الحريري يتمسك بـ وسام الحسن لرئاسة فرع المعلومات وعون يطالب بمديرية الامن العام
الادارة الاميركية تسأل عن اسماء ضباط مطروحين وعلاقاتهم بسوريا والمقاومة
بعد خروج القوات السورية من لبنان، اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حوّل اركان المعارضة انذاك او ما سمي بـ«ثورة الارز»، حملتهم على النظام الامني اللبناني- السوري المشترك، وطالبوا باقالة قادة الاجهزة العسكرية والامنية، ورفعوا صور الضباط جميل السيد مدير عام الامن العام، علي الحاج مدير عام قوى الامن الداخلي، ريمون عازار مدير المخابرات في الجيش، ادوار منصور مدير عام امن الدولة، مصطفى حمدان قائد الحرس الجمهوري، وقد نجح فريق 14 شباط، في اقالة هؤلاء الضباط ووجه اليهم تهمة المشاركة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، دون ان تثبت التحقيقات اللبنانية والدولية، صحة هذه الاتهامات، لا بل لم يتبين ان لهم اية علاقة، بعد ان اظهرت التحقيقات ايضاً، ان الشهود الذين اوتي بهم كانوا مزوّرين بعد انكشاف حقيقة الشاهد محمد زهير الصديق، الذي امتنعت السلطات الفرنسية في عهد جاك شيراك عن تسليمه للقضاء اللبناني الذي ادعى عليه بتهمة مشاركته في التحضير للجريمة، طالما قال امام لجنة التحقيق الدولية، انه حضر اجتماعات مع ضباط لبنانيين وسوريين كانوا يعدون لعملية الاغتيال.
بعد حملة التحريض والتجريح والاتهامات الباطلة، كما يؤكد محامو واهل الموقوفين، واعتقال الضباط، بدأ فريق 14 شباط باجتثاث الحالة الامنية السابقة، واقامة نظام امني جديد، الذي اعتمد على قوى الامن الداخلي، بعد تعيين مدير عام لها قريب من «تيار المستقبل» هو اللواء اشرف ريفي، كما انشىء فرع المعلومات برئاسة المقدم وسام الحسن الذي كان قائداً لحرس رئاسة الحكومة في عهد الرئيس رفيق الحريري، وهو ينتمي ايضاً الى «تيار المستقبل» الذي سمى ايضاً وزير الداخلية حسن السبع وهو من المنتسبين له، وقد تم تطويع حوالى 7500 عنصر في قوى الامن الداخلي من احزاب وتيارات التقدمي الاشتراكي و«القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل»، ومن عناصر تابعة لنواب وشخصيات واحزاب سياسية في قوى 41 شباط، بحيث تحولت قوى الامن الداخلي الى لون سياسي واحد، فبدأت التساؤلات حول ما يحصل في هذه المؤسسة التي وصل الخلاف الى قيادتها حيث اعترض ضباط فيها، على هذا الاداء الذي قد يؤدي الى حصول انقسام فيها، اضافة الى بدء التشكيك فيها من قبل المعارضة، التي اعتبرت ان قوى الامن منحازة الى جانب فريق سياسي، ولا بدّ من اعادة النظر فيها، بعد ان جرت محاولات لتهميش الجيش واضعاف مخابراته لصالح فرع المعلومات الذي رفضت المعارضة الاعتراف به، لانه، جهاز غير شرعي، وصدر بمرسوم وكان يجب ان يصدر بقانون من مجلس النواب بانشاء شعبة، وكان هدف قيام هذه المؤسسة الامنية منذ رفيق الحريري، هو انشاء جهاز امني تابع لرئاسة الحكومة، لان مديرية المخابرات كانت ترسل معلوماتها الاساسية الى رئيس الجمهورية اميل لحود.
وكان الصراع بين الحريري ومخابرات الجيش يتصاعد حيناً ويتراجع حيناً اخر، لا سيما في اثناء وجود اللواء جميل السيد في مديرية المخابرات، وقد انعكس ذلك على علاقة الحريري بالمؤسسة العسكرية، وتم النظر اليها بالريبة والشك، مع عدم الانسجام بين قائد الجيش اميل لحود ورئيس الحكومة وبعض الشخصيات السياسية.
ولم يتمكن الفريق الحاكم من ان يغير في قيادة الجيش او مخابراتها، وقد تمكن قائد الجيش العماد ميشال سليمان ان يبقي المؤسسة العسكرية بعيداً عن التجاذبات السياسية وابقاها على مسافة واحدة من الجميع، وهو ما ارساه القائد السابق اميل لحود الذي منع السياسيين من التدخل في شؤون الجيش، وهذا ما جعلهم يشنون الحملة عليه واتهامه بـ«عسكرة النظام»، وتفعيل دور المخابرات والسماح لها بالتدخل في الحياة السياسية والعامة.
ومع انتهاء ولاية لحود وانتخاب العماد سليمان، فان الصراع عاد على المؤسسات العسكرية والامنية، وان المرحلة التي تلت العام 5002 يجب ان يعاد النظر فيها كما تقول المعارضة، والمعركة الاساسية تدور حول قيادة الجيش ومديرية المخابرات لتنتقل فيما بعد الى قيادة قوى الامن الداخلي وفرع المعلومات ثم مديرية الامن العام.
ومن ضمن التعقيدات التي ترافق تشكيل الحكومة، هي وزارة الدفاع ومن سيتولاها، اذ تضع المعارضة «فيتو» على عودة الياس المر اليها، انطلاقاً من ان وزير الدفاع سيقترح مع رئيس الجمهورية قائد الجيش الذي يعينه مجلس الوزراء، وبالتالي فان التوافق على اسمه معبر اساسي لاقراره، لان المعارضة تستطيع من خلال الثلث الضامن منع تمرير اي اسم لقائد الجيش لا ترضى عنه ولا تثق به، وقد اعلن مسؤول العلاقات الخارجية في «حزب الله» نواف الموسوي، انه لا يمكن الموافقة على قائد الجيش والاجهزة الامنية، اذا كانت الاسماء المطروحة، لديها تاريخ من العداء للمقاومة ويوجد شكوك حول علاقاتها الخارجية.
والحذر الذي تبديه المعارضة عموماً والمقاومة خصوصاً، من توزير المر، تعود اسبابه الى ان الادارة الاميركية اعلنت صراحة، انها لن تقدم الدعم للجيش المقدر بحوالى 400 مليون دولار اذا لم يكن المر وزيراً للدفاع وقائد الجيش موثوق منه، ولا ينسق مع المقاومة التي تعلق اهمية كبرى على وصول قائد جيش لا يخرج عن السلوك الذي اتبعه العمادان لحود وسليمان اثناء توليهما قيادة الجيش، اذ كانا على تنسيق وتعاون تامين معها، وركزا على تنشئة الجيش على عقيدة قتالية.
وقد جرى التداول باسماء عدد من الضباط الموارنة لتولي قيادة الجيش، حيث تقدم مدير المخابرات الحالي العميد جورج خوري هذه الاسماء، من ضمن لائحة ضمت كل من ضباط: جان قهوجي، مروان بيطار، بول مطر، شارل شيخاني، وهم من الضباط الاكفّاء واصحاب سيرة حسنة ونهج وطني. ويبدو ان هذه الاسماء لم ترق لاطراف في الموالاة، كما للادارة الاميركية التي طلبت معلومات عن كل ضابط ومدى علاقته بالمقاومة وسوريا، ومدى استعداده للتعاون مع البرنامج الاميركي لاعداد وتسليح الجيش وتأهيله، اي اخراجه من عقيدته القتالية وتنسيقه مع الجيش السوري والمقاومة، وتحويله الى قوة عسكرية للداخل لتجريد المنظمات المسلحة من سلاحها اي وضعها في مواجهة المقاومة التي حذرت على لسان قائدها السيد حسن نصرالله من انزلاق الفريق الحاكم الى هذا التوجه.
وبالاضافة الى الصراع على قائد الجيش فهناك ايضاً مديرية المخابرات التي يتم التداول باسماء ضباط لها من ابرزهم جوزيف نجيم ونديم ابو سمرا، وتقع على قائد الجيش صلاحية تعيين مدير المخابرات كما مديريات اخرى.
اما الاجهزة الامنية الاخرى، لا سيما قوى الامن الداخلي، فان اللواء اشرف ريفي لا مشكلة حوله، فهو ضابط اثبت مهنية عالية في التعاطي مع كل الاطراف، ولا يجري البحث في اسم بديل له، وان المعارضة تركز على فرع المعلومات، واستبدال رئيسه المقدم وسام الحسن الذي يصر سعد الحريري على ان يبقى في موقعه.
وفي مديرية الامن العام، يحاول العماد ميشال عون استعادتها الى الموارنة، بعد ان نقلها العماد لحود الى الشيعة لتعيين اللواء السيد مديراً عاماً لها، وقد يتخلى حليفا عون الرئيس نبيه بري و«حزب الله» عنها لتكون من حصة عون وتعود مديرية امن الدولة الى الشيعة.
Leave a Reply