الله محبة، منها انطلقت كلمة مرحبا التي يحيّي الناس بها بعضهم بعضا.. المحبة هي الأساس. هي نقطة البداية في التكوين.. أي تكوين.. صداقة.. عشق.. زواج.. عمل.. أي علاقة من أي نوع كانت، يجب أن تبنى على المحبة التي اتصف بها الخالق جل جلاله (المحبة تضمكم الى جناحيها كأغمار حنطة). المحبة علاقة أزلية تعزز انسانية الانسان وتنقيه من الشوائب.
الرابع عشر من شباط عيد الحب، عيد القديس فلانتاين، فيه يحتفل العاشقون ويرتدون ملابس حمراً ويتهادون ورودا حمراً وأرجوانية تيمناً بالقديس، فتجدد حالات العشق والمحبة، الوالد لزوجته وأطفاله والمرأة لزوجها وفلذات أكبادها، والعاشق لمعشوقته، والارض للمطر والمراكب للسفر، والطير للتحليق، والفلاح للسنابل والغلال، كل يحب على طريقته، تبدأ الحالة من حلقتها الأولى بين اثنين ليكبر الحب شيئا فشيئا حتى يصل إلى الحب الأكبر، الأسمى والأقوى والأعنف، هو حب الوطن الذي مابعده حب.
عيد الحب يذكرني بأيام المراهقة، عندما كنا ننتظر على أبواب المدارس أو ناصية الشارع لساعات تحت أشعة الشمس الحارقة ووسط البرد القارس، لنلاقي من نحب فإما أن تأتي متأخرة أو لا تأتي قط، وربما لا نعرف لماذا كنا ننتظر!.
بعدما كبرنا صرنا نستعيد ورفاق الصبا شريط الذكريات، وربما أكثرها (هضامة) قصة أحد أصدقائنا الذي أحب فتاة حبا جما وهو لا يزال تلميذا في الثانوية العامة، وتعاهد معها على الإخلاص والحب للأبد، وكانا يرسمان معاً أحلامهما الوردية ويخططان للمستقبل الزاهر.. وذات يوم هرب من المدرسة مبكراً لينتظر من يحب في الشارع، بعد أن أعد لها قصيدة شعرية وتفنّن في انتقاء كلمات الغزل الرقيق، سرق معظمها من اشعار قديمة.. انتظر ساعات ولم تأت.. وقبيل حلول المساء لمحها تنزل من سيارة مع أمها وشاب غريب، ومعها أكياس محملة بالملابس والهدايا.. ابتسمت له وأمسكت بيد الشاب وعلم من الجوار أنها خطبت قبل يوم وتزوجت خلال أسبوع.. رمى الأشعار أرضا وهام على وجهه.
دائما نذكر صديقنا بتلك الحادثة وما جرى له بعدها، فيضحك ويردد أغنية الراحل الكبير نصري شمس الدين: إذا نعوم حبها لنعيمة، انا بزماني حبيت وحدة اسمها حليمة وبالاخر مااتجوزنا والسلامة غنيمة، خلي الحب يضلو حب، نعيمة أو حليمة.
أدام الله المحبة في قلوبنا جميعا وكل عام والمحبون بخير.
Leave a Reply