سامر حجازي – «صدى الوطن»
غيث كريم، شاب من أبناء الجالية العربية في ديربورن، يطمح لأن يبلغ مصاف العالمية في رياضة الملاكمة التي عشقها منذ طفولته، وقرر أن يعطيها كل وقته فور تخرجه من ثانوية فوردسون متوجهاً الى مدينة لاس فيغاس بحثاً عن أحلام طفولته.
كريم، الذي ولد في العراق ونشأ وترعرع في مدينة ديربورن، لم يتأخر في إثبات موهبته ومهاراته العالية، وذلك في مباراته الاحترافية الأولى التي أقيمت على حلبة «المعبد الماسوني» في مدينة ديترويت مساء السبت 16 تموز (يوليو) الجاري، والتي حقق فيها فوزاً ساحقاً على منافسه ليستحق معه اللقب الذي اكتسبه سريعاً في أوساط اللعبة باسم «أمير المخلب الجنوبي» The Southpaw Prince، نظراً لسرعته وتقنيته البارعة في تسديد اللكمات بذراعه اليسرى.
كريم (18 عاماً) يبلغ طوله خمسة أقدام وتسعة إنشات ووزنه 147 باونداً، وقد تغلب على خصمه، دين والش (28 عاماً)، بعد مرور دقيقة واحدة و40 ثانية فقط من بدء الجولة الأولى من موقعته الاحترافية الأولى، وذلك بعد مشاركته بأكثر من 135 مباراة للهواة خلال السنوات الماضية في جميع أنحاء البلاد، مما أكسبه الخبرة اللازمة لخوض المباريات الكبرى ومنافسة أبرز الملاكمين تحت أضواء الشهرة.
من ديربورن الى لاس فيغاس
كريم، الذي انتقل للعيش في لاس فيغاس، حيث يقوم بتدريباته الروتينية استعداداً للمنازلات القادمة، يعزو الفضل في نجاحه إلى عمه نجاح شريف، الذي تولى تدريبه منذ أن كان طفلاً في سن الخامسة.
ويقول «لقد وفّر لي عمّي كل الدعم.. لقد أعطاني كل ما أحتاجه. وهو يدفعني باستمرار إلى القيام بتدريبات أقسى. فهو يهتم بي منذ أن كنت طفلاً».
ونجاح شريف رياضي خبير ومدرب ملاكمة محترف منذ العام 1996 وقد أشرف على تدريب العديد من أبناء الجالية العربية ليصبحوا ملاكمين. ولكن بالنسبة إلى إبن أخيه يقول شريف انه توسم فيه شيئاً خاصاً منذ وقتٍ مبكر.
وأضاف «لقد رأيت النظرة على وجهه عندما جاء أول مرة لمشاهدتي وأنا أدرب الملاكمين في الصالة الرياضية»، أشار نجاح متذكراً ذلك اليوم وتابع «لقد رأيت كم كان متحمساً حينها لذا قررت أن أمنحه فرصة.. ومنذ ذلك الوقت وهو يعمل جاهداً».
وعن لاس فيغاس -وهي واحة من أهم المقاصد السياحية في العالم- يقول كريم انه ليس لديه الوقت للتمتع واللعب. فهو يتمرن على الأقل مرتين يومياً مع مدربه الخاص، ماجد محمود.
وفي غضون الأسابيع القليلة التي تسبق المباراة الاحترافية، ترتفع وتيرة التمرين الى ثلاث مرات يومياً كما يتبع كريم أيضاً نظاماً غذائياً صارماً مكوناً من بياض البيض والبصل، وصدور الدجاج والبروكلي والكثير من الماء.
هدف كريم هو أن يصبح ملاكماً محترفاً، من طراز مثاله الأعلى في اللعبة، غينادي غيناديڤتيش غولوفكين، وهو من كازاخستان وحاصل حالياً على بطولة العديد من الاتحادات العالمية للعبة في الوزن المتوسط.
يعوّل كريم كثيراً على مهاراته ومستقبله في هذه اللعبة التي قرر السير في طريقها حتى النهاية، حتى أنه قرر عدم مواصلة تعليمه بعد تخرجه من ثانوية «فوردسون» في ديربورن.
«لست مهتماً في التعليم»، يقول كريم مردفاً بأنه يود التركيز على مسيرته الرياضية التي يأمل بأن توصله الى أماكن بعيدة. ويقول «حتى عندما كنت في المدرسة، كنت دائماً أركّز على هذا، فقد كنت أتوجه الى صالة الرياضة مباشرةً فور انتهائي من دوام الدراسة.. لقد كنت اتدرب دائماً والآن احصد نتيجة هذا الجهد، وأصبحت الرجل الذي تمنيته أن يكون».
مؤمنون بموهبته
كريم لديه بالفعل فريق من المؤمنين بقدراته، وفي مقدمة هؤلاء مديرا أعماله من لاس فيغاس، جو غلاندري وجيف غروما، اللذان كانا واثقين من قدراته لدرجة أنهما حجزا مباراته الأولى في ديترويت.
«هؤلاء الرجلان رأياني في قاعة الرياضة وقالا إنهما وجدا شيئاً خاصاً يتعلق بي» واصل كريم القول وأضاف «انهما قررا حجز المباراة هنا في ميشيغن. والحقيقة انهما تفاجأا بفوزي، وأحبا أسلوبي بالملاكمة وقالا لي: أنت ملاكم يستحق أن يكون على الشاشات المدفوعة» (باي بير ڤيو).
وينوه «أمير المخلب الجنوبي» أيضاً بالدعم الذي لقيه من الجالية العربية في ديترويت ولاسيما من العراقيين خالد هندي وعبد الرحمن الجنابي، اللذَين زوداه بالدعم المالي والمعنوي ليواصل مسيرته في لاس فيغاس.
وأفاد كريم أنه يريد أن يجعل وطنه الأصلي (العراق) فخوراً به واستطرد بالقول «أنا أحاول وضع العراق على الخريطة. أريدهم أن يعرفوا أن هناك شيئاً مميزاً لدى الملاكمين العراقيين. أريد أن أضع العلم العراقي على لقب البطولة وأريد أن تشعر الجالية بالفخر».
ويطمح كريم الى الفوز بـ مباراة ملاكمة متتالية حتى تتسنى له المنافسة على لقب البطولة.
وقدم كريم نصيحة للشباب في الجالية العربية الأميركية بالتمسك بأهدافهم التي وضعوها نصب أعينهم وعدم السماح للإغراءات بأن تشط بهم بعيداً عن مسارهم.
وخلص الملاكم اليافع إلى القول «إذا أردت تحقيق أي شيء في الحياة، عليك أن تعمل بجد ولا تستسلم أبداً، سواءً أكان ذلك في الملاكمة أو في أي رياضة أخرى، لا تستسلم وابتعد عن أصدقاء السوء والعادات السيئة. ركز على القيام بالأمر الذي تعتقد بأنه الأفضل لك».
Leave a Reply