لو كان بمقدور فريق الرابع عشر من اذار نزع سلاح المقاومة بقوة السلاح لما كان انتظر على المقاومة يوما واحداً.
طبعاً هذه الفرضية هي ضرب من الوهم، ولكنها موجودة في خيال بعض العقول التي ما ان تستفيق من احلامها حتى تجد واقعها المر وحالها المتردية ومأزقها الذي تعيشه على الارض لناحية عجزها وقصورها عن اللحاق بعجلة المتغيرات الاقليمية والدولية، ليصبح كل ما ينادي ويطالب به الفريق الآذاري مجرد شعارات غير قابلة للتحقيق، وهي بالاصل مناقضة للاتفاقات السياسية المعقودة بين ظهيري الازمة اللبنانية كمسألة المقاومة وشرعيتها في البيان الوزاري الاخير على سبيل المثال لا الحصر.
فالثلث المعطل في الحكومة العتيدة برره الفريق الآذاري بأنه عديم الجدوى والفعالية لان عمر الحكومة قصير ولا يتعدى العشرة اشهر، اضافة الى كونه ما زال يمسك بالاكثرية المطلقة داخل الحكومة. وهنا نسأل لماذا لم تتم الموافقة على هذا المطلب قبل تاريخ السابع من ايار، على اعتبار ان المدة الضرورية لفقدان الصلاحية قد انقضت وبالتالي فان الاكثرية تبيع المعارضة منتجاً فاقد الصلاحية ولا ينفع مشتريه كما تدعي.
كذلك الامر بالنسبة لقانون الانتخابات التي كانت الاكثرية تعارض حتى الرمق الاخير تقسيماته القضائية ليتحول فجأة الى انجاز آذاري آخر ادعى سمير جعجع بأنه القانون الذي كان يطالب به.
اما سلاح المقاومة فقد اقر البيان الوزاري به واعترف بشرعيته وبشرعية استعماله التلقائي بوجه العدو الاسرائيلي مع الزام الدولة بالتصدي للاعتداءات الاسرائيلية، وهو ما وقعت به الاكثرية من حيث لا تدري، عبر جعل مسؤولية المواجهة مشتركة بين المقاومة والشعب والدولة. ومرة اخرى وطبعاً ليست الاخيرة، خرج الآذاريون بمعزوفة ان البيان الوزاري هو انتصار لهم ولافكارهم وانهم استطاعوا من خلاله ان يقيدوا المقاومة الى اخر الكلام المبتذل والممل… مع العلم انهم فشلوا في اضافة عبارة «في كنف الدولة» وهي عبارة عادية جداً كان يمكن للمقاومة ان تقبل بها لولا الوضع السياسي المحموم
ولعلمها المسبق بالنوايا الخبيثة المبيتة لها. فكيف يمكن لفريق فشل في خياراته وخسر كل رهاناته السياسية ان يفوز بالانتخابات النيابية المقبلة؟
السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هنا وفي كل مكان .. ما هو الشعار الجامع لقوى 14 اذار اليوم؟ هل هو شعار المحكمة الدولية؟ طبعاً لا. هل هو مكافحة الفساد في الادارات العامة؟ هل هو شعار الغاء الطائفية وبناء الدولة المدنية ؟ للاسف لا. المشترك الوحيد لهذه القوى هو نزع سلاح المقاومة في لبنان. وللمصادفة فإن اسرائيل هي عدوة للبنان، وسلاح المقاومة هزم هذا العدو ولقنه اقسى الدروس مراراً وتكراراً. وها هي اسرائيل تقوم بحملة دولية واسعة لاعادة اثارة موضوع تسليح حزب الله وطرحه من جديد في الامم المتحدة وربما في مجلس الامن تحت ذريعة ينطبق عليها القول «عذر اقبح من ذنب». فالدولة الاسرائيلية تطالب بحماية طياريها من صواريخ حزب الله المفترضة خوفاً عليهم من الوقوع في الاسر بينما ينفذون اعتداءاتهم على لبنان. ضمناً يعني هذا بأن اسرائيل لن توقف طلعاتها الجوية فوق لبنان لان ذلك يمثل احد اهم العوامل الحيوية لجيشها، وهذا ما يدفعنا الى تفهم «الصرخة الاسرائيلية» في وجه المجتمع الدولي وفي وجه قوات اليونيفيل العاملة في لبنان. فليس سهلاً على اسرائيل ان ترى على حدودها قوة استراتيجية تهدد اهم واقوى ما تملكه من قوات جوية هي اساس تفوقها على قوى المنطقة مجتمعة.
ولكن ما لا يمكن فهمه في لبنان، هو هذه التنازلات المجانية من قوى 14 اذار لصالح الدولة العبرية. اذا كانت غباءً سياسياً فعلى هذا الفريق ان يعتزل السياسة وينسحب لانه ليس اهلا لها. واذا كانت عن فهم وقناعة فتلك اكبر واعظم، ولن يبقى وقتها سوى الاعلان عن التحالف بين هذه القوى في الداخل اللبناني واسرائيل.
فهل يلاقي الآذاريون الضغوط الاسرائيلية العالمية على المقاومة في منتصف الطريق ويبدأون بحملتهم الانتخابية تحت شعارهم الجامع: نزع سلاح المقاومة. وعلى ماذا يتكل هذا الفريق لحماية لبنان من الاطماع والاعتداءات الاسرائيلية؟ على اتفاقية الهدنة ام على اتفاق 17 ايار جديد ام على جحافل جيوش الرباعية العربية المرابطة من المحيط الى الخليج؟!.
لو كان بمقدور سمير جعجع ان ينزع سلاح المقاومة «بقوات الصدم» لما كان انتظر لحظة واحدة، ولكن لولا الماء لمات الانسان.
Leave a Reply