تباينت العواطف بين الإبتهاج والدموع على وجوه المئات من المواطنين الذين إحتشدوا في قاعة مطعم «لابيتا» لحظة إعلان نتائج الإنتخابات البلدية في ديربورن والتي أدت إلى فوز المحامية العربية الأميركية سوزان دباجة برئاسة المجلس البلدي لأول مرة في تاريخ المدينة بعد تصدرها السباق بفارق ٣٢ صوتاً فقط عن رئيس المجلس الحالي توم تافلسكي.
دباجة بعد اعلان تصدرها للسباق |
من «أيباك» الى رئاسة المجلس البلدي
والذي يجعل من هذه السابقة التاريخية أكثر مفاجأةً هو أن دباجة البالغة من العمر 35 عاماً لم تعرف من قبل على الساحة السياسية المحلية قبل إعلان ترشحها لعضوية المجلس البلدي، عدا كونها عضواً في اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي (أيباك) وتمارس المحاماة في مكتب فرحات وشركاه في ديربورن.
وفي سباق محموم مليء بالرجال المتنافسين على سبعة مقاعد، لمع نجم دباجة في الإنتخابات التمهيدية التي جرت في آب (أغسطس) الماضي حيث حلت في المركز الثالث ولكنها فاجأت الكثيرين وأسرت العديد من السكان والجمعيات في المدينة لتحتل يوم الثلاثاء الماضي صدارة السباق، لتصبح رئيسة للمجلس البلدي والعضو النسائي الوحيد فيه.
وإضافة إلى دعم «أيباك» حصلت دباجة على دعم رئيس البلدية جاك أورايلي ورئيس المجلس البلدي السابق نانسي هابرد و«نادي ديمقراطيي ديربورن» و«نقابة إطفاء ديربورن». إلا أن العنصر الأساسي لتفوق دباجة كان حسن إدارة حملتها الإنتخابية وثبات فريق عملها طوال الأشهر الحاسمة من السباق، الى جانب نجاحها في حشد الدعم من كل أنحاء المدينة حيث نشطت دباجة ومندوبو حملتها طوال ساعات الإنتخاب بالتنقل بين الأحياء وزيارة البيوت لتذكير الناخبين بضرورة الذهاب إلى صناديق الإقتراع.
رينيه هادي، إحدى مندوبي حملة دباجة، قالت إنها أقنعت أشخاصاً كانوا في منتزه «هاملوك» بالذهاب إلى مراكز الإقتراع، وأردفت «لقد صعدوا إلى سيارتي وذهبنا لإحضار أزواجهم ونأخذهم للمشاركة في التصويت. كذلك قام البعض منا بقيادة سياراتنا في الأحياء لنحث السكان على الخروج والذهاب للتصويت ومعظمهم كانوا يعرفون سوزان لكنهم كانوا بحاجة إلى مجرد تذكيرهم أن اليوم هو يوم الإنتخاب».
وفي الجزء الغربي من المدينة، قال متطوعون في حملة دباجة إن الناخبين هناك لم يكونوا بحاجة إلى تذكير، حسبما أبلغت لولا الزين وسارة جابر «صدى الوطن» اللتان أضافتا أن سوزان لاقت ترحيباً كبيراً بين المقترعين من غير العرب في غرب المدينة. وإستطردت جابر «معظم البيوت التي زرناها أبلغنا أصحابها أنهم صوتوا لسوزان.. وهذا أمر مفاجئ لي أن أرى حجم الدعم الذي جاء من غرب ديربورن». وزادت الزين بالقول «الأشخاص الذين لم يكونوا يعرفوا سوزان قبل أن تترشح، تعرفوا عليها لاحقاً عندما كانت تقرع الأبواب وكلهم أجمعوا على أنها تركت إنطباعاً أولياً مؤثراً عليهم».
السباق الذي ظل متعادلا بين دباجة وتافلسكي جعل الحشد الذي تجمع في «لابيتا» يعيش على أعصابه أثناء عملية فرز الأصوات، حتى فرز أصوات آخر قلم انتخابي حيث حصلت دباجة 9398 صوتاً أكثر بـ32 صوتاً من تافلسكي، وعندما أعلنت النتيجة بتفوقها بالمرتبة الأولى إنفجرت القاعة بالتصفيق والإحتفال والأهازيج.
فأخذ القاضي سالم سلامة الذي كان بين الحضور المنبر متحدثاً عن أهمية نصر دباجة ملمّحاً إلى شعار «كل صوت محسوب»، وقال سلامة «عندما كانت الأصوات متعادلة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن كل صوت فردي محسوب وحتى تتمكن ديمقراطيتنا من النمو والنجاة علينا جميعاً أن نستمر في المشاركة الجدية في العمليات الإنتخابية وعلينا جميعاً أن نستمر في البحث عن أفضل المرشحين. وأخيراً علينا أن نقفز على مسألة العرق والخلفية الإثنية والصور النمطية خلال إختيار هؤلاء المرشحين».
ملاك بيضون مديرة حملة سوزان دباجة وحملة سلامة في العام الماضي عندما فاز بسباق محكمة ديربورن، محققاً إنجازاً نوعياً تاريخياً أيضاً للعرب الأميركيين، حصلت على التهنئة والتقدير بسبب مهاراتها التنظيمية وإدارة المعركة الإنتخابية التي أدت إلى نصر كبير للجالية.
وقد ساهمت عوامل عدة بهذا النصر وأولها عدم تورط دباجة في حملات الإفتراء والتراشق الكلامي التي إشتغلت بين المرشحين، فيما ظلت حملة دباجة إيجابية في توجهاتها.
وبعد إعلان الفوز تحدثت دباجة بكلمة عاطفية مؤثرة شكرت فيها زوجها وأولادها الثلاثة وسائر داعميها، وقالت «عندما أعلنت ترشيحي للمجلس البلدي منذ عشرة أشهر لم أكن أتخيل إلى أين سيصل بي المطاف. قد أكون مشككة بالموضوع لكنكم لم تشككوا أبداً بي وأنا أشكركم من كل قلبي».
وأضافت دباجة والدموع تنهمر من عينها «عندما بدأت هذه المرحلة لم أكن أظن أني سأكون في موقع المنتصر هنا. لقد عشت في جنوب المدينة ولم أكن أملك شيئاً لكني كنت أملك كل شيء بسبب تربيتي على الخلق الرشيد والفضيلة التي يحملها كل الأفراد في أحيائنا الذين يكدون ويتعبون.. هؤلاء سأحمل همومهم دائماً في نفسي».
وبسبب فوز أول إمرأة عربية أميركية لترؤس المجلس البلدي في ديربورن لأول مرة في المدينة، من شأن ذلك أن يفتح الباب أمام نساء من الجالية العربية الأميركية للمشاركة بفعالية أكبر في المجتمع، حسبما قالت لـ«صدى الوطن» شقيقة سوزان الصغرى، زينب دباجة. وأضافت زينب أن «سوزان أم وزوجة وأخت ومحامية، وقد تمكنت من لعب كل هذه الأدوار حتى الآن بنجاح، وعندما تلتزم بأمر ما فإنها تفعله بكل إخلاص وكل عائلتنا فخورة بها ونأمل أن تكون هذه البداية، ليس لها فقط، بل لكل الجالية».
Leave a Reply