ستيرلينغ هايتس – خاص “صدى الوطن”
مع تعثر قانون إصلاح الهجرة في الكونغرس الأميركي تقوم إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بدفع أجندة ترحيل المقيمين بصورة غير قانونية بصورة غير مسبوقة في عهد الإدارة الديمقراطية الحالية، وسط توقعات باقدام سلطات الهجرة والجمارك الأميركية على ترحيل عدد قياسي من المهاجرين هذا العام.
واذا كانت عمليات ترحيل المقيمين بصورة غير شرعية تحمل معها في معظم الأحيان تغيرات مأساوية لأصحاب العلاقة ولعائلاتهم، فإن واحدة من حالات الترحيل على الأقل ستمثل ذروة الألم والمعاناة لفتاة من أصل ألباني تدعى علا كاسو (18 سنة) من مدينة ستيرلينغ هايتس. فهذه الفتاة التي ستتخرج بتفوق هذا العام من الثانوية العامة (هاي سكول) بمعدل دراسي 4,4، سترغم بعد أيام قليلة من تخرجها على مغادرة الولايات المتحدة.
“لقد كان شعورا عظيما بالفعل رؤية تلك الطاقة في الهواء الطلق، من كل الناس”. هكذا تتذكر علا رحلتها الى المشاركة في حفل تنصيب الرئيس باراك أوباما في العاصمة واشنطن قبل نحو ثلاث سنوات.
ويشرق وجه علا وهي تتحدث عن هذه التجربة، عندما ذهبت مع مجموعة طلابية قيادية من “ثانوية كوزينو” في مدينة وورن، حيث تمضي سنتها الأخيرة قبل التخرج حاملة معدل 4,4!
وحتى ما قبل أسبوعين فقط كانت علا تعتقد أنها متجهة نحو “جامعة ميشيغن” للانخراط في برنامج التحضير لكلية الطب في الخريف القادم.
لكن، رغم أن علا تبدو أميركية الهيئة والنبرة مثلها مثل أي مراهقة أميركية أخرى إلا أنها لا تحمل الجنسية الأميركية ولا بطاقة الإقامة الدائمة (غرين كارد).
فهذه الفتاة ولدت في ألبانيا وحملتها والدتها الى الولايات المتحدة مع أختها الكبرى عندما كانت في الخامسة من العمر. دخلت الأم وابنتاها الى اميركا بصورة قانونية بموجب تأشيرة زيارة ثم تقدمت بطلب اللجوء.
غير أن ملف العائلة رُفض وأخفق محاميها السابق في التقدم بطلب استئناف في العام 2003. ومنذ ذلك الوقت ظلت العائلة في وضع قانوني ملتبس وفي ظل ما يسمى بـ”أمر مراقبة”، يفرض عليها مراجعة سلطات الهجرة في مدينة ديترويت وفق مواعيد محددة.
وكانت العائلة حصلت على تطمينات بأن زيارة دائرة الهجرة في 28 آذار (مارس) الماضي ستكون واحدة من تلك الزيارات الروتينية، لكن أحد عملاء وكالة الهجرة والجمارك المعروفة باسم “آيس” كان قد طلب أن يرى علا في خلال يوم مدرسي.
وتقول شقيقتها نيفيلاونغ إن الضابط طرح بعض الأسئلة عليها ثم أمرها بالخروج الى البهو قائلا إن الأمر لن يستغرق أكثر من خمس دقائق وسوف تعود بعدها الى المدرسة وتلتحق بالحصة الأولى. وتضيف شقيقة علا أنه بعد ثانيتين استدعوني الى البهو حيث صعقت برؤية أختي علا ووالدتي مقيدتين، لنكتشف أن كل ما قيل لنا حتى تلك اللحظة كان مجرد أكاذيب.
ابلغ الضابط الشقيقة الكبرى أن والدتها وشقيقتها علا هما قيد الاحتجاز وسوف يتم ترحيلهما قريبا. قامت نيفيلا بالاتصال بمحامية العائلة الحالية آشلي ممو، وهي ترتجف.
حضرت المحامية وقابلت علا للحظات وجيزة قبل أن تسرع للقاء مسؤولي “آيس” في الداخل.
وفيما كانت المحامية ممو تسرع في تحضير ملف وقف عملية الترحيل الفوري للوالدة وابنتها، طلبت رؤية علا مرة ثانية، الا أن ضباط الهجرة والجمارك أبلغوها أن علا قد نقلت الى السجن.
وعلمت المحامية لاحقا بعدما تم الإفراج عن علا عند السادسة مساء أنها كانت محتجزة في مكتب في الجهة المقابلة للشارع ومقيدة الى كرسي لساعات عدة.
ونجحت المحامية ممو في تأخير تنفيذ قرار الترحيل حتى شهر حزيران (يونيو) القادم، مانحة إياها الوقت الكافي لإنهاء عامها الدراسي.
وقد امتنع ضباط “آيس” عن الاجابة على اتصالات أجريت معهم للتعليق على هذه القصة. لكن المحامية ممو تقول إن قصصا كهذه أصبحت أكثر شيوعا مع تفعيل ادارة أوباما عمليات الترحيل. وتفيد احصاءات أن وكالة آيس أقدمت على ترحيل عدد قياسي من المهاجرين بلغ 393 ألفاً في خلال السنة المالية الماضية وتريد دفع هذا الرقم للوصول الى ما يربو على ٤٠٠ ألف عملية ترحيل خلال العام الحالي.
وتقول المحامية ممو إن ملفات من نوع عائلة كاسو تجعل من الواضح أن هنالك فجوة كبيرة بين قانون الهجرة ومنطق الأمور السليم.
وتشرح ممو “ان الناس يواجهون صعوبة في فهم أسباب التخلص من مهاجرين من نوع علا. فهذا مناف للمنطق وليس له أي معنى، لكن للأسف هكذا جرت صياغة قوانيننا”.
نيفيلا ونغ، شقيقة علا، متزوجة من مواطن أميركي وتحمل حاليا بطاقة الاقامة الدائمة، لكنها تشعر بالرعب جراء احتمال تفرق أفراد عائلتها. وتقول إن والدتها مستعدة لفعل أي شيء، وحتى رهن الفرن الذي تمتلكه العائلة أو لصق جهاز مراقبة الكتروني على جسدها اذا سمح لها ولابنتها بالبقاء في اميركا، وتجد ابنتها صعوبة في افهامها أن القوانين المطبقة لا تسمح لها بذلك.
وبعد انتشار خبر نية ترحيل علا، قام زملاؤها وزميلاتها وأصدقاؤها وحتى أناس غرباء عنها بتحضير حملة قوية لدعمها. وتقول علا “إذا كان علي المغادرة أريد فقط أن أتأكد أن الناس أكثر ادراكا حول ما يجري. وهذه مأساة تحصل لطلاب وطالبات في عموم أنحاء أميركا، ولا يقتصر الأمر علي”.
وتضيف علا إن عائلتها كانت تدرك على الدوام أنه قد يتوجب عليها مغادرة البلاد التي تعتبرها موطنها. فهي ووالدتها لا تتمتعان بوضع قانوني، لكن وجودهما على الأرض الأميركية لم يكن يوما غير شرعي.
وفي ظل المناخ السياسي السائد يبدو أنهما لن يتمكنا من البقاء.
لكن علا تمتلك أيضاً بعض عناصر القوة التي قد تعمل لصالحها، فهذا الأسبوع بعث عدد من الشيوخ الأميركيين برسالة الى الرئيس أوباما يطلبون فيها أن تمارس ادراته حق حرية التصرف في بعض الحالات لمنع عمليات ترحيل مجمعة منتقاة من الطلبة المهاجرين وعلا واحدة منهم.
المصدر: “ميشيغن راديو”
Leave a Reply