خليل إسماعيل رمَّال
بمناسبة الإحتفال بعيد النصر والتحرير فـي ٢٥ أيار النوار (مايو)، نرفع أسمى آيات التحية والتبجيل والاحترام والإجلال والتقدير وإسداء كل الصفات السامية والشريفة والنبيلة فـي لغة الضاد لهذه المقاومة الإسلامية العظيمة فـي عيدها الخامس عشر. المقاومة التي أسَّست لعهدٍ جديدٍ معزَّز بالنصر والكرامة والاستقلال الحقيقي الناجز رغم كيد الحاقدين التكفـيريين السفَّاحين والصهيونيين و«الريفـيين» وأشباههم.
سيذكر التاريخ يوماً ما تفاصيل وحقيقة النصر الإعجازي للمقاومة فـي جرود القَلَمون السورية والذي يكاد يضاهي معركة الإنتصار فـي حرب تموز ٢٠٠٦ ضد العدو الإسرائيلي، الحليف لقوى الردَّة والاجرام التكفـيري اليوم. لقد سمعنا الكثير عن أعجوبة الجيش المصري باقتحام خط «بارليف» الحصين الذي لم يكن اختراقه ممكناً، لكن الجيش المصري فـي حرب تشرين الأول (أكتوبر) ١٩٧٣أو «حرب الغفران» (كما سمَّتْها إسرائيل) تخطَّى التحصينات المتينة وحقق المستحيل لأنه كان جيش جمال عبد الناصر لا جيش أنور السادات، وهو الجيش الذي كان يهيؤه للنصر قبل أنْ يأخذ الله سبحانه وتعالى وديعته ويثكِل الأمة العربية بوجود السادات الذي كان فاتح عصر الهزيمة والخيانة، وبأشباه الحكَّام الرجعيين الزهايمريين المتواطئين!
اقتحام القَلَمون من قبل رجال الله يعادل اقتحام خط بارليف، وهو إنجازٌ ستراجعه الكتب الاستراتيجية العسكرية جنباً إلى جنب مع المعارك المفصلية العظمى فـي التاريخ من حيث التخطيط والتنفـيذ والتكتيك القتالي والاسناد والدعم اللوجستي والإمداد البشري والقدرة النارية والاستطلاع والرصد فـي أرض صخرية وعرة جبلية أين منها جبال طورا بورا فـي أفغانستان التي عجزت عنها دولتان عظمتان هما الإتحاد السوفـياتي المرحوم المأسوف على شبابه الذي نستذكره اليوم، والولايات المتحدة الأميركية.
«جيش حزب الله» حسب وصف الزميل إبراهيم الأمين هو أكبر من جيش دولة وأكثر تدريباً وانضباطاً مما سمح له بتحقيق هذا التفوق الاستراتيجي الذي صعق الأعداء، وأولهم إسرائيل التي لا شك أنها تراقب وتأخذ علماً بأن المقاومة غيَّرت معادلات التاريخ بأكملها، والجليل الأعلى فـي فلسطين المحتلَّة مشتاق للمقاومين وهو على كل حال قطعة حلوى مقارنة مع القَلَمون (أي «بيس أوف كيك» بالإنكليزي). ذلك أنَّ المقاومة عادةً تخوض حرب عصابات ودورها محدَّد بالدفاع عن أرضها لا بالهجوم واقتناص أراضٍ وعرة وجرداء وبلقع وتمتد لمساحات واسعة!
وربَّما لهذا السبب ثارت ثائرة أشرف ريفـي، لا بسبب قرار المحكمة العسكرية بشأن الحكم على الوزير ميشال سماحة الذي دبَّر له مع توأمه وسام الحسن مكيدة دنيئة لاستدراجه، بل بسبب الإنتصار الصاعق للمقاومة فـي الجرود وقطع دابر التكفـيريين عن الأراضي اللبنانية. ثم أنَّ هذا البلد المسخرة بنظامه هو فعلاً مسخ وطن لأنه لا توجد دولة فـي العالم قاطبة شهدت وتشهد سابقة أنْ يقوم وزير العدل فـيها بالتشهير بمحكمة، خصوصاً العسكرية منها، لأن حكمها لم يعجبه مع العلم أنه لم يمنحها كل المعلومات والتسجيلات التي فـي حوزته ربَّما لأنَّ فـيها ما يدين عميله الذي كان يشغِّله مما يفسِّر تصرفه لوحده من دون مرجعية بمنح العميل ذاته ملايين الدولارات من أموال الشعب وتأمين سفره هو وعائلته للخارج حتى لا يتم استجوابه من قبل المحكمة كما يحصل عادةً فـي كل دول العالم. فهذا بلد كل واحد فـيه زعيم ولا يعلم غير الله كيف وكم أنفق ريفـي ووسام الحسن من الأموال السرية وغير السرية على عمليات من هذا النوع.
بوركت هذه المقاومة فـي عيدها وبوركت السواعد التي قامت وتقوم ببطولات خارقة تعجز عنها أكثر الجيوش تسليحاً وتدريباً وإعلاماً حربياً من دون جعجعات وعنتريات ومقدمات وعراضات، بل بصمت وكتمان وثقة وإيمان.
ولم يبق على المقاومة بعد ذلك إلاَّ أنْ تقتحم «خط بارليف» السياسة اللبنانية الداخلية بتغيير هذا النظام المهتريء ووضع اليد مع الجنرال عون لانتخاب رئيس من قبل الشعب لأنَّ المجلس النيابي فقد حقه ومشروعيته وقانونيته مع هذا الكيان المشبَّه لنا بأنه وطن. والذين يتباكون اليوم على النظام نسألهم أين أصبحت سلسلة الرتب والرواتب وأين مشاريع القوانين لمصلحة الشعب والفقراء؟! وماذا نأمل من هكذا برلمان يُشرى ويُباع وينتظر كلمة السر من الخارج لكي يتحرَّك؟ وكيف نترك نوائب مثل خالد الضاهر وعقاب صقر، الذي لا يعرف أين ساحة النجمة لكن راتبه وهو فـي بلجيكا لم يتوقف طبعاً، أنْ ينتخبوا رئيساً للبلاد ولا يحق للمواطن الُمعْدَم المسكين أنْ يقرر هو من يستحق هذا اللقب؟!
معجزة القَلَمون العسكرية يجب أنْ تتكرر سياسياً فـي الداخل اللبناني ولا يحق لأحد شرف القيام بهذه المهمة الجوهرية إلا المقاومة الأبيَّة.
كل عام وأنتم بخير فـي أشرف عيد وطني متوَّج بالعزة والإباء وبركة السماء.
Leave a Reply