نيويورك – أثار مقال نشرته مجلة إلكترونية الكثير من الجدل بين خبراء الاقتصاد ومجتمعات المدونين في الغرب، بعدما اتهم كاتبه مصرف “غولدمان ساكس” بالوقوف خلف الأزمة المالية العالمية الحالية، إلى جانب تحميله مسؤولية كل الأزمات التي تعرض لها الاقتصاد بأميركا والعالم في العقود الأخيرة بما فيها “الكساد الكبير”.
وأدى تفاعل الردود حول المقال إلى إصدار مصرف “غولدمان ساكس” بياناً توضيحياً نفى فيه ما نُسب إليه، واتهم الكاتب الذي يدعى مات طيبي، بتطبيق نظرية المؤامرة على الشأن الاقتصادي.
وفي المقال الذي يحمل عنوان “صرخة طيبي” يصف الكاتب المصرف بأنه: “مصاص دماء كبير ملتف حول وجه البشرية يقوم بامتصاص الدماء وتحويلها إلى إي شيء له رائحة المال”، إلى جانب تشبيهات أخرى من النوع نفسه.
ويقول طيبي إن “غولدمان ساكس” مسؤول عن أزمة الركود الكبير الذي أصاب الولايات المتحدة والعالم عام 1929، بعد انهيار بورصات وول ستريت، كما يتهمه بالوقوف خلف أزمة فقاعة “الانترنت” قبل عقدين، ومن ثم “فقاعة العقارات” حديثاً، وما تبعها من انهيار مالي ما تزال ذيوله مستمرة حتى اليوم.
ويصل الأمر بطيبي لاتهام المصرف حتى بالوقوف خلف الأزمات التي لم تحصل بعد، والتي رجح أن تقع مستقبلاً عملاً بنظرية الدورات الاقتصادية للرأسمالية، وهي نظرية طورها محللون اشتراكيون.
ويرى طيبي أن أسلوب عمل “غولدمان ساكس” بسيط للغاية، ويعتمد على: “الدخول على كل الفقاعات الممكنة بشكل مضاربي، واستغلالها من خلال العمل على بيع استثمارات يدرك أنها دون قيمة، ويقوم بعد ذلك بالاستيلاء على أموال تعود لأشخاص من الطبقات الفقيرة والمتوسطة، مستفيداً من عجز الحكومة التي تسمح له بوضع قوانينه الخاصة لإدارة السوق لقاء بعض القروش التي ينفقها من أجل الرعاية السياسية”.
ويضيف “وعندما يبدأ الانهيار، ينسحب المصرف تاركاً ملايين المواطنين في حالة عوز وجوع، ويعود لينفذ خطته من جديد بعد حين”.
من جهته، رد المصرف على مقال طيبي بوصفه “مقالاً هستيرياً” يمثل “حاصل جمع كل نظريات المؤامرة التي رُسمت عبر التاريخ حول غولدمان ساكس”.
ويرى المحلل المالي والصحفي ديفيد فورتيل، أن ما ساقه طيبي فيه مبالغة لجهة دور المصرف في الأزمات المالية، مشيراً إلى أن “غولدمان ساكس” كما سواه من المصارف والمؤسسات المالية الأميركية تعرض للكثير خلال الأزمة المالية الراهنة، كما كانت له هفواته.
ويضيف فورتيل إن التحقيق الذي أجراه الكاتب الاقتصادي مايكل لويس حول أسباب انهيار شركة “أي آي جي” الأميركية العملاقة للتأمين يمثل دليلاً حقيقياً لشرح أسباب الأزمة التي هي – بحسب رأيه – تعود إلى أخطاء ارتكبها من كانوا في موقع القرار.
ويلفت فورتيل إلى أن تحقيقات لويس دلت على أن المدير المالي لـ”أي آي جي” جو كاسانو، أظهر خلال الأزمة المالية الكثير من التردد والارتباك، ما تسبب بسقوط الشركة التي كان يمكن لها أن تُسقط الاقتصاد الأميركي بأسره لو لم تتدخل الحكومة، خالصاً إلى أن مقال طيبي مبالغ فيه ويهمل أخطاء البشر العادية.
يشار إلى أن مصرف “غولدمان ساكس” تأسس عام 1869، وقد أسسه المصرفي الألماني اليهودي، ماركوس غولدمان، قبل أن ينضم إليه صهره صاموئيل ساكس، وقد كان المصرف أول من طور فكرة “الأوراق المالية” بالشكل التي هي عليه اليوم.
Leave a Reply