ربما لم تسمع عزيزي القارئ بما يقال عن رئيس بلدية ديربورن المنتخب، عبدالله حمود. ربما فاتك سماع الإطراءات والمبالغات التي يطلقها نشطاء المجتمع العربي في المدينة عندما يجتمعون لإبداء آرائهم والإدلاء بدلوهم حول المصاعب السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ستواجه حمّود في مهمته الجليلة لإرجاع ديربورن إلى أمجادها بعد إهمالها لسنوات طويلة خلت (كما يقولون)، ناسين أو متناسين أن الفوضى وتدهور الأحوال كانت تحت مرآهم وأكثرهم كان مشاركاً في اللقاءات «المفيدة» بالمسؤولين حول «الطاولات المستديرة» المملوءة بالحمص والفتوش والمناسف، ليخرجوا علينا ويطمئنوننا بأن كل شيء على ما يرام…
إذا فاتك كل ذلك عزيزي القارئ، فعلى الأرجح لم تفُتك نصائح المسؤولين وحاشيتهم خلال الأزمات الصعبة، بضرورة التضحية والصبر على ارتفاع الضرائب والأسعار وتدني جودة الخدمات، وتحمّل المصائب بانتظار جلاء الليل وذهاب الويل.
في الإنتخابات التمهيدية لرئاسة بلدية ديربورن خلال الصيف الماضي، كنت واحداً ممن التقوا بالمرشح –وقتذاك– النائب عبدالله حمود. وجدته شاباً أنيقاً وجدياً لكني خلته صغيراً ليكون رئيس بلدية مدينة كبيرة ومهمة مثل ديربورن. ربما لأني قروي أو من محبي مسرح الرحابنة، ترسخت في ذهني صورة المختار المهاب ذي الشوارب المفتولة، القوي والقادر على رعاية مصالح الناس وصون حقوقهم.
في الحقيقة، اختلجني شعور بالإشفاق على الشاب حمود، وهو في عمر الورود. أشفقت عليه لدخوله عش الدبابير وهو الطير الوادع المتوثب للتحليق والعمل. أشفقت عليه من المسؤوليات الجسام التي ستلقى على عاتقه وهو قليل الخبرة في دهاليز السياسة والصفقات تحت الطاولة. رأيته بريئاً لا يعرف فنون السياسة التي سيكون في أشد الحاجة إليها بمواجهة دبابير وخفافيش الدوائر البلدية.
قلت له بصراحة: لن انتخبك لأنك شاب صغير في العمر. فأجابني بأنه عضو في مجلس نواب ولاية ميشيغن منذ أكثر من خمس سنوات، كان خلالها ممثلاً صادقاً لديربورن وعموم سكان الولاية، وتمنى عليّ أن أعطيه الفرصة والثقة ليكون رئيساً لبلديتنا مشبهاً طموحه بالطموح الشاب جون أف كينيدي، الذي فاز بثقة الشعب الأميركي وانتخب رئيساً للبلاد رغم صغر سنه.
هيأ الله سبحانه تعالى أسباب النجاح لحمود، سيدخل رئيس البلدية المنتخب، بعد أيام معدودة مكتبه الجديد بالتزامن مع استقالة طاقم رئيس البلدية الحالي جون أورايلي. أكثر من ثلاثين موظفاً من ذوي النفوذ والسطوة في دوائر البلدية، استقالوا آخذين معهم الجمل بما حمل، وتركوا المشاكل والأعباء المتراكمة وكل المهملات السابقة ليواجهها حمّود وفريقه الجديد تحت مجهر المتصيدين والعنصريين المتربصين لأي خطأ.
الرئيس حمود في هذه الأيام ليس بحاجة للنصائح الهوائية من فلان وعلتان، بل كل ما يحتاجه هو العمل بجد وإخلاص وإيمان وكفّ أيدي الفاسدين الشرهين… حماه الله من مصير كينيدي الذي نكش عش الدبابير فأُقصي بالقتل.
غريب الدار
Leave a Reply