رام الله، غزة – شرع طرفا الصراع الفلسطيني، الأسبوع الماضي، في تعميق الانقسام بينهما. ففيما بدأ رئيس «حكومة الوحدة» إسماعيل هنية إجراء مشاورات لتوزيع الحقائب الوزارية التي كان يشغلها «فتحاويون»، قرّرت «فتح» رسمياً، قطع أي قناة اتصال مع «حماس»، في وقت تواصل فيه الرفض المتبادل لشرعية حكومتي هنية و«الطوارئ».وكشف وزير الشباب والرياضة في حكومة هنية باسم نعيم، عن مشاورات يجريها هنية لاختيار وزراء جدد لشغل الحقائب الوزارية الشاغرة، أو تلك التي يرفض وزراؤها التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية. وأضاف أن هنية استهل مشاوراته بالحديث مع شخصيات لشغل حقيبتي المال والسياحة، فيما لا تزال بقية الوزارات قيد البحث. وأشار إلى أنه «من المقرر أن يشغل بعض الوزراء أكثر من حقيبة وزارية».ومن المرجح أن يختار هنية وزراء الحكومة الجدد من قطاع غزة، على غرار حكومة الطوارئ التي يترأسها الدكتور سلام فياض، وتضم 11 وزيراً يقيمون في الضفة الغربية، ما يعتبره المراقبون «تعزيزاً للفصل السياسي والجغرافي بين شطري الوطن».وشنت «حماس» هجوماً شرساً على حكومة الطوارئ، التي قال القيادي في الحركة خليل أبو ليلة إنها «تتعارض مع الخيار الديموقراطي للشعب الفلسطيني، وهي على غرار الحكومات التي أنشأتها الولايات المتحدة في بعض الدول خدمة لمصالحها». وأضاف «يبدو أن الهدف من إعلان تأليفها هو تنفيذ السياسات الاستفزازية الأميركية في المنطقة، وبالتالي فإنها ستلحق أشد الضرر بالشعب الفلسطيني وقضيته العادلة».وقال خليل الحية، رئيس الكتلة البرلمانية لـ«حماس» في مؤتمر مشترك مع القيادي سامي أبو زهري في غزة، «إن ما حدث في قطاع غزة لم يكن مخططاً له من قبل حماس، ولم تكن الحركة تتمناه، بل حذرت منه مراراً وتكراراً جرّاء الممارسات اللاوطنية». وشدد على موقف حركة «حماس» «حول ضرورة وجود حوار أخوي وطني، مستهجناً الأصوات التي تحرّم الحوار مع حماس وتستجديه مع الكيان الصهيوني».وقال سامي أبو زهري إن الإعلان الأميركي والأوروبي عن تقديم الدعم المالي والسياسي للسلطة الفلسطينية «يعكس طبيعة المؤامرة على حماس والشعب الفلسطيني».
عباس يهاجم حماس ومن جهته، اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالتخطيط مسبقا للسيطرة على قطاع غزة، معلنا رفضه إجراء أي حوار مع الحركة التي اعتبرت رفضه هروبا من مواجهة الحقائق.وقال في افتتاح اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية إن «حماس» خططت سلفا للسيطرة على القطاع بالتوافق مع أطراف إقليمية، واتهمها بأنها «استبدلت العلم الفلسطيني بعلمها الفصائلي لإقامة إمارة أو دويلة في غزة». وطالب الحركة بالاعتذار للشعب الفلسطيني عما دعاها جريمة الانقلاب في غزة.من جهة أخرى اتهم عباس حركة «حماس» بالتخطيط لاغتياله، وأشار في هذا الصدد إلى وجود تسجيل مصور يثبت كلامه. كما اتهمها بالتعرض لمنزل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وبعض الكنائس.ودعا إلى «تفعيل دور منظمة التحرير بمشاركة اللجنة التنفيذية والفصائل الفلسطينية باستثناء الانقلابيين الخونة» في إشارة إلى «حماس».وأشار الرئيس الفلسطيني إلى أن قيام الحكومة بمهامها الأمنية هو الرد على «الانقلاب» في غزة. وطالب المجلس المركزي بمساندة قرار السلطة خاصة «في مواجهة الانقلاب ومنعه من تحقيق أهدافه في شق وحدة الوطن»، وذلك بدعم حكومة الطوارئ الجديدة.
كما طالبه بمناقشة الأوضاع في السلطة وخاصة المجلس التشريعي بعد اعتقال إسرائيل عددا من أعضائه، غير أنه أشار إلى أن ذلك لا يبرر عدم قيام المجلس بمهامه لستة أشهر بسبب مقاطعة نواب حماس. كما طالب المجلس بوضع نظام للانتخابات على أساس التمثيل النسبي.وفي اول لقاء لعباس مع الحكومة الجديدة أكد الرئيس الفلسطيني أن هذه الحكومة هي ما نستطيع ان نقدمه بعد الانقلاب على الشرعية والسلطة الوطنية الذي قامت به حركة «حماس».
حماس ترفضمن ناحيتها رفضت حركة «حماس» خطاب عباس، وقال ممثلها في لبنان أسامة حمدان إن الخطاب يمثل محاولة للانسجام مع الموقف الأميركي والإسرائيلي وربما بعض المواقف الإقليمية الأخرى. ووصف حمدان رفض عباس للحوار بمحاولة للهروب من مواجهة الحقائق التي قال إن كتائب القسام توصلت إليها عبر وثائق أصبحت الآن بحوزتها في غزة.وعبر عن استغرابه من أن «يعلن رئيس دولة عن قفله باب الحوار مع جزء من شعبه»، معتبرا أن ما جاء على لسان عباس لا يليق برئيس شعب.
ترحيب اسرائيلي ومن ناحية اخرى قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إن آمال السلام قد انتعشت بعد تشكيل حكومة فلسطينية من دون «حماس». وصرح أولمرت – قبل أن يتوجه إلى الولايات المتحدة لإجراء مباحثات – بإن إسرائيل تعتبر الحكومة الفلسطينية المُعلنة شريكا في عملية السلام، وإن استبعاد حماس منها «فرصة سانحة». وكان أولمرت قد قال إن الحكومة الفلسطينية المعلنة، قد «ترفع من حظوظ السلام»، كما قد تصب في «مصلحة الفلسطينيين». واعتبر كذلك أن التطورات الأخيرة جعلت الوضع «أكثر وضوحا». وأضاف «إن الحكومة الجديدة تقدم فرصة غابت منذ مدة طويلة». وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت في وقت سابق عن قرارها رفع الحظر المفروض على الحكومة الفلسطينية التي أقالها الرئيس عباس، حالما تستلم الحكومة المعينة مهامها.
معاناة بالمعابريأتي هذا في الوقت الذي يتعرض فيه الفلسطينيون لكثير من المعاناة على المعابر التي تربط قطاع غزة بكل من مصر وإسرائيل. ورغم محدودية عدد هذه المعابر، فإن السلطات الإسرائيلية أغلقت ما يتوفر منها، لا سيما بعد الأحداث الأخيرة في القطاع.وقد قررت الحكومة الإسرائيلية الاستمرار في تزويد قطاع غزة بالماء والكهرباء والوقود في ختام اجتماع عقده وزير البنى التحتية الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر مع مديري شركات الكهرباء والوقود وممثلي وزارتي الخارجية والدفاع. وذكر البيان الصادر عن الوزارة أن تزويد قطاع غزة بهذه الاحتياجات سيكون في الحد الأدنى الضروري لاعتبارات وصفها البيان بالإنسانية، وقال إنه سيتم تدارس الاستمرار في ذلك وفق التطورات هناك.
Leave a Reply