على باب «سكرتيري أوف ستايت»

كيف تنجو من عذاب أليم؟

 

قضيت الشهر الماضي بطوله أبحث عن وسيلة أجدّد فيها رخصة قيادتي، فأنا وبرغم إقامتي قانونيا في ولاية ميشيغن على مدى دزينة السنوات الماضية، إلا أنه حين جاء الوقت لمواصلة الإستفادة من هذه «الميزة» التي منحتني إياها قوانين الولايات المتحدة، وجدت نفسي حائرا، كيف أثبت لموظف «سكرتيري أوف ستايت» المحترم، أني مقيم هنا بشكل شرعي، ويحق لي تجديد رخصتي وفق القوانين المعمول بها في الولاية، حتى بعد أن تم تعديلها قبل عدة أشهر، لكن لا حياة لمن تنادي، وحين كنت أزور أحد مكاتب هذه الدائرة في كل من ديربورن وديربورن هايتس وفلنت، وأقضي ساعات في الدور وأفرد أوراقي وبطاقاتي وإثباتات سكني، كان البعض من الموظفين ينظر إليها ويطلب المزيد، حتى تجمع لدي ملف صرت أحمله دوما في سيارتي وأجول به من «سكرتيري أوف ستايت» إلى أخرى في عدد من المناطق القريبة والبعيدة، وحين أصابني الإحباط حاولت شرح المعاناة الإنسانية التي ستلحق بي في حال منعت من قيادة سيارتي، إذ كيف يمكن لي توصيل أولادي إلى المدارس؟ وكيف لي أن أذهب للتسوق؟ وكيف لي أن أزور أقاربي؟ وكيف لي أن مرضت أذهب إلى الطبيب؟ وكيف وكيف وكيف؟؟ ناهيك عن المعاناة النفسية لشخص يمتلك سيارة ويقودها منذ ثلاثين عاما.

لجأت إلى الإنترنت علّني أجد ولاية أكثر تسهيلا لتحقيق هدفي فوجدت أقربها أوهايو، وكان عليّ أن ذهبت إلى هناك لتجديد رخصتي الصادرة أصلا من ميشيغن أن أخضع لفحص وأثبت سكني هناك مع حمل ما يلزم من فواتير كهرباء وماء، وجدت ذلك صعبا فلجأت إلى محام علّه يخلصني من هذه الورطة، قال لي بالحرف الواحد «أي مكاتب «سكرتيري أوف ستايت» ذهبت إليها»؟ قلت له: «ديربورن وديربورن هايتس وفلنت». قال لي: «هؤلاء عنصريون يعاملونكم بهذه الطريقة لأنكم عرب، إذهب إلى مكاتبهم في مدينة آن آربر، ولا تظهر لهم أية أوراق من هذه التي تحملها في ملفك، باستثناء رخصتك القديمة وسيقومون بتجديدها على الفور، فهم في مكتب آن آربر جيدون».

بالفعل ذهبت الى هناك فورا وأتممت تجديد رخصتي في دقائق معدودة. وحين سألته كيف ذلك، قال لي «التعديلات التي طبقت قبل عدة أشهر على رخص القيادة تعنى فقط بصرف الرخص الجديدة للمتقدمين لأول مرة، أما تجديدها فلم يطرأ شيء عليها»، وأشار لي نحو كلمة جاءت في مقدمة القانون المعدل، في ورقة يتم تداولها في مكاتب «سكرتيري أوف ستايت» الكلمة هي «أوريجينال» وتعني صرف رخصة القيادة لأول مرة، فالبنود والشروط الواردة في تلك الورقة تنطبق فقط على فئة المتقدمين للحصول على رخصة قيادة لأول مرة وليس تجديدها.

سردت هذه القصة ليتنبّه إليها أبناء جلوتي من هم وضعهم مثل وضعي، لديهم رخص قيادة ويودون تجديدها وليس لديهم «رقم ضمان إجتماعي» فذلك هو حجر العثرة الذي وضعه موظفون متزمتون في طريقي، فهؤلاء ممن ليس لديهم هذا الرقم عليهم التوجه إلى دائرة الضمان الإجتماعي والحصول على شهادة بأنهم لم يصرف لهم من قبل هذا الرقم، وعندها حين يراجعون مكتب «سكرتيري أوف ستايت» لتجديد رخص قيادتهم، ما عليهم سوى إبراز وثيقتين: الرخصة المنتهية وشهادة دائرة الضمان، فإذا كان لهم جلد على الحوار فليجادلوا، وإلا فليذهبوا إلى واحد من مكاتب هذه الدائرة في منطقة تخلو من عنصرية ضد العرب، فذلك سينجيهم من عذاب أليم.