مريم شهاب
«خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ» (سورة الأعراف–199).
أعترف أنني كثيراً ما أجد نفسي مستَفزّة ومحشورة في زاوية، ومضطرة إلى الدفاع عن ديني ومعتقداتي. فمنذ مدة طويلة، وسنين عديدة، أي منذ وصولي إلى الولايات المتحدة واستقراري في مدينة ديربورن، صدمت بكم البرامج الدينية المتلطية وراء المسيحية، ومواقف القائمين في تجنيهم الفاضح على الدين الإسلامي ودأبهم على السخرية منه وتحقيره.
كتبت مرات عديدة عن ذلك، ونلت نصيبي من الشتائم والتجريح والتخوين، رغم أني لم أكتب سوى بمحبة ورجاء لأن ندع الدينَ لله ونعيش في هذا البلد العظيم على كلمة سواء بيننا، بلا حزازات دينية وعصبية وطائفية. فقط دعونا نتعايش بمحبة كي لا نكرّر ما فعلناه في بلادنا من تحزب وتطييف وتسييس وإفساد.
ورغم العصبية والسخرية من الإسلام ومن النبي محمّد والقرآن المجيد، تعالى رجال الدين المسلمون عن الرد متحلين بالصمت، فالصمت من ذهب، وهم محقون بالترفع عن تفاهات وحماقات بعض «المبشّرين» و«المتحولين» من الإسلام إلى المسيحية.
لكن ما استفزني حقاً هذه المرة، وفتح شهيتي مجدداً للرد والكتابة مرة أخرى عن هذا الموضوع هو ما أدلى به الأستاذ أسعد كلشو في برنامجه الإذاعي، الأسبوع الماضي، حين تساءل وبكل خفة وغرور: أنت، من أنت، ومن أعطاك الحق لتقول إنّك نبي، وإنك مكلف برسالة للبشر؟ من أنت ومن أين لك السلطة لتأتي بدين جديد وتتجاوز الأديان السابقة؟ من تكون لتجرؤ على ذلك وتخدع الناس بقولك إنك رسول؟ من هو إلهك؟
المستمعون، وأنا منهم، لم يستغربوا أن يستطرد الأستاذ كلشو بأسلوبه المتمادي في السخرية من الإسلام والمسلمين ونبيّهم وكتابهم، كأنه وحده يملك الحقيقة وعقيدته هي الصواب المطلق رافضاً الانفتاح على أى رأي آخر، لأنه ببساطة نصّب نفسه زعيماً على بني قومه، ويا ويل من يخالفه الرأي!
لا أفهم من أين يأتي الأستاذ كلشو وغيره من المكذبين، بهذه الثقة الزائدة بأنهم على صواب والآخرين في ضلال. ثم يتشدقون بالحرية والديمقراطية.
عن أية حرية وأية ديمقراطية يتحدث كلشو؟ هل هي حرية إلغاء الآخر بشطب دين سماوي كما يشطبُ سطراً كتبَه تلميذ في مدارسه.
تنشئة أجيال المستقبل وتربية أبناء الحياة لا تكون بالشتم والهدم، بل بوضع حجر زاوية لبناء مستقبل مشرق بالحرية واحترام الآخر والابتعاد عن التسلط والبلطجة على الناس، والحض على نشر المحبة والرحمة بينهم.
ورغم الكارهين الذين يدعون اتّباع المسيح، وينشرون الكراهية باسمه، سيبقى المسيحيون الحقيقيون على صراط عيسى ابن مريم، الذي آتاه ربنا الإنجيل و«جعل في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة…» كما يقول قرآننا الكريم.
Leave a Reply