المالكي يطعن بالنتائج ويحاول تشكيل الحكومة.. رغم فوز علاوي
بغداد – كما كان متوقعا، لم تكن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية العراقية كافية لإيقاف المعركة السياسية بين أقطاب العراق الجديد. فرغم إعلان فوز “القائمة العراقية” بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي رسميا على “ائتلاف دولة القانون” بزعامة رئيس الحكومة نوري المالكي بفارق مقعدين، بحصولها على 91 مقعدا، دخلت المعركة السياسية مرحلة جديدة قد تكون أشد قساوة من المعركة الانتخابية وهي مرحلة تشكيل الحكومة التي يتعين لتشكيلها تكتل من 163 مقعدا. وكان العراقيون يأملون في أن تؤدي عملية التصويت إلى إرساء الاستقرار في البلاد بعد سنوات الحرب ولكن هذه النتيجة المتقاربة ربما تقود إلى أسابيع أو شهور من المحادثات الصعبة على في ظل تضعضع الوضع الأمني بالتوازي مع الخلافات السياسية.
ولكن الجديد، الطارئ على المشهد السياسي الأسبوع الماضي هو المعركة القانونية، حيث يتواصل الجدل بشأن مفهوم “الكتلة الأكبر” في الانتخابات العراقية رغم صدور توضيح من المحكمة الاتحادية العليا في العراق صب في مصلحة المالكي وحرم كتلة علاوي من حق تشكيل الحكومة وأعطته إلى أي ائتلاف كبير يتشكل بعد ظهور نتيجة الانتخابات.
واعتبرت “العراقية”، في بيان، أن “جواب المحكمة الفدرالية بشأن من هي الكتلة التي يحق لها تشكيل الحكومة، أربك الوضع وخلط الأوراق، بتأويلها لعبارة “الكتلة النيابية الأكبر” الواردة في الدستور”.
وقالت المحكمة إن الكتلة التي ستشكل الحكومة المقبلة وتكلف من قبل رئيس الجمهورية حسب تفسير الدستور، هي المتكونة من قائمة واحدة أو من قائمتين متوحدتين داخل مجلس النواب.
وأكد رئيس المحكمة مدحت المحمود في بيان أن الكتلة الأكبر هي التي تتشكل داخل البرلمان، وليس التي تفوز في الانتخابات. وكان الجدل في هذه القضية قد تزايد بعد إعلان “ائتلاف دولة القانون” أنه لا يحق لقائمة “العراقية” تشكيل الحكومة المقبلة رغم فوزها بأكثر المقاعد من بين الكتل المشاركة في الانتخاب. وفي المقابل أكد علاوي أنه لم يسمع بمثل هذا التفسير، ولا يمكن الاعتراف به، قائلا “ربما هناك دستور آخر لا نعرف به في العراق”.
ومن جهته اعتبر رئيس الجبهة العراقية للحوار الوطني صالح المطلك، الذي تم استبعاده من الانتخابات، أن منظومة القضاء الحالية تم تعيينها من قبل الحاكم الأميركي بول بريمر.
وكان المالكي قد بعث بخطاب يستفسر فيه عن المادة الدستورية الخاصة بتكليف رئيس الوزراء عشية إعلان نتائج الانتخابات.
وأجابت المحكمة الاتحادية في اليوم الثاني بأن التفسير يذهب إلى أن من يشكل الحكومة هو من ترشحه الكتلة الأكبر التي تتشكل داخل البرلمان وليس عبر الانتخابات.
وشدد الناطق الإعلامي باسم القائمة “العراقية” حيدر الملا، على أن النص الدستوري في مسألة القائمة الأكبر واضح ومفهوم، وكما هو في كل دول العالم، وهو أن القائمة التي تحقق أعلى الأصوات في الانتخابات هي التي تشكل الحكومة.
المالكي يطعن
من ناحيته تقدم رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي بطعن في نتائج الانتخابات البرلمانية فيما تستمر الاتصالات بين الكتل النيابية الفائزة لتسهيل عملية تشكيل الحكومة.
وقال المالكي في مؤتمر صحفي إن حزبه تقدم بطعن إلى اللجنة الانتخابية المكونة من ثلاثة قضاة “لإزالة الشكوك بشأن التصويت”. وأكد أنه سيقبل بأي قرار يصدر عن تلك الجهة مهما كانت طبيعته.
يشار إلى أن المالكي سبق أن اشتكى من حصول مخالفات أثناء عمليات التصويت إلا أن الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين قالوا إن الانتخابات كانت نزيهة إلى حد كبير.
ويخوض ائتلاف المالكي محادثات اندماج مع “الائتلاف الوطني العراقي” المقرب من إيران والذي ينتمي إليه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر. وهو اندماج سيشكل حال حدوثه أكبر تكتل في البرلمان مما يهمش رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي الذي حصلت قائمته على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات.
التيار الصدري يستفتي
وفي خطوة تهدف للمساعدة في اتخاذ قرار بشأن من سيؤيده التيار الصدري لرئاسة الوزراء قال مسؤولون من التيار إنهم سيجرون استفتاء يشارك فيه العراقيون يومي الجمعة والسبت (مع صدور هذا العدد) في هذا الأمر.
ويعارض الصدريون اختيار المالكي للمنصب بعدما شن في عام 2008 حملة قمع بها ميليشيا جيش المهدي. وقال مسؤولون في ائتلاف دولة القانون إنهم أظهروا مرونة ولكن المالكي ما زال مرشحهم الوحيد.
وقال صلاح العبيدي المتحدث باسم الصدر في مؤتمر صحفي إن عملية التصويت في الاستفتاء ستجرى في مكاتب التيار الصدري وفي المساجد أو لدى فرق متنقلة تابعة للتيار. وأضاف أن بطاقات الاقتراع ستشتمل على اسماء خمسة مرشحين لمنصب رئيس الوزراء هم المالكي ومحمد جعفر الصدر من ائتلاف دولة القانون وشخصيتين من الائتلاف الوطني العراقي هما عادل عبد المهدي وإبراهيم الجعفري رئيس الوزراء السابق وعلاوي.
وربما يضعف موقف علاوي بسبب قرار لجنة العدالة والمساءلة حظر ستة من مرشحي قائمة العراقية بعدما فازوا بمقاعد. وقالت اللجنة إن الستة كانت لهم صلات بحزب البعث المحظور الان.
“العراقية” تواجه “النفوذ الإيراني”.. وتحذر
في حين أعلن علاوي أن “القائمة العراقية” مفتوحة القلوب لكل القوى السياسية لمن يريد أن يساهم في بناء العراق” اطلق الأخير معركة مواجهة ضد النفوذ الإيراني حيث احتدمت المعركة الكلاميّة ضد طهران، مع توجيه زعيمي الكتلة الفائزة، علاوي ونائب الرئيس المنتهية ولايته طارق الهاشمي، سهامهما إلى إيران. كما حذر علاوي من أن تجاوز كتلته سيؤدي الى أعمال عنف مدمرة.
وتعليقاً على ما قيل عن مشاورات انتخابية أجراها وفد “الائتلاف الوطني العراقي” و”التحالف الكردستاني”، ممثَّلين بالرئيس جلال الطالباني ونائبه عادل عبد المهدي في طهران، خلال الأيّام الماضية، ندّد علاوي بـ”تدخل” إيران “بكل تفاصيل الحياة في العراق”، متهماً إياها بأنها تريد أن “تفرض علينا ما تشاء من أسماء وصيغ وأوضاع”. وشدّد، أثناء استقباله المهنئين بفوز قائمته، على أنّه “لا إيران ولا غير إيران باستطاعتها أن تحكم العراق. لا إيران ولا غير إيران تستطيع أن تفرض علينا ما تريده، ومن العيب على إيران، وهي تدّعي أنها جارة مسلمة، أن تتدخل في الشأن العراقي بهذه الطريقة، وهذا مرفوض ولا نقبله إطلاقاً”.
وأوضح علاوي أن “معركة بناء العراق بدأت الآن، فإما نبني العراق خالياً من المشاكل والتفرقة وعلى قواعد المساواة والمشاركة الحقيقية، وإما لا سمح الله ينهار العراق نتيجة هذه التدخلات التي تحاول أن تنال من قيمة العراق”. وعن توقعاته المستقبلية إزاء هوية مَن سيؤلف الحكومة المقبلة، بدا علاوي متشائماً عندما أشار إلى أن “الأيام المقبلة ليست سهلة، ولهذا فإن تكاتف العراقيين وتآزرهم لمجابهة التحديات، أصبح أكثر من مطلوب”. وانضم الهاشمي إلى منتقدي اجتماعات طهران، واصفاً إياها بأنها “تدخل مرفوض، وخصوصاً عندما يتجاوز المشورة وتبادل وجهات النظر ليصل إلى عملية صنع القرار”.
النتائج النهائية
أظهرت النتائج الرسمية النهائية، التي أصدرتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بعد 19 يوما من التصويت، فوز “العراقية” على “دولة القانون” بفارق مقعدين، إذ نالت 91 مقعدا مقابل 89 لقائمة المالكي، و70 مقعدا لـ”الائتلاف الوطني العراقي” بزعامة “المجلس الأعلى الإسلامي العراقي” برئاسة عمار الحكيم والتيار الصدري برئاسة السيد مقتدى الصدر. ونال “التحالف الكردستاني” 43 مقعدا.
وبينما حصلت قائمة علاوي على 12 مقعدا في المحافظات الجنوبية، لم يحصل ائتلاف المالكي على أي مقعد في المحافظات السنية. كما حصلت “العراقية” من أصل 68 مقعدا في بغداد على 24 مقعدا، و”دولة القانون” على 26، و”الائتلاف الوطني” على 17 مقعدا، و”التوافق” على مقعد واحد. وانقسمت محافظة كركوك (12 مقعدا) بين “العراقية” و”التحالف الكردستاني” حيث حصل كل منهما على 6 مقاعد.
ونالت قائمة “التغيير” المناوئة لـ”التحالف الكردستاني” ثمانية مقاعد، ستة منها في محافظة السليمانية معقل الرئيس جلال الطالبان. وأصيبت قائمة “التوافق” بهزيمة كبيرة بحصولها على ستة مقاعد بعد أن كانت حصلت في الانتخابات السابقة على 44 مقعدا. وحصل “ائتلاف وحدة العراق” بزعامة وزير الداخلية جواد البولاني على 4 مقاعد.
Leave a Reply