بقلم خليل اسماعيل رمّال
لعلَّ من سوء حظ غزة والعراق ولبنان تزامن الأحداث الدموية واختلاطها مع مباريات كأس العالم لكرة القدم في البرازيل حيث غطَّت المجزرة الكروية التي ارتكبها الفريق الألماني ضد الفريق البرازيلي، على المجازر البشرية التي تقترفها دولة الإرهاب والإحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومجازر حلفائهم المجرمين التكفيريين من «داعش» بحق الإنسانية والتمدن والعقل البشري.
كان يوم ثلاثاء أسوَد للبرازيل والعالم الكروي أجمع فتعازينا الحارة لأنصار البرازيل جميعاً لكني أذكِّر «المتألمنين» (مشجعي ألمانيا) أنَّ السياسة كل شيء عندنا وألمانيا ميريكل الشمطاء من أكبر حلفاء دولة الارهاب اليوم. ألم تقل إنَّ مهمَّة جنودها في جنوب لبنان مع القوات الدولية هي الدفاع عن أمن إسرائيل؟! كما أذكِّر مشجعي البرازيل وألمانيا، من الذين نزلوا ببعضهم بالسلاح الأبيض في لبنان البلد السايب، بوجود حرب إسرائيلية ثالثة على غزة وطابور إرهابي خامس داعشي يقترب من العتبات المقدسة في العراق ويهدِّد بغزو لبنان من منطقة عرسال الخارجة على القانون. ما زلنا نعوم على شبر ماء!
غزة تحترق وتدفع اكثر من ١٥٠ شهيداً جلَّهم من الأطفال والنساء والشيوخ ولا يتحرَّك الشارع العربي المتلهي بالمونديال! الفضائيات الفتنوية المذهبية وشيوخ جهاد النكاح والدعوة إلى قتل العلويين والشيعة في سوريا والعراق وتدمير المسيحيين، أين أصبحوا وكيف صمتوا فجأةً صمت القبور؟! بل أين الحكَّام العرب المجرمون الذين يتفرجون على أعراض الفلسطينيين وهي تُنتهك وعلى عوائل فلسطينية بأكملها تباد بالطائرات الإسرائيلية؟ بل أين القرضاوي الذي أفتى بقتل المسلمين وجاء سائحاً يوماً ما إلى غزة وكلما رآه اسماعيل هنية انبطح أمامه يلثم يديه ويقص أظافره الرثَّة؟! دفعت قطر والسعودية مليارات الدولارات على الإرهاب من أجل قتل الشعب السوري وهذه الأموال لوحدها كانت حررت فلسطين، لكنها اليوم تأبى أنْ تدفع فلساً واحداً لنصرة أهل السُنَّة والجماعة الذين يشفقون عليهم فقط في سوريا والعراق ولبنان لا في فلسطين.
ومرة جديدة خبر الشعب الفلسطيني انه يقف وحيداً لولا سوريا والمقاومة في لبنان وإيران بالرغم من خطأ حركة «حماس» الاستراتيجي في الوقوف مع الباطل ضد سوريا ونكرانها للجميل. كان أمام «حماس» فرصة تاريخية من أجل منع الفتنة السنية الشيعية ومنع التحريض الوهَّابي القطري المجرم بالوقوف ضده وتمتين التحالف مع سوريا ومنع الأغبياء من الساعين إلى جهاد النكاح من ترك فلسطين والذهاب للقتال في سوريا إلى جانب المعتوهين الأبالسة التكفيريين وخليفتهم البهيم. بل أنَّ «حماس» استقبلت قتلى العمليات الانتحارية الكافرة والذين هلكوا في معارك سوريا على أنهم «شهداء» ورفع رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل علم الانتداب الفرنسي. وقد ظهر مشعل من مقره السياحي في الدوحة يدعو الغزاويين إلى الصمود والوحدة وقد زها مختالاً بالأضواء الإعلامية الباهرة أكثر من اهتمامه بالقضية ولم يطلب من إبن موزة الذي يستضيفه أنْ يستعمل نفوذه ونفوذ آل سلُّول مع حلفائهم الصهاينة لوقف الإبادة الجماعية.
كذلك في الوقت الذي كانت فيه غزة تحترق خرجت الصحف في نفس اليوم بتصريح لأمير عائلته تركي الفيصل يُعرِب فيها عن تمنِّيه لرؤية إسرائيليين في السعودية. تركي الموتور هذا هو رأس الحربة في التطبيع العلني (التطبيع في الخفاء تم وحصل منذ زمن) مع العدو وكان التقى العاهرة الموسادية تسيبي ليفني في أوروبا وغازلها علناً كما التقى مسؤولين وموساديبن إسرائيليين ممن ارتكبوا مجازر بحق الشعب الفلسطيني! هذا يلخص موقف العرب وخصوصاً حكام السعودية التي أشارت الأنباء إلى انتفاضة واسعة فيها ضد حكم آل سعود جرى التعتيم عليها لأنَّ معظم وسائل الاعلام مشتراة من آل سلُّول.
لقد أوغر موقف «حماس» الخاطئ صدر جماهير المقاومة ضدها لكن العتاب اليوم غير مقبول خصوصاً أمام حرب إسرائيل الإرهابية التي أصيبت بمفاجآت الصواريخ السورية والإيرانية والعماد مغنية. الموقف اليوم هو ملك لفلسطين لا لحماس ولعل هذه الحرب الجديدة قد تعيد تصحيح البوصلة عند الجميع وتنزع الغبار عن مفهوم المقاومة ومن هنا سبب تردُّد العدو في هذه المعركة التي سوف تشحذ الهمم وتعيد التحالف المقاوم بين «حماس» و«حزب الله” وإيران وسوريا وتضع حداً للفتنة المذهبية وتُحرج الحكَّام العرب المتخاذلين وغير العرب المدَّعين من أمثال العثماني أردوغان.
لكن قبل ذلك على «حماس» أن تصحِّح الخطأ التاريخي وتدعو الفلسطينيين الذين هاجروا إلى سوريا للقتال مع زناة «داعش» الارهابيَّين المجرمين التكفيريين، أنْ يهاجروا مجدَّداً من سوريا إلى فلسطين وبالتحديد إلى غزَّة للدفاع عنها وعن القضية المقدَّسة بعد أنْ تركوها خلفهم لكي يقتلوا فرسان الجيش العربي السوري الذي أمَّنهم وأطعمهم ومدَّهم بكل انواع الدعم في حين كان عرب النفط والدواعش يقفون متفرجين في كل مرة تتعرض فيها لحرب طاحنة من قبل أشرس وأخطر عدو. عودوا إلى غزَّة إذا كان عندكم ذرَّة شرف.
الا ان غضب غزة الساطع آتٍ بعد أن اثبتت المقاومة الفلسطينية محاكاة المقاومة اللبنانية من حيث صنع المفاجآت والخبرات القتالية والصمود أمام عدو غير مدرَّب على الحروب غير التقليدية وعلى انكشاف جبهته الداخلية.
يا غزة لك الله في شهر الله ورسوله وقلوب المؤمنين وحلف المقاومة الأبي وشعوبه الشريفة والنصر قريب لأنَّ هذا زمن الانتصارات أما زمن الهزائم فقد ولَّى وأدبر.
Leave a Reply