واشنطن
بعد مرور أكثر من سبعين عاماً على قيام الحكومة الأميركية باعتقال أكثر من 120 ألف شخص من أصول يابانية وزجهم في معسكرات جماعية خلال الحرب العالمية الثانية، ترى غالبية الأميركيين اليوم أن تلك السياسة كانت فصلاً «مخزياً وغير عادل» في تاريخ البلاد، بحسب استطلاع أجرته مؤسسة YouGov، وهو الأول من نوعه تجاه هذه القضية منذ عام 1942.
الاستطلاع الذي قادته خبيرة الرأي العام كاثي فرانكوفيتش، والذي نُشر الشهر الماضي، شمل 1,116 أميركياً بالغاً، وجاءت نتائجه متباينة سياسياً، إذ وصف 66 بالمئة من المشاركين اعتقال اليابانيين بأنه ظالم أو مشين، وكان الديمقراطيون أكثر ميلاً لوصف هذا الإجراء بأنه «مخزٍ» (57 بالمئة مقارنةً بـ22 بالمئة من الجمهوريين)، بينما وصفه 31 بالمئة من الجمهوريين بأنه «إجراء حربي ظالم ولكنه مفهوم».
وكانت الحكومة الأميركية قد قامت بين عامي 1942 و1946 بنقل واحتجاز أكثر من 120 ألف شخص من أصول يابانية في عشرة معسكرات اعتقال داخلية، وكان ثلثاهم مواطنين أميركيين. ومع ذلك تشير استطلاعات الرأي في تلك الفترة إلى أن 93 بالمئة من الأميركيين دعموا (حينها) عتقال اليابانيين غير المجنّسين، بينما أيد 59 بالمئة اعتقال الجميع بغض النظر عما إذا يحملون الجنسية الأميركية أم لا.
ويأتي الاستطلاع الجديد في وقت تتجدد فيه النقاشات حول سياسات الهجرة والاعتقال الإداري في الولايات المتحدة، خاصة في ظل الإجراءات المثيرة للجدل التي تتخذها إدارة الرئيس دونالد ترامب، بما في ذلك احتجاز وترحيل بعض حاملي الإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء) بموجب قانون يعود إلى القرن الثامن عشر، فضلًا عن تصريحاته بشأن إمكانية ترحيل مواطنين أميركيين دون محاكمة.
وأظهر استطلاع رأي آخر نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في أبريل الماضي أيضاً أن الدعم لسياسات الحكومة يتراجع، رغم موافقة 51 بالمئة من المستطلعين على نهج الرئيس ترامب تجاه الهجرة.
وشمل استطلاع YouGov أيضاً أسئلة حول سياسات الحرب العالمية الثانية، مثل رفض دخول اليهود الفارين من أوروبا الشرقية، والذي وصفه 58 بالمئة من الأميركيين بأنه كان خطأ. كذلك أيد 63 بالمئة دخول الولايات المتحدة في الحرب، لكن 50 بالمئة فقط وافقوا على فرض أول قانون للتجنيد الإجباري في زمن السلم عام 1940. وفي ما يتعلق بحادثتي إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي اللتين أودتا بحياة ما يتراوح بين 150 و246 ألف يابانياً، رأى 40 بالمئة أنه كان قراراً صائباً، بينما عارضه 29 بالمئة من المشاركين.
وأوضحت فرانكوفيتش بأن الاستطلاع «يفتح الباب لإعادة النظر في الكثير من الأمور المتعلقة بالحرب العالمية الثانية»، مشيرةً إلى قضية التعويضات، التي قالت إنها «لم تُطرح حولها أسئلة كثيرة»، في إشارة إلى اعتذار الرئيس الأميركي دونالد ريغان عن الإجراءات التي تم اتخاذها ضد اليابانيين الأميركيين، ومنح كل واحد منهم تعويضات بقيمة 20 ألف دولار. وبحسب الاستطلاع الجديد يؤيد اليوم 64 بالمئة من الأميركيين تلك التعويضات، بينما يعتقد كثيرون بأن المبلغ «كان قليلاً».
لكن حين طُرحت فكرة تعويض أحفاد العبيد الأميركيين من أصول إفريقية خلال السنوات القليلة الماضية، أيدها 38 بالمئة فقط، وعارضها 43 بالمئة فيما لم يحسم 19 بالمئة موقفهم. وكان الانقسام الحزبي واضحاً حيث أبدى 65 بالمئة من الديمقراطيين تأييدهم لتعويض أحفاد العبيد، مقابل رفض 63 بالمئة من الجمهوريين.
أما تعويض السكان الأصليين (الهنود الحمر)، فحظي بتأييد أعلى، إذ دعمه 56 بالمئة من المشاركين، بينهم 75 بالمئة من الديمقراطيين و41 بالمئة من الجمهوريين. وقالت فرانكوفيتش: «التعويضات ترتبط بمشاعرك تجاه المجموعة المتضررة، وتصورك لما جرى لها، وأيضاً بمدى استعدادك لإنفاق أموال الدولة، وهو ما يكون أكثر قبولًا لدى الديمقراطيين».
كما طرح الاستطلاع سؤالاً حول ما إذا كان على الحكومة الأميركية أن تفرض رقابة خاصة على العرب والمسلمين الأميركيين بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 كما فعلت مع اليابانيين بعد هجوم اليابان على القاعدة الأميركية بميناء «بيرل هاربر»، وقد أيد الفكرة 34 بالمئة من المشاركين بينما وصفها 40 بالمئة بأنها كانت ستكون خطأ لو تم تطبيقها، ولم يحدد 26 بالمئة موقفهم من هذه المسألة.
Leave a Reply