رغم تراجع الإدارة الأميركية عن فصل أسر المهاجرين غير الشرعيين
واشنطن – في خطوة استباقية لكبح زخم التظاهرات الاحتجاجية على سياسات الرئيس دونالد ترامب للهجرة، علقت الإدارة الأميركية مؤقتاً الملاحقات القضائية التي تستهدف مهاجرين راشدين دخلوا البلاد بطريقة غير مشروعة من المكسيك مع أطفالهم، من أجل وقف تفريق شمل العائلات، تنفيذاً للأمر رئاسي الذي أصدره ترامب الأسبوع الماضي.
ورغم قرار ترامب بمنع فصل الأسر، واصل معارضو الرئيس، الأسبوع الماضي تحركاتهم الاحتجاجية، التي تنوعت بين العصيان المدني في العاصمة واشنطن، والاعتصامات التي استهدفت «احتلال» فروع «وكالة الهجرة والجمارك» (آيس) في أنحاء البلاد، وصولاً إلى التظاهرات الواسعة المقررة يوم ٣٠ حزيران (يونيو) الجاري احتجاجاً على سياسات البيت الأبيضد تجاه الهجرة.
وطفت مشكلة «فصل الأسر» نتيجة لسياسة «صفر تسامح» مع المتسللين عبر الحدود مع المكسيك، والتي بدأت إدارة ترامب العمل بها منذ شهر نيسان (أبريل) الماضي، وأدت منذ ذلك الوقت إلى فصل ما لا يقل عن 2.3 ألف طفل عن والديهم، ومعظمهم ما زالوا مفصولين عنهم، وهو ما تسبب بغضب عارم داخل المجتمع، ودعوات إلى التظاهر والعصيان المدني.
تعليق الملاحقة القضائية
وفي مسعى منها لاحتواء الغضب الشعبي قالت الإدارة في بيان: «اتخذت دائرة الجمارك وحرس الحدود خطوات فورية لتنفيذ المرسوم التنفيذي الرئاسي» بمنع فصل الأسر. وأضافت أنه «خلال احتجاز عابري الحدود بشكل غير شرعي، سيتم الحفاظ على وحدة الأسر وسينقلون معاً».
وأضافت الإدارة: «سيواصل حرس الحدود تسليمهم (إلى القضاء) لمقاضاة البالغين الذين يعبرون الحدود بطريقة غير شرعية.. الأطفال الذين لا يزالون حالياً تحت رعاية سلطات الهجرة سيتم لم شملهم مع آبائهم بعد الإجراءات الجنائية».
ولم توضح الإدارة متى ستبدأ عملياً بجمع شمل الأسر المفصولة.
وقال مفوض الجمارك وحماية الحدود (سي بي بي) كيفن ماكالينان خلال مؤتمر صحافي في مركز احتجاز في مكليلان بولاية تكساس، إنه أعطى تعليمات لوكالته بوقف إرسال قضايا الآباء المتهمين بالتسلل إلى الأراضي الأميركية بطريقة غير مشروعة إلى المدعين. وأوضح أن الخطوة تأتي بعد قرار الرئيس ترامب الأسبوع الماضي بوقف الفصل المنهج للأبناء القاصرين للمهاجرين غير الشرعيين، عن آبائهم.
وقالت ستيفاني مالن، وهي متحدثة باسم وكالة الجمارك وحماية الحدود، إن الوكالة «اتخذت الخطوة المؤقتة إلى حين توصل الكونغرس إلى حل دائم لمسألة فصل العائلات».
وأكد ماكالينان أيضاً أن سياسة عدم التسامح الخاصة بالملاحقة الجنائية لعبور الحدود بطريقة غير شرعية لا تزال قائمة، لكنه لا يستطيع تحويل الآباء إلى الادعاء من دون فصلهم عن أبنائهم. وأضاف أن الوكالة تعمل على إعداد خطة لاستئناف الإحالات الجنائية.
الجيش
في أحدث إشارة إلى دعم الجيش لسياسات ترامب المتعلقة بالهجرة، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) يوم الأربعاء الماضي، إن تعمل على تلبية طلب وزارة الأمن الداخلي بإيواء 12 ألف مهاجر غير شرعي في منشآت بالولايات الواقعة على الحدود مع المكسيك.
وأضاف البنتاغون في بيان، أن الوزارة طلبت من الجيش الاستعداد لإيواء 2000 شخص من هؤلاء المهاجرين خلال 45 يوماً، بحسب ما أوردت «رويترز».
وكان وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس قال يوم الأحد، إن الجيش الأميركي يستعد لبناء مخيمات مؤقتة لإيواء المهاجرين غير الشرعيين في قاعدتين عسكريتين دون أن يكشف عن اسميهما.
وقال الجيش الأميركي الأسبوع الماضي، إن الحكومة طلبت منه الاستعداد لإيواء ما يصل إلى 20 ألفاً من الأطفال المهاجرين.
احتجاجات واسعة
ورغم قرار ترامب بمنع فصل الأسر، أطلقت حركة «مسيرة النساء» «عصياناً مدنياً جماعياً» في العاصمة واشنطن يوم الخميس الماضي تمهيداً ليوم التظاهرات المقررة في ٣٠ حزيران (يونيو) الجاري في أنحاء البلاد ضد سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب الخاصة بالهجرة.
واقتحمت أكثر من ألف ناشطة نسائية مقر مجلس الشيوخ الأميركي مما اضطر شرطة الكابيتول إلى التدخل واعتقال نحو مئة متظاهرة
وقالت حركة «مسيرة النساء» على تويتر «ندعو كل النساء للمشاركة معنا في عصيان مدني جماعي في العاصمة لمطالبة تلك الإدارة بوقف تجريم المهاجرين دون وثائق وفصل الأطفال عن والديهم».
وأضافت الحركة في تغريدة أخرى أنها عقدت جلسات تدريب في واشنطن يوم الأربعاء قبل الاحتجاج. وقالت «مئات النساء هنا مستعدات للتصعيد. #عصيان النساء».
والجدير بالذكر أن حركة «مسيرة النساء» انطلقت يوم تنصيب الرئيس ترامب في 21 كانون الثاني (يناير) 2017 ثم انتشرت دولياً بتغطية إعلامية واسعة ودعم من مشاهير هوليوود.
وقالت «مسيرة النساء» على تويتر إن العصيان هو جزء من موجة من التحركات المناهضة لترامب الذي أمر بانتهاج سياسة «صفر تسامح» في تطبيق قوانين الهجرة الأميركية، مما أدى إلى فصل أكثر من ألفي طفل عن ذويهم لدى وصولهم بطريقة غير مشروعة إلى الولايات المتحدة، ووضعوا في منشآت احتجاز أو في دور رعاية في أنحاء البلاد، بينها نقلا إلى ميشيغن.
وأثارت تلك السياسة موجة انتقادات حادة داخل وخارج الولايات المتحدة وبعد عدة أيام وقع ترامب أمراً تنفيذياً منع فيه فصل الأطفال عن ذويهم أثناء النظر في ملفاتهم. وقال البيت الأبيض إن الأمر التنفيذي ليس حلاً طويل الأمد ودعا الكونغرس إلى التصديق على إصلاحات لنظام الهجرة.
وقالت منتقدات لترامب إن الأمر التنفيذي الذي يسمح للأطفال بالبقاء مع ذويهم المحتجزين ليس مناسباً.
وقالت الناشطة العربية الأميركية ليندا صرصور، إحدى قائدات «مسيرة النساء»، «عندما كنا ندافع عن إبقاء الأسر معا وإنهاء فصل العائلات لم نكن نروج لاحتجاز الأسر… مراكز اعتقال الأطفال مرفوضة بقدر مراكز اعتقال الأطفال والبالغين».
احتلوا «آيس»!
وفي سياق الاحتجاجات الشعبية، اضطر مكتب وكالة الهجرة والجمارك (آيس) في ديترويت، إلى تعليق العمل مؤقتاً بعدما قام متظاهرون معارضون لسياسات الهجرة الأميركية بقطع الطرق المؤدية إلى المبنى في إطار حركة احتجاج وطنية استهدفت «احتلال» فروع الوكالة في العديد من المدن الأميركية.
وقد تكرر المشهد في العديد من المدن الأميركية الكبرى بينها سان فرانسيسكو ونيويورك ولوس أنجليس وبورتلاند حيث اضطر العناصر الفدراليون الخميس الماضي إلى تفريق عشرات المحتجين بالقوة لإعادة فتح فرع «آيس» بحلول بداية الأسبوع القادم.
تظاهرات ٣٠ يونيو
ورغم خطوة ترامب التراجعية، قرر معارضو الرئيس، السير قدماً في تنظيم العصيان المدني والدعوة إلى المشاركة في احتجاجات واسعة في أنحاء البلاد، على أن تقام التظاهرة المركزية في العاصمة واشنطن هذا السبت.
ومن المتوقع أن يعبر المحتجون كذلك، عن رفضهم لقرار المحكمة الأميركية العليا بتأييد «حظر السفر» الذي فرضه ترامب على رعايا عدد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة، وفقاً للمنظمين.
وبحسب موقع الحركة الاحتجاجية Moveon.org ستنظم التظاهرات في 600 موقع في جميع أنحاء البلاد، من ضمنها 24 موقعاً على الأقل في ولاية ميشيغن.
وتشمل هذه التظاهرات مدن ديترويت وبونتياك وآناربر وباتل كريك وفلنت وغراند رابيدز وكالامازو ومدناً أخرى.
وستقام تظاهرتان في مدينة ديترويت في كل من ساحة هارت بلازا (١٢ ظهراً) ومنتزه «كلارك بارك» (١ ظهراً)، في حين لن تقام أية تظاهرات في الضواحي.
Leave a Reply