رحمة الله على محمدالبوعزيزي التونسي، العزيز على قلب ربيع الثورة العربية المظفرة لأنه دشن عصر إستعادة الكرامة والشرف العربيين وعودة الوعي للشعوب العربية متكئاً على ما بدأته قوى المقاومة والممانعة. وما أجمل سقوط حسني مبارك الذي أسقط بدوره أحقر نظام سمي جوراً وظلماً: النظام الرسمي العربي. فلولا خلع مبارك لما تصالحت فلسطين مع نفسها بعد أن كادت القضية تضيع بين صراع القوى على السلطة، ولما أصبحت أبواب فلسطين مشرعة على إنتفاضة ثالثة سوف تلاقي الربيع العربي في الوسط من أجل العودة إلى فلسطين وعودة فلسطين إلى موقعها كقضية العرب المقدسة الأولى رغم أنف الجاحدين. الآن عرفنا سر الهلع الإسرائيلي من قلع النظام الفرعوني الساداتي اللامبارك وسر طلب نتنياهو من أوباما أن يطلق يد حليفه في قتل المتظاهرين الأبطال في مصر المحروسة، وأن يدافع مباشرةً عن نظام آل سعود عندما تصل الموسى إلى ذقونهم.
لقد تفوق أبناء الشعب الفلسطيني واللبناني والسوري والاردني والمصري وباقي المتظاهرين الذين توجهوا في١٥ أيار إلى فلسطين المحتلة في الذكرى الـ٦٣ لضياع فلسطين، تفوقوا على ذواتهم وعلى الأنظمة البالية التي فشلت في كل شيء، فتحدوا بصدورهم العارية دولة الإحتلال ودمروا الحدود المصطنعة في مارون الرأس، التي رفعت رأس العرب في ملحمة المقاومة ضد الغزاة، والجولان الأبي المحافظ على هويته العربية. لقد أربك الشهداء، الذين سقطوا مضرجين بدمائهم التي روت تراب الجنوب، دولة الإحتلال فكانوا حتى في موتهم منتصرين على الصهاينة الذين ما زالوا يعيشون تداعيات التظاهرات السلمية التي دفنت العجز العربي ربما إلى الأبد. ذلك أن كرة الثلج العربية سوف تتدحرج لكي تصبح مليونية تعرف من أين تدخل في الوطن، ومن هنا مأزق إسرائيل الحقيقي والخطر الوجودي على كيانها. ألم نقل في مقالة سابقة أن هذا العام ليس عام إسرائيل أبداً لأنه فأل سيء عليها، والحمدلله؟
وفي الوقت الذي التحم الدم الفلسطيني بالتراب العاملي والسوري، كانت أنظمة الردة تمارس “البزنس” كالعادة وكأن شيئاً لم يحدث بعدأن شكلت أنظمة التوريث والروث الاخلاقي حلفاً غيرمقدس بينها لتطويق “الربيع العربي”. ففي باريس، سربت صحيفة فرنسية خبر لقاء بين وزير حرب العدو ووزيرخارجية قطر جاسم بن حمد لكي يطمئن إسرائيل أن “الربيع العربي” لن يشكل خطراً على أمنها! ويأتي هذا الخبر، الذي لا ولن يشكل إحراجاً لقطر الواضعة رجلاً في البور وأخرى في الفلاحة، بعد تسريب خبر آخر مفاده أن الموساد الإسرائيلي تعاقد معها “للإشراف” على أمنها أثناء انعقاد مونديال “الفيفا” في ٢٠٢٠! هل هناك إهانة أكثر من هكذا خبر؟ بالتأكيد لن تتناول قناة “التزويرة” هذين الموضوعين.
أذكرأنه خلال ثورة ليبيا حصل تلاسن بين مذيع القناة القطرية وأحد مجرمي القذافي. قال المذيع القطري “عندما تصل الأمور إلى قطر ونسكت عنها، عندها حاسبنا”، فماذا يقول اليوم هذا المذيع عن تعامي قناته عن مجازر البحرين وخبر تصدير الغاز القطري لإسرائيل بدلاً عن مصر؟
أما في “مسخرة الوطن” ففيه ما يبعث على الغثيان فعلاً! ففلسطين هي آخر هم سياسييه المنافقين، والبوصلة عند جماعة “١٤ عبيد زغار” هي دائماً صوب سوريا، بعدما جاءهم أمر العمليات السعودي برفع وتيرة صوتهم (عبر الموتور كبارة) ضد سوريا ومعاداتها رغم التجارب المكلفة السابقة لهكذا مغامرة، إلى أن هدّأ السنيورة “الرؤوس الزرقاوية الحامية” بعد فشل زيارته الأميركية التي أظهرت أن أوباما ينام ملء جفونه من دون السؤال عن لبنان! وإلا كان “المناضل الثوري” فارس سعيد (الدروندي) جاهزاً مع جماعة “١٤ الشهر” لعقد “لقاء تضامني مع الشعب السوري”. الآن فقط حلي الشعب السوري في عيون صغار “١٤ آذار”، لكنهم نسوا التحريض العنصري ضد سوريا منذ ٢٠٠٥ والذي أدى إلى قتل٤٠ عاملاً سورياً في لبنان! ما أكثر نفاق هؤلاء ومكر خريج الحبوس الآخر سمير جعجع الذي أظهر غيرةً على الشعب السوري من الناحية الإنسانية بينما حزبه الفاشي-العنصري-الطائفي بدأ الحرب الأهلية “لتطهير لبنان من الغرباء!” لم يفت جعجع هذا أن يدافع عن أسياده السابقين وعن “حق” إسرائيل في “حماية” سياجها! لقد صدق الهارب–العائد مروان حمادة، لمرةٍ واحدة، عندما وصف فريقه وصفاً دقيقاً في “ويكليلكس”!
لكن لماذا نلوم جعجع؟ فها هي “القمة المروحية” التي انعقدت في بكركي تقزم الصراع مع إسرائيل على أنه بينها وبين الفلسطينيين! أما كلمة “مقاومة” فقد تفاداها البيان وكأنها “طاعون” كلامي، ذلك أن الذي سيحرر لبنان بعرف البطرك الجديد بشارة الراعي هو “الدولة” التي لم تمنع إسرائيل من قطع شجرة عديسة وتملك أسطولاً جوياً مكوناً من طائرتي “هوكرهنتر” عمرهما ٦٠ عاماً.. ولحناً مسروقاً للنشيد الوطني! لكن الدولة تحظى ببركة “مجد لبنان سرق منه”. من كان يراهن على تغير موقف بكركي برحيل صفير (الذي كان أفضل إنجازله هو تقديم إستقالته) مثله كمثل المراهن على تغير موقف الإدارة الأميركية من إسرائيل أو مثل “ناطر السمك بالمي”. هل هناك حاجة لإستحضار سيرة شربل القسيس؟ بكركي لم تستخدم عبارة “العدو الإسرائيلي” في قاموسها إلا في المرات النادرة جداً، كما أن بطركها المقال هو الوحيد الذي إستخدم كلمة “العروبة” للتحريض ضد فريق لبناني. بل الأنكى أن مصادر بكركي إستاءت من تحفظ المجلس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي يمثل أحد أكبر طوائف لبنان معتبرة أن تحفظه على بندين من البيان هو كلامٌ سياسي. فهل انعقدت القمة يا ترى لقراءة دعاء الجوشن الكبير مثلاً؟
فعلاً، كم نفتقدك سماحة الإمام السيد موسى الصدر …وفهكم كفاية!
Leave a Reply