كشفت اللجنة الاميركية العربية لمكافحة التمييز (أي دي سي) في احتفالها السنوي مساء الجمعة الماضي الغطاء الكثيف عن واحدة من أهم التحديات التي يواجهُها مجتمعُ الجالية العربية الأميركية والكلدانية وهي «العنفُ المنزلي»… وذلك بمنحها جائزة المغفور لها «هلا مقصود» للدكتورة هدى أمين الباحثة المتخصصة في قضايا العنف المنزلي.لاشك ان ظاهرة العنف المنزلي متفشية في كافة المجتمعات الإنسانية، الا ان اكثرها حدة هي ما يشهدها المجتمع العربي بكافة شرائحه.. فجرائمُ القتل لغسل العار وحماية الشرف يزدادُ عددُها في بلدان كمصر والعراق والاردن وسوريا والسعودية ولبنان واليمن، وبين المغتربين العرب والمسلمين في الدول الغربية والاوروبية، وتشير تقاريرالهيئات الدولية المعنية التابعة للامم المتحدة والهيئات الاخرى.. ان هناك قوانين موضوعة تحمي مُرتكبي الجرائم الذين يَثبتُ أنهم ارتكبوا جرائم دفاعاً عن الشرف.لا ادري ان كانت سلوكيات الرجل الشرقي.. وخاصة في مجتمع الجالية العربية الأميركية والكلدانية تندرج تحت قائمة العنف المنزلي، هذه السلوكيات التي ربما كانت أصعب على الضحية، التي هي في معظم الحالات المرأة، الأم، الاخت، الأبنة والزوجة من جرائم القتل والموت السريع، وتتمثل هذه السلوكياتُ بالضغوط التي تـُمارس على الانثى وتقيد حريتها وتحركاتها داخل وخارج البيت، والاهانات المتمثلة بعبارات ««اسكتي، سدي بوزك، شوبعرفك، غبية، جاهلة، والقائمة طويلة…» من عبارات التقليل من شأن وأهمية الانثى، وقضايا الزواج بالاكراه والزواجُ المبكر، واجبار الفتاة في مجتمع الجالية على التوجه الى الوطن الأم وترتيب إجراءات زواج سريعة، إما من أجل احظار القريب او الصديق الى الولايات المتحدة او بهدف تخلص الأهل من شر وعار وشيطنة البنت، ومروراً بسلوك الرجل العنصري تجاه الانثى، فاذا تكلم معها بشأن ما، يبحلق بعينيه ويثبتها نحو المرأة فيما يتطاير الشرر من عينيه وهو في حالة مخاطبة الزوجة، الابنه او الاخت.وفيما تُفسرُ أسبابُ «العنف المنزلي» الأميركي بأنه في معظمه ذو أسباب اقتصادية، فأنه في مجتمع الجالية العربية الأميركية والكلدانية ثقافي بحت. واذا كنا هنا لا نقصد التعميم ونحن نطرح مثل هذه المواضيع الهامة، فأننا بلا شك نتحدث عن شريحة كبيرة في مجتمع الجالية تعاني من العنف المنزلي بجناحيه الجسدي والنفسي.ثقافتنا العربية توفرُ للرجل وتمنحه دوراً سلطوياً وتتيح له استخدام كافة الضغوط على الانثى واهانتها وسلب ارادتها كيفما شاء… وهو اي العنف المنزلي في الجالية يختبئ تحت طبقات كثيفة من التقاليد والقيم التي تتمحور حولَ مبدأ المحافظة على شرف العائلة وسمعتها، وان الرجلُ هو المسؤول الأول والأخير عن كيفية الانصياع لهذة المبادئ وتطبيقها بحذافيرها من جانب المرأة فقط! المرأة التي تعزز هذه القيم والتقاليد المتخلفة وتشجعها مستندة الى مبدأ آخر تفرضه الثقافة العربية وهو مسؤوليتها في المحافظة على تماسك العائلة وتضحيتها وصبرها وصمتها على الظلم والأهانة من أجل تربية وتنشئة الاطفال. مواقف المرأة هذه وان كانت متسمة بالقهر والرهبة والخوف، لا تخلو من بعض الايجابيات… فأنها تكرسُ سلوكُ الرجل في مواقفة المتعنتة وتمسكه بعادات وتقاليد وافكار بالية عفى عليها الزمن.لا يوجد قانون في العالم يحمي الضحية «الصامتة».. ولن يحدث تغييرُ.. إلاّ اذا خرجت الانثى عن صمتها وتحدت سلوك العنف اليومي الممارس ضدها فالظلم لن يكون ظلماً اذا جوبه بالتحدي. تحية للدكتورة هدى أمين وتهانينا لها على الجائزة التقديرية ونحن على ثقة ان جهودها في شق طريق التغيير لن تذهب سدى…!
Leave a Reply