غزة، تل أبيب – تلقت إسرائيل، الأسبوع الماضي، ضربة أمنية قاسية، بعدما تمكنت مجموعات فدائية من تنفيذ سلسلة عمليات على مستوى عال من الدقة والتنظيم، أسفرت عن مقتل ثمانية إسرائيليين، بينهم مسؤول في ما يسمى بـ”شعبة مكافحة الإرهاب”، وإصابة ما لا يقل عن 27 آخرين، على بعد بضعة كيلومترات من مدينة إيلات (أم الرشراش) قرب الحدود المصرية، نجح خلالها المنفذون في استهداف حافلة للركاب، كانت تنقل عدداً من جنود الاحتلال، قبل أن يستدرجوا قوات الجيش إلى كمائن متعددة، استخدمت فيها أسلحة رشاشة وعبوات متفجرة وصواريخ مضادة للدروع وقذائف هاون، وامتدت من فترة الظهيرة حتى المساء من يوم الخميس الماضي.
فبعد مداولات قصيرة في وزارة الدفاع الإسرائيلية، وحتى قبل انجلاء الصورة، تم تحديد الهدف: قطاع غزة.
وسعت إسرائيل لإنقاذ هيبتها الأمنية باستهداف غزة، بعدما سارعت إلى اتهام “مجموعات مسلحة” في القطاع بتنفيذ هذه العمليات، في ما بدا أيضا محاولة من رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك للخروج من الأزمة السياسية والاجتماعية التي تواجهها حكومتهما، إذ شنت طائراتها الحربية غارات جوية على قطاع غزة أسفرت عن استشهاد سبعة فلسطينيين بينهم قياديان في ألوية الناصر صلاح الدين، الذراع العسكري للجان المقاومة الشعبية، في وقت تعهدت المقاومة الفلسطينية بالرد على هذا التصعيد، فأطلقت صاروخي “غراد” على مدينة عسقلان، تمكنت منظومة “القبة الحديدية” التي ينشرها الجيش الإسرائيلي في جنوبي فلسطين المحتلة، من اعتراض أحدهما.
وحدّد وزير الدفاع الإسرائيلي النبرة والوجهة حين أعلن من مقر وزارة الدفاع في تل أبيب أن مصدر العمليات هو غزة. وقال إن “الأمر يتعلق بحدث إرهابي خطير في بؤر عدة. والأحداث تظهر ضعف السيطرة المصرية في سيناء وتوسع نشاط الجهات الإرهابية هناك. إن مصدر الأعمال الإرهابية هو في غزة ونحن سنعمل ضدهم بكامل الشدة والحزم”.
ووجد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ملاذاً من تعقيدات الوضع الداخلي والسياسة الخارجية ومن صداع العلاقة مع تركيا والإدارة الأميركية وأعلن أن “ما جرى عمل خطير أصيب فيه إسرائيليون ومست فيه سيادة الدولة. ولذلك فإن إسرائيل سترد وفقاً لذلك”.
تسلسل العملية
وبحسب تسلسل الأحداث فإن الأمور بدأت في الساعة الثانية عشرة ظهر الخميس الماضي حينما تعرضت حافلة إسرائيلية مليئة بالجنود تعمل على الطريق بين بئر السبع وإيلات لإطلاق نار من سيارة. وقد فرت الحافلة، وهي محملة بالإصابات، ولم تتوقف ولكنها استدعت قوات الجيش. وهكذا في الثانية عشرة والنصف وقعت أول دورية للجيش الإسرائيلي وصلت إلى المكان في كمين حيث تمّ تفجير عبوة ناسفة بها. وبعد خمس دقائق أطلقت على المنطقة قذائف هاون. وبعد حوالي نصف ساعة أطلقت خلية صاروخاً مضاداً للدروع نحو عربة إسرائيلية. وبعد ذلك أطلقت الخلية صاروخاً آخر نحو عربة أخرى. بل إنه بعد ساعات من ذلك نشرت إسرائيل أنباء تفيد بأن العملية لم تنته وأن هناك تبادلاً لإطلاق نار على الحدود مع مصر.
ومن الواضح أن الخلية التي أدارت العملية كانت تتحرك من مكان إلى آخر وأنها استغلت الارتباك الذي ساد المنطقة. بل إن قسماً من ركاب الحافلة زعموا أن نيراناً وجهت نحوهم من الجانب المصري. ولهذا الغرض فرضت القوات الإسرائيلية نوعاً من الحصار على المنطقة وأقامت حواجز تفتيش ومنعت العربات الإسرائيلية من الحركة. وأشارت المصادر الإسرائيلية إلى استشهاد سبعة من الفدائيين على الأقل، ولكن هذا الرقم لم يتأكد من أي مصدر آخر.
وبادر سلاح الجو الإسرائيلي إلى استهداف مواقع حكومية ومواقع للمقاومة في قطاع غزة مركزاً على الاغتيالات، ومؤكداً أن ما تم استهدافه ليس نهاية المطاف. وقال رئيس أركان الجيش الجنرال بني غينتس بعد بدء الغارات أن الجيش “عمل في المكان الذي نظن أنه توجد فيه جذور الحادث”. ووعد غينتس سكان إيلات بأن يواصلوا العيش بهدوء.
Leave a Reply