زهراء فرحات – «صدى الوطن»
عندما بادرت «صدى الوطن» بسؤال ثلاثة طلاب من اللاجئين يوم الجمعة الماضي، عما يعرفونه عن تاريخ عيد الشكر في إحدى مدارس ديربورن، تحمس الأصدقاء الفتيان وأخذوا يتحدثون معاً بصوتٍ واحد بحيث لم يعد يسمع احدهم الآخر وهو يحاول الإجابة على السؤال.
معلمون وتلاميذ مهاجرون ولاجئون يحتفلون بعيد الشكر في مدرسة «ماكالو – يونس» في مدينة ديربورن. |
وبعد برهة اتفقوا في النهاية فيما بينهم على السماح لسليمان علاء الدين، وهو لاجئ فلسطيني يبلغ من العمر 13 عاماً، بأن يجيب هو أولاً فاستذكر أن «المواطنين الأصليين الهنود علموا المهاجرين كيفية زراعة الذرة والفول وغيرها من المواد الغذائية لأنهم كانوا يتضورون جوعاً ثم أقام المهاجرون لهم وليمة لإظهار امتنانهم».
وأضاف «هذا ما أطلق عليه عطلة عيد الشكر وكل عام يحتفل الأميركيون به عبر احياء الولائم وتناول لحم الديك الرومي والحلوى مع أسرهم».
واعتبر سليمان أن عيد الشكر يذكره «بعيد الأضحى حيث أن المسلمين يذبحون الأغنام ويتغذون بلحومها تماماً مثل المحتفلين هنا بأكل ديك الحبش في عيد الشكر».
وما إن فرغ سليمان من الإدلاء بمعلوماته جاء دور صديقيه بعد طول انتظار فردد عبد الرحمن الشامي (14 عاماً) ومحمد القدور (13 عاماً) صدى كلام زميلهما الجديد في بلاد الغربة.
وافق الطالبان، وهما من سوريا، رفيقهما الفلسطيني «بأن عيد الأضحى، هو وقت للعطاء، مثل عيد الشكر، وأن لحوم الأغنام المضحَّى بها توزّع على الأقارب والأصدقاء والجيران والمحتاجين».
وجاء تنظيم الاحتفال بمبادرة من المسؤولات عن برنامج الطلاب اللاجئين في مدرسة «ماكالو يونس» بمدينة ديربورن، كل من أخصائية علم النفس منى مشرح، ومعلمة الموارد مريم عبادي، والمدربة التوجيهية كارين انغوغليا، اللواتي استضفن عشرين طالبا لاجئاً ومهاجراً حديثاً على مأدبة عشاء مبكر بمناسبة عيد الشكر بعد انتهاء الدوام الدراسي يوم الجمعة 18 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. وقد ساهم عدد من المدرسين المتطوعين في إنجاح هذه المبادرة.
أما الطلاب فاغتنموا هذه الفرصة لتوجيه الشكر لمن يحبون. فقال سليمان الذي قدم إلى هذه البلاد منذ سبعة أشهر إنه يريد أن يشكر الجميع وخاصة معلمته، ليندا حيدر، لتعليمه هو وأصحابه عن التاريخ والثقافة الأميركية.
تلاميذ يحتفلون بعيد الشكر للمرة الأولى |
محمد الذي مضى ثلاثة أشهر فقط على قدومه الى الولايات المتحدة أعرب عن تقديره للمعلمين، وقال انهم جعلوه يشعر بطعم عيد الشكر.
كذلك تحدثت «صدى الوطن» الى ثلاثة أشقاء عراقيين مهاجرين وهم نبأ وضُحى وكرّار فتلة.
اعتلت شفتي نبأ بنت الخمس سنوات ابتسامة مشرقة وهي تلوح بيدها علامة انها لا تعرف ما هو عيد الشكر، قائلة إنها جاءت من العراق للتو.
وضحكت ضحى، شقيقتها الأكبر سناً وعمرها 10 سنوات، ثم أجابت عنها على السؤال المطروح فأوضحت «نحن هنا منذ شهرين». وقد عرفت حتى الآن أن عيد الشكر هو عطلة سنوية تسمح للناس بأن يقدروا قيمة بعضهم البعض معربة عن شكر معلمتها في الصف الخامس، أسمهان مشرح. فما كان من نبأ إلا أن قاطعتها بخجل لتشكر معلمة الروضة، مارغريت روس.
ومن جهته، أعرب كرار (14 عاماً) عن سعادته لأنه حصل على نجمة ذهبية، وهذا يعني أنه الأول في الصف. وقال «عندما جئت الى هنا أول مرة، قال لي بعض الأولاد أن الوقت طويل بالنسبة للقادمين الجدد ليحصلوا على النجمة الذهبية لكن، لقد حققت ذلك».
واستطرد بأنه يريد أن يشكر جميع المعلمين وأرسل رسالة شكر خاص لروندا لانكستر، أستاذة العلوم.
وقامت الموجِّهة انغوغليا بتقطيع ديك الحبش ووزعته على الطلاب في حين انشغل المتطوعون من المعلمين بملء صحون التلاميذ بالبطاطا المهروسة والذرة والسلطة والحمص.
وعلقت عبادي ضاحكة بأن الحمص موجود عادة على أي مائدة عشاء عربية أميركية، حتى ولو لم يكن من ضمن لائحة الطعام التقليدية المعروفة خلال العطل.
وبعد الاستمتاع بوجبة الطعام جاء دور التحلية فأكل الطلاب فطيرة اليقطين (بامبكين باي) وكعك محلى (كوكيز) أثناء مشاهدة فيلم تشارلي براون وعيد الشكر… لا شيء أكثر أميركيةً من هذا.
عبادي شرحت لـ«صدى الوطن» بأن البرنامج لا يزال في مراحله الأولى وهناك مجالات واسعة لتطويره لاستيعاب المهاجرين الجدد. ولكن القيمين على البرنامج يؤكدون بأنهم «مطمئنون الى سير العمل».
وأردفت «نحن سعداء بالطريقة التي يسير فيها المشروع فمنح الطلاب فرصة للحديث عن أيام المدرسة أو أي شيء آخر يحدث يوفر لهم مكانا آمناً للتحدث والاستماع. ونأمل من خلال إطلاعهم على أجزاء مختلفة من الثقافة الأميركية مساعدتهم في التكيف مع الحياة الأميركية».
وزادت مشرح على ذلك بالقول بأنه تم التواصل مع المجتمع المحلي وكان المتبرعون والرعاة للبرنامج كرماء وأسخياء. وتابعت «قدمت وجبات الديك الرومي من قبل أسواق المدينة (ديربورن فريش) فيما قدمت قاعة بيبلوس وجبات الحمص». وخلصت الى القول «إن الطلاب يتأقلمون بشكل أفضل مع الثقافة الأميركية والمدرسة. وعلى الرغم من ان بعضهم يتكلم فقط العربية، لكنهم لم يعودوا يخشون التواصل مع المعلمين الذين لا يتحدثون اللغة العربية».
وختمت بالقول «إن كل يوم جمعة، يتناوب أعضاء البرنامج للتحدث مع الأطفال وتعليمهم شيئاً جديداً يومياً، ليتعودوا على طريقة الحياة الأميركية».
وعلى مدى الأسبوعين المقبلين، يسعى البرنامج لتوفير دروس في لعبة كرة السلة واستضافة حفلة بمناسبة عطلة عيد الميلاد، كما يعمل الأعضاء على تطوير البرنامج لتلبية الاحتياجات التعليمية والتكنولوجية للطلاب في الفصل الدراسي المقبل.
Leave a Reply