ما كاد المصريون يفرغون من بناء جدار فولاذي على طول حدودهم مع غزة، من شأنه تدمير الانفاق ومنع تدفق البضائع والمواد الاساسية عن سكان القطاع بسبب حصار اقتصادي تفرضه اسرائيل على غزة منذ سنتين، سببه عدم امتثال المقاومة لعروض سلام مهينة، ما كادوا يفعلون ذلك حتى بادرت اسرائيل الى اعتزامها نشر بطاريات صواريخ مضادة لصواريخ المقاومة التي كانت تطلقها على المستوطنات المحاذية للقطاع وهي في مجملها صواريخ من صنع محلي، ذات قوة تدميرية محدودة، لكنها لعبت دورا هائلا في تدمير نفسيات الاسرائيليين واعصابهم من سكان المستوطنات التي كانت تقع عليها.
الطريف ان الكيان الاسرائيلي أخذ تلك الصواريخ على محمل الجد وقدر تأثيرها وخاض لوقفها حربا، فيما اعتبرتها قيادات في السلطة مجرد مواسير هزلية تضر الفلسطينيين اكثر ما تنفعهم.
وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك اعلن قبل بضعة اسابيع عن مشروع الصواريخ المضادة هذه، واصفا اياه بـ”القبة الحديدية” سيتم نصبها فوق غزة، ليعود ويعلن عن استبدال غزة بالجنوب اللبناني، تنصب فوقه هذه القبة، لمجابهة صواريخ المقاومة اللبنانية، التي اضحت بعد حرب تموز بحسب تعبير الوزير اكثر قوة وعددا، مضيفا ان الجبهة الجنوبية ويعني بها غزة غير مؤهلة في الوقت الحاضر لاستئناف اطلاق الصواريخ، على عكس الجبهة الشمالية التي يمكن ان تنفجر في اية لحظة يتم فيها شن هجوم أميركي على إيران.
اسرائيل اقامت جدار فصل إسمنتي على طول حدودها مع الضفة الغربية في عهد شارون، لمنع وصول الفدائيين الى مدنها وتفجير انفسهم، نيابة عن الشعب الفلسطيني المقهور، ساعدتها في ذلك مصر التي اقامت جدارا فولاذيا على حدودها مع غزة، لمنع المقاومة من تلقي اسلحة واموال ومواد تعين الفلسطينيين على الصمود ومواصلة النضال ضد المحتلين الصهاينة، وها هو الكيان الصهيوني ينصب قية حديدية فوق القطاع الصامد، لتستكمل بذلك حلقات مسلسل التركيع على الفلسطينيين وبمشاركة عربية، بل فلسطينية احياناً، اذ ان محمود عباس وفي احدى جلساته النقاشية الداخلية على مستوى قيادات حركة “فتح”، برر الاجراء المصري واصفا اياه مسألة داخلية تهم الامن القومي المصري، لا دخل للفلسطينيين فيه، وفي ذلك ارتكب عباس خطأ سياسياً فادحاً، اذ ان تبريره لمصر اقامة جدارها الفولاذي يعني بالضرورة التبرير لاسرائيل اقامة جدار اسمنتي لحفظ امنها هي الاخرى.
من يعرف ثقافة الحواري اليهودية المغلقة، لا يستغرب على الاسرائيليين إحاطة انفسهم بالجدران الاسمنتية والفولاذية والقباب الحديدية، فهؤلاء دون شعوب الارض اغرقوا انفسهم منذ فجر التاريخ بعزلة قاتلة، ظنا منهم انهم منبوذون ومستهدفون لسلوكياتهم المنحرفة وطبيعة تفكيرهم المريضة، فلربما ما زالوا يعتقدون انهم شعب الله المختار
Leave a Reply