علي منصور
كلما ابتعد الصحافي عن الرغبة والطموح والعمل للوصول لمراكز سياسية بالانتخاب أو بالتعيين، كلما كان أكثر وضوحاً ومباشرة في مقاربة الموضوعات على اختلافها، وكان أكثر قساوة… حين تستدعي الحاجة الإضاءة على حدث ما أو قضية معينة.
وبالقدر الذي يختلط فيه الصحافي في الأوساط السياسية والاجتماعية، ويشارك في النشاطات المتعددة تزداد معرفته وتنفتح أمامه الآفاق، ويصبح للحدث أوجه مختلفة وأبعاد متعددة… فليس كل ما أمامنا هو بالفعل كما نراه، أو كما يُصَّور لنا، فأحياناً يكون العكس هو الصحيح.
والخوض في تمحيص الأمور وتقليبها وكشفها أمام الجمهور ليس بالأمر الهيّن أو اليسير، ودونه «مطبات هوائية» قد تقلب الأمور رأساً على عقب. إلاّ أن الحقيقة تبقى ثابتة ولا يمكن لها أن تتبدل وفقاً لتبدل الأمزجة، وكذلك وفقاً للمصالح الواسعة أوالضيقة على حد سواء.
فمقاربة تحليل النزعات البشرية الجامحة نحو السلطة، لهي من أصعب المهمات وأخطرها، لأن في التحليل كشف الخلفيات والأدوات والأساليب المستعملة لتحقيق الأهداف، فكيف إذا اقترن التحليل بدفق من المعلومات والوقائع التي تعرّي أصحاب الهالات المصطنعة والمراكز المستحدثة؟
ليست مهمة سهلة ، ولكنها ليست أيضاً بالمستحيلة، أن يواجه المرء الواقع من دون خوف، ودون محاباة أو تملق، فبين الشجاعة والجبن خيط رفيع، وبين الحق والباطل ضمير حيّ، وبين الحقيقة والوهم «سيرة طويلة».
لا يمكن للَّسان أن يهزم العقل، كما لا يمكن للعقل أن يجاري اللسان. وبحسب القول المأثور: «أن تكون فرداً بين جماعة الأسود، خير من أن تكون قائداً للنعام».
Leave a Reply