين.
وها قد مضت سبعة أشهر وهو يحاول الحصول على أوراق السيارة التي اشتراها، لكنه قال ان الولاية لا تزال تماطل. وقد اقترح عليه الموظف الذي يستلم ملف القضية بشراء سند كفالة (شوريتي بوند) وهي طريق يلجأ اليه فـي كثير من الأحيان من فقد أوراق ملكية سيارته.
وأكد هاشم انه دفع رسوماً بقيمة ٥٧٥ دولاراً بالإضافة لضريبة المبيعات على سيارته ورسوم الملكية ليصل المبلغ الإجمالي الى حوالي ١٢٠٠ دولار. ولكن بعد عدة أسابيع تلقى رسالة فـي البريد تبلغه برفض منحه أوراق تثبت ملكيته للسيارة. واليوم، هاشم لا يزال يملك، بالاسم، سيارة «دودج كارافان» ولكنه لا يملك أوراقاً ثبوتية كما أنه لم يسترد من الولاية الشيك الذي كتبه لسند الكفالة الذي رُفض.
تظاهرة احتجاج
لكن هاشم ليس لوحده فـي هذه المعمعة. فقد طُلب من عشرات الزبائن سلوك نفس الطريق من قبل سكرتاريا الولاية، وأنفق كل واحد منهم أكثر من ألف دولار لكن النتيجة كانت واحدة: الرفض من دون رد الرسوم لأصحابها.
متظاهرون أمام سكرتاريا الولاية في ديربورن. |
ونتيجة لهذه المماطلة قام يوم الإثنين ١٤ كانون الاول (ديسمبر) الماضي نحو ٦٠ مواطناً بالاحتجاج أمام مكتب سكرتاريا الولاية الواقع على طريق شايفر فـي مدينة ديربورن، مطالبين الولاية بالاجابة على أسئلتهم الملحة حول أسباب عدم تسيير معاملاتهم. وأكد هاشم الذي شارك فـي الاحتجاج قائلاً «نريد مستندات ملكية السيارات، ولا نريد أي شيء آخر منهم».
داني مصطفى زبون آخر قام بشراء سيارة «فورد فـيوجن» طرار عام ٢٠١٠، فـي شهر أيار (مايو) من معرض «بيغ ثري» والآن سيارته تجمع الغبار لأنه لا يستطيع قيادتها أو بيعها من دون وثيقة الملكية.
«قلت لهم انها ليست مشكلتي إذا كان التاجر هو قيد التحقيق»، قال مصطفى ومضى يقول «ثم قالوا لي باتباع بعض الإجراءات حيث صرفت المال على سند كفالة ودفعت مبلغاً إضافـياً مقابل لا شيء. ثم بعد ذلك أرسلوا لي تلك الرسالة التي تبلغني بعدم قبول معاملتي، واحتفظت الولاية بمالي».
وما زاد الطين بلة ان بعض الزبائن اشتروا عدة سيارات وقاموا لاحقاً بشراء كفالة «شوريتي بوند» لكن طلباتهم رفضت أيضاً.
Leave a Reply