مريم شهاب
أنت مثلي –عزيزي القارئ– قد تتساءل عن دور المستشارين أو الهيئات الاستشارية التي تحيط بالزعماء والمتنفذين في هذا العالم.
فهل وظيفة المستشارين والمقربين تتلخص فقط في التصفيق للرئيس إذا كان قال كلمة ما، وأن يسارعوا إلى انتقاد الأشياء التي ينتقدها، ويذموا الأشياء التي يذمها، ويمدحوا الأشياء التي يمدحها. وعندما يخطئ –خصوصاً حيال نفسه– فهل سيجد فعلاً «مستشاراً» شجاعاً يحذره من مغبة ذلك الخطأ، لا خوفاً على المسؤول وإنما خوفاً على الحزب، أو موقع المسؤولية التي يضطلع بها.
ألم يخطر على بال واحد من المستشارين الكثيرين في البيت الأبيض أن يقول صراحة للرئيس دونالد ترامب، إن بناء جدار فاصل مع المكسيك لن يزيد اليونايتد ستايس أوف أميركا «عظمة على عظمة يا ريّس». وإن إقفال الحكومة الفدرالية هو أشبه بمن يقطع أذنه لكي يغيظ زوجته، كما يقول المثل الإنكليزي. وإن العدالة الاجتماعية وتطبيق مواد الدستور الأميركي وعدم التدخل في شؤون دول الشرق ودول أميركا الجنوبية، والالتفات إلى مصالح دافعي الضرائب الأميركيين هو ما يجعل أميركا عظيمة، حسب شعار ترامب الانتخابي؟
أما في الممالك اللبنانية غير المتحدة، وعلى أثر ما حدث مؤخراً في بيروت من مظاهرات واحتجاجات وإصرار مملكة «حركة أمل» في عين التينة على حمل قميص السيد موسى الصدر والتلويح به ضد دعوة وحضور الوفد الليبي للمؤتمر الاقتصادي العربي، وامتداد ذيول التناقضات بين مملكة عين التينة ومملكة بعبدا إلى مدينة ديربورن، حيث طلع المنادي ينادي «ما فيهاش إفادة.. الرعيان في وادي والقطعان في وادي»، كما غنت فيروز، وأن المساس بسمعة رئيس مجلس النواب هو مساس برمز قدسي من المقدسات الوطنية، وتحامل على الأثرياء المحرومين الدائرين في فلكه، والمسبحين بحمده.. فلنا الحق في أن نتساءل:
أليس من رجل رشيد من حواري الرئيس النبيه، يلفت انتباهه إلى أن قضية السيد الصدر «خلاص»، قد استهلكت أكثر من اللازم، وأن أول معايير القيادة ليس الثأر من الشعب الليبي، بل الالتفات إلى ضعف الشعب اللبناني وخسائره وهزائمه التي لا تنتهي في وطنه، وحفظ كرامته في الرغيف وفي التعليم وفي الدواء؟
ألم يخطر ببال الرئيس بري، وهو النبيه والفهمان، أن يشكك لحظة في الذين يقولون له «نعم» منذ أربعين عاماً، ويدرك مدى خطورتهم قبل فوات الأوان؟
يعلم الله، كم أحب وأحترم الشيخ عبد اللطيف بري، كما أنني أقدر أبحاثه الدينية، ولكن لي عتب على مستشاره الثقافي غالب الياسري، وهو أيضاً إنسان خلوق ومتعلم ويشهد له الجميع بالاستقامة والوطنية واحترام جميع الأديان. ولكن مثل الكثيرين، لي عتب عليه حين يخاطب الشيخ بري بسماحة المرجع الديني الأعلى، مرشد الجالية، مرشد المجمع الثقافي آية الله العظمى الشيخ عبد اللطيف بري.
«آية الله العظمة»؟ فيما مضى كان آية الله الكبرى. لماذا أيها الياسري هذا الغلو في إطلاق الألقاب على شيخنا الجليل؟ هل هذه الألقاب التي تناديه بها في المجمع وعلى الإذاعة تزيده عظمة وإكباراً؟ وهل هي عقدة المستشار، أم عقدة الزعيم، أم أنه الضعف البشري أمام الزعامة والمنصب؟
Leave a Reply