وجوه جديدة قادرة على التقارب مع “حماس”
بيت لحم – “صدى الوطن”، وكالات
كما كان متوقعاً انتصرت حركة “فتح” لقيادات الجيل الثاني والثالث في الحركة بفوز 14 عضوا منهم بمقاعد اللجنة المركزية للحركة الـ 18، ولم يبق من مؤسسي الحركة التاريخيين سوى الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقائد التعبئة والتنظيم محمد غنيم ورئيس المجلس الوطني سليم الزعنون فيما خرجت معظم الوجوه التقليدية إما بعدم الترشح أو بالهزيمة في الانتخابات.
وأفرزت النتائج دخول 14 شخصية جديدة كأعضاء في اللجنة المركزية، أبرزهم الأسير مروان البرغوثي ومحمد دحلان وجبريل الرجوب وصائب عريقات ومحمد اشتية، وجميعهم قيادات أخذت أدواراً أمنية سياسية في السلطة، مقابل استمرار أربعة من أعضاء اللجنة المركزية السابقة للحركة. كما شهدت الانتخابات استبعاد أربعة من أعضاء اللجنة المركزية السابقة هم حكم بلعاوي ونصر يوسف والطيب عبد الرحيم وانتصار الوزير، إلى جانب هزيمة غير متوقعة لأحمد قريع مفوض عام التعبئة والتنظيم في الحركة.
وتعكس نتيجة الانتخابات التي جاءت أشبه بانقلاب أبيض تحقيق توازن داخلي يحفظ تماسك الحركة، ويستجيب لاستحقاقات المرحلة المقبلة والتي من المتوقع أن تشهد زخما أميركيا في دفع عملية السلام.
ويعتقد أعضاء بارزون في “فتح” ان الحركة أصبحت الآن في وضع أفضل من أجل المصالحة مع خصيمتها حركة “حماس” أو الفوز بالانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة.
كما فوض المؤتمر الرئيس عباس بتعيين أربعة أعضاء في صفوف اللجنة المركزية إلى جانب الـ14 عضوا المنتخبين، مشيرا إلى أن النية تتجه لتعيين سيدة ومسيحي واثنين آخرين. كما نقل عن المدير التنفيذي لمؤتمر فتح منير سلامة قوله الأربعاء الماضي إن نتائج انتخابات المجلس الثوري للحركة لن تعلن قبل ثلاثة أيام.
ويعتبر المجلس الثوري بمثابة برلمان الحركة، ويتألف من 128 عضوا يتم انتخاب ثمانين منهم يضاف إليهم أعضاء اللجنة المركزية و25 عضوا يتم تعيينهم من أصحاب الكفاءات العسكرية والمدنية.
وقدم 96 عضوا ترشيحهم لانتخابات اللجنة المركزية التي تضم 23 عضوا. كما قدم 617 عضوا ترشيحهم لعضوية المجلس الثوري الذي يضم 120 عضوا. وينتخب 18 عضوا في اللجنة المركزية و80 في المجلس الثوري اما الاعضاء الاخرين فسيتم تعيينهم من قبل القيادة الجديدة.
وحصد أعلى الأصوات في انتخابات “فتح” محمد غنيم (أبو ماهر) وهو من أبرزالقادة التاريخيين في “فتح” وعضو في لجنتها المركزية وترأس اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام السادس.
وعاد غنيم أخيرا إلى الضفة الغربية للمرة الأولى منذ إقامة السلطة الفلسطينية قبل 15 عاما ليشارك في أعمال المؤتمر السادس ، معلنا نيته الإقامة الدائمة في رام الله.وترشحه أوساط فلسطينية لاحتمال خلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس “أبومازن”.
وجاء في المرتبة الثانية في حصد أصوات انتخابات مؤتمر “فتح” محمود العالول وهو نائب عن حركة “فتح” في المجلس التشريعي الفلسطيني عن مدينة نابلس وكان عين أول محافظ لمدينة نابلس فور جلاء القوات الإسرائيلية عنها في نهاية العام 1995.
وكما كان متوقعا فاز مروان البرغوثي أمين سر فتح في الضفة الغربية والمعتقل في السجون الإسرائيلية منذ عام 2004 بأحكام مدى الحياة بتهمة القتل والشروع به وتأسيس “كتائب شهداء الأقصى” التابعة لـ”فتح” بأحد مقاعد اللجنة المركزية. ويقضي البرغوثي عقوبة بالسجن مدى الحياة في إسرائيل بسبب تهم ينفيها بتدبير قتل إسرائيليين. والبرغوثي شخصية مفوهة تتمتع بشعبية كبيرة وكان ينظر إليه في السابق على أنه خليفة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسرعرفات أحد مؤسسي حركة “فتح” الرئيسيين.
وحققت ثلاث شخصيات أمنية سابقة هي محمد دحلان وجبريل الرجوب وتوفيق الطيراوي فوزا في الانتخابات وحصلت هي الأخرى على مقاعد في اللجنة المركزية. ويضاف إلى هؤلاء صائب عريقات وهو نائب عن حركة “فتح” ويشغل منصب كبير المفاوضين الفلسطينيين انطلاقا من موقعه في رئاسة دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية.
ومن بين الوجوه الشابة التي يعول عليها في قيادة اللجنة المركزية ناصرالقدوة ابن شقيقة عرفات وهو وزير الخارجية الفلسطيني سابقا والمندوب الدائم السابق للبعثة الفلسطينية في الأمم المتحدة ويعرف عنه تمتعه بخبرة سياسية ودبلوماسية متراكمة. كما يشغل عضوية اللجنة المركزية الجديدة حسين الشيخ وهو مسؤول دائرة التنسيق المدني في السلطة الفلسطينية وعزام الاحمد الذي يشغل منصب رئيس كتلة “فتح” البرلمانية ومحمد اشتية وهو اقتصادي مخضرم ووزير الأشغال الفلسطيني حاليا.
ويضاف إلى هؤلاء عثمان أبو غربية وهو عضو مجلس ثوري سابقا في حركة “فتح”. وكان انتخب رئيسا للمؤتمر العام السادس، كما فاز في الانتخابات محمد مدني وهو مسؤول بارز في دائرة التعبئة والتنظيم في حركة فتح.
وشهدت انتخابات “فتح” فوزا يتيما للساحة الخارجية للحركة في عضوية لجنتها المركزية حصده سلطان أبو العينين وهو سياسي وعسكري فلسطيني من قيادات حركة “فتح” ويتولى مسؤولية أمين سر الحركة بالمخيمات الفلسطينية في لبنان.
وبلغ عدد أعضاء المؤتمر العام للحركة ممن يحق لهم الاقتراع 2355 عضوا، فيما تنافس 65 مرشحا على عضوية اللجنة المركزية للحركة البالغ عدد أعضائها ممن ينتخبون انتخابا 18 عضوا، يضاف لهم 4 ينسبهم الرئيس بمصادقة ثلثي اللجنة المركزية.
تعزيز موقع عباس:
خاض المعركة وخرج منتصراً
وفي تقرير لوكالة “فرانس برس” رأى محللون سياسيون فلسطينيون ان المؤتمر العام الأخير لحركة “فتح” عزز موقع محمود عباس بينما تواجه المفاوضات مع اسرائيل و”حماس” مأزقا. وقال المحلل السياسي عبد المجيد سويلم ان مؤتمر فتح برمته “مثل معركة للرئيس الفلسطيني الذي ادارها بنجاح كبير واقتدار وخرج منها منتصرا”، معتبرا ان اللجنة المركزية الجديدة لـ”فتح” “ذات توجهات سياسية واقعية”.
ونجحت حركة “فتح” التي تعاني من خلافات بين قادتها وادارة سيئة ومنيت بهزيمة في قطاع غزة امام حركة “حماس”، في إظهار وحدة صفوفها بمجرد تنظيم مؤتمرها العام للمرة الأولى منذ عشرين عاما. ونجح عباس ايضا في هذا الاجتماع هو الأول ايضا منذ وفاة مؤسس فتح وزعيمها التاريخي ياسر عرفات، في إرساء سلطته في حركة معروفة بعدم انتظامها وتواجه صعوبة في التحول من حركة تحرير الى حزب حاكم.. وتمكنت الحركة من حل مشكلة التناقض بين التفاوض والمقاومة، عندما اقر مؤتمرها العام برنامجا سياسيا ينص على اعتماد المفاوضات السياسية الى جانب المقاومة التي اقرتها الشرعية الدولية. وقال سويلم ان “التشكيلة الجديدة لحركة فتح تضم اتجاها مؤيدا للمفاوضات السياسية والحوار مع حماس”. من جهته، قال سمير عوض أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الخارجية في جامعة بيرزيت ان “التشكيلة الجديدة لقيادة فتح تضم رموزا كثيرة من القريبين من عباس، وكانوا مساعدين له”. ورأى ان مؤتمر حركة “فتح” وانتخاب هيئة قيادية جديدة “اخرج حركة فتح من غرفة الإنعاش، وعادت للحياة مجددا”.
وتضم التشكيلة الجديدة لقيادة “فتح” شخصيات شاركت في المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي منها صائب عريقات ونبيل شعث ومحمد دحلان.
وقال عوض “فيما يتعلق بالمفاوضات مع الجانب الاسرائيلي اعتقد ان التشكيلة الجديدة لقيادة “فتح” ستعمل وفق برنامج سياسي توحيد تم الإعلان عنه في المؤتمر ويتمثل في اعتماد المفاوضات الى جانب المقاومة”. من جانب آخر رأى عوض ان “التشكيلة الجديدة لقيادة “فتح” ستكون مع الحوار مع حركة حماس تحت شعار توحيد الموقف الفلسطيني إزاء الحوار مع اسرائيل”.
لكن المحلل السياسي هاني المصري، الذي يدير مركزا للدراسات الاستراتيجية والإعلامية، رأى ان التشكيلة القيادية لفتح ستساعد عباس في سياساته “اذا اراد هو ذلك بمعنى انها منحت عباس الكثير من الخيارات السياسية الدولية والاقليمية والمحلية”. وحول الحوار مع “حماس”، قال المصري ان غالبية اعضاء اللجنة المركزية الجدد “يؤيدون حوارا جديا مع حماس يقود الى نتيجة رغم وجود من يعارض ذلك”. وتأتي عودة الدحلان الى القيادة العليا للحركة رغم الانتقادات التي وجهت له ابان سيطرة “حماس” على غزة. وقد اتهم بتحمل المسؤولية الكبرى عن هذا الامر. وظهرت وجوه جديدة في قيادة الحركة قد تعارض سياسة عباس التفاوضية، ومنهم ناصر القدوة الذي يعارض استمرار المفاوضات السياسية ويطالب بالانسحاب منها واعادة بناء استراتجية التفاوض من جديد. ويسانده في هذا الموقف في بعض الاحيان محمود العالول الذي ينتقد طريقة التفاوض القائمة وكذلك الامر في ما يتعلق بموقف مروان البرغوثي المعتقل لدى اسرائيل. ويمضي البرغوثي حكما بالسجن مدى الحياة بتهمة قيادته العمل العسكري للانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في العام 2000. وقال المصري “اعرف ان محمود العالول مثلا هو من صاغ التوجهات السياسية الرئيسية التي خرج بها مؤتمر حركة فتح”.
لكن بين القياديين الذين تم انتخابهم، من يميلون الى اعتماد المفاوضات كلغة في التعامل مع اسرائيل، وهو الامر الذي سيسهل على الرئيس الفلسطيني مهمته. ومن ابرز النتائج التي خرجت عن الانتخابات الاخيرة لفتح، سقوط القيادي والمفاوض احمد قريع الذي عمل في رئاسة التشريعي ورئاسة الوزراء واخيرا مسؤول التعبئة والتنظيم في الحركة. ونقل عن مقربين لقريع انه رفض اجراء اي تحالفات مع قياديين اخرين قبيل اجراء الانتخابات الداخلية، الامر الذي ادى الى هزيمته في الانتخابات.
Leave a Reply