بقلم: الأميرة عروبة بايزيد اسماعيل بك
أثار مسلسل «غرابيب سود» جدلاً واسعاً في حبكته الدرامية منذ اليوم الأول لعرضه على عدد من القنوات الفضائية خلال شهر رمضان الجاري. ففي كل يوم تقريباً تظهر في بلادنا شخصية جديدة، دينية، ثقافية، إعلامية تنتقد هذا العمل وتشير بأنه إساءة للدين مع ان هذا العمل لم يسلط سوى القليل من الضوء عما قام به داعش البعيد كل البعد عمّا جاءت به جميع الاديان السماوية من تحريم للقتل والابتزاز والسرقة والاغتصاب وانتهاك للحرمات.
لم يسىء هذا المسلسل للدين بقدر ما أساء الدواعش لدين الإسلام، وإني لأستغرب هنا من الشخصيات العامة وبعض الفضائيات التي أثار حفيظتها هذا المسلسل واعتبرته إساءة للدين! ففي الوقت الذي يستنكرون أعمال الدواعش ويعتبرونها لا تمت للدين الاسلامي بصلة فهم يستنكرون هذا العمل الدرامي ويعتبرونه اساءة للإسلام.
إن دل هذا على شيء فإنما يدل على انه اعتراف صريح وواضح من هذه الشخصيات المنتقدة وحسب وجهة نظرهم بأن الدواعش هم الوجه الحقيقي للإسلام وما يفعله الدواعش هو من صميم الدين وإلا كيف نفهم من استنكارهم هذا بأنه إساءة للإسلام؟
من وجهة نظر أيزيدية أجد أن المسلسل لم ينصف ضحايا الدواعش من جميع المكونات وفي جميع البلدان التي تواجدوا فيها ولم ينصف بالتأكيد، الايزيديين في مأساتهم بالحجم الذي تعرضوا له. فقد كان ما تعرضنا له «جينوسايد» بكل ما للكلمة من معنى، تطهير عرقي ديني بعد أن اتهمونا بأبشع التهم، فقد اتهمونا بالكفر واعتدوا علينا وقتلوا رجالاتنا وجندوا اطفالنا كمجاهدين وسبوا نساءنا ونحن لسنا بالكفار.
كيف نتهم بالكفر مادمنا نعبد الله ولا نشرك به أحداً؟ اننا نعبد الله على طريقتنا الخاصة ونؤمن بأن حب الله يجب أن يكون نابعاً من داخل الإنسان من صميم أعماقه ولا يحتاج الشخص منا في تعبّده لله لواسطة بينه وبين ربه، دعاؤنا لله في الفجر والصبح والظهر ومع غروب الشمس والليل.
نحرم القتل المتعمد وقتل النفس، نحرم أكل مال اليتيم ونحرم السرقة والكذب والزور والربا، نحترم جميع الأديان السماوية وغير السماوية وكل العقائد إيماناً منا بأن ديني لنفسي ودين الناس للناس فبأي معيار صنفونا بالكفار؟
في الواقع لقد أغفل هذا المسلسل عدة جرائم جبانة مقززة قام بها أفراد التنظيم فما أبشع مجزرة سبايكر التي حصلت بحق أكثر من ٢٠٠٠ طالب من طلاب القوة الجوية العراقية في معسكر سبايكر تم قتلهم ودفن قسم منهم وهم أحياء، وكذلك ما قاموا به من قتل جماعي بحق نساء وأطفال ورجال «دولتهم الإسلامية» الزائلة بعون الله، ومن تدمير لأماكن العبادة وتفجير للمراقد الدينية وأضرحة الأئمة الطاهرين (ع) وتدمير لآثار نينوى وآشور والثور المجنح… لقد هدموا الحضارة الآشورية في نينوى. هدموا جزءاً مهماً من التاريخ..
أتمنى ان يترجم هذا المسلسل الى عدة لغات لكي يطلع العالم على أبشع تنظيم تستر خلف الدين عرفه التاريخ الحديث، وأتمنى أن أرى المزيد من الدراما الجريئة التي تنتقد الاٍرهاب وتنبه المواطنين من مخاطره وآثاره، فالإعلام وسيلة مهمة وغاية في الأهمية لتوعية المواطنين من نتائج الانضمام للتنظيمات الإرهابية التي تعمل تحت غطاء الدين. ليوفق الله أبطالنا جميعاً وهم في ساحة المعركة يدكون أوكار العدو ويحررون أراضينا من دنس الدواعش، واندحارهم بات قريباً، والنصر قادم إن شاء الله.
Leave a Reply