إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية في ميشيغن
بعد الانتهاء من الإحصاء السكاني الذي يقام كل عشر سنوات، تشكّل إعادة رسم الدوائر الانتخابية للمجالس التشريعية المحلية والوطنية استحقاقاً بالغ الأهمية لكافة المجتمعات في عموم الولايات المتحدة، لاسيما المجتمعات الإثنية التي غالباً ما تعاني من تشتيت ثقلها الانتخابي بسبب تقسيم رقعة انتشارها الجغرافية بين عدة دوائر بدلاً من إبقائها موحدة وذات ثقل سياسي وازن.
وإذا كانت المجتمعات الإثنية في ميشيغن، بما فيها الجالية العربية، مستبعدة –في السابق– من عملية ترسيم الدوائر الانتخابية للكونغرس الأميركي والمجالس التشريعية المحلية على صعيد الولاية، فإنها اليوم مدعوة للمشاركة في هذه العملية بعد إقرار الناخبين في الولاية عام 2018 مقترحاً انتخابياً انتقلت بموجبه صلاحية ترسيم الدوائر الانتخابية من الأغلبية التشريعية إلى لجنة مستقلة يقع على عاتقها عقد جلسات عامة لاستمزاج آراء السكان قبل رسم الخرائط الجديدة التي ستعتمد للسنوات العشر القادمة.
واستناداً إلى آراء السكان ونتائج الإحصاء السكاني لعام 2020، سوف تُناط باللجنة المستقلة مهمة ترسيم دوائر ميشيغن الـ13 لمجلس النواب الأميركي، إضافة إلى إعادة ترسيم ١١٠ دوائر تشكل مجلس نواب الولاية، و38 دائرة تشكل مجلس الشيوخ.
ولا شك أن النظام الجديد الذي تبنته ميشيغن في استفتاء 2018، هو أكثر ديمقراطية وعدالة في ترسيم الدوائر مقارنة بنظام «الجريمندرية» الذي لا يزال معتمداً في معظم الولايات الأميركية الأخرى، والذي كان يمنح الأغلبية التشريعية في مجلسي نواب وشيوخ ميشيغن سلطة ترسيم الدوائر الانتخابية في الولاية، كل عشر سنوات.
وقد باشرت اللجنة –المكونة من 13 عضواً (4 ديمقراطيين و4 جمهوريين و5 مستقلين– بعقد سلسلة ندوات عامة للاستماع إلى آراء الناخبين في مختلف أنحاء ميشيغن، من ضمنها ندوة ستقام في ديربورن الأسبوع القادم.
وكانت اللجنة قد أقامت أولى ندواتها العامة بمدينة جاكسون في وقت سابق من الشهر الجاري، على أن تعقد 15 ندوة مماثلة في مدن ماركويت، غايلورد، ميدلاند، لانسنغ، فلنت، ديربورن، نوفاي، بونتياك، ديترويت، بورت هيورون، وورن، ماسكيغون وغراند رابيدز.
وسوف تقام ندوة ديربورن في «مركز فورد للفنون» على شارع ميشيغن أفنيو، بين الساعة السادسة والتاسعة من مساء الخميس 3 حزيران (يونيو) القادم، وهي مفتوحة أمام الراغبين بمشاركة آرائهم سواء عبر الحضور شخصياً أو من خلال الإنترنت أو الهاتف.
وتكتسب هذه الندوة أهمية خاصة بالنسبة للجالية العربية في مدينتي ديربورن وديربورن هايتس اللتين تضمان أكبر تجمع للعرب الأميركيين في ولاية ميشيغن.
فوفق التقسيم الحالي للدوائر الانتخابية، تخسر الجالية العربية في الديربورنين الكثير من ثقلها الانتخابي نتيجة تقسيمها بين عدة دوائر.
فبالرغم من تشابه المدينتين الجارتين ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً، إلا أنهما تقعان ضمن دائرتين مختلفتين في مجلس النواب الأميركي (الدائرتان 12 و13)، كما أنهما مقسمتان بين أربع دوائر انتخابية في مجلس نواب الولاية (9 و11 و13 و15)، وبين دائرتين مختلفتين في مجلس الشيوخ (٣ و5).
وإذا كان المجتمع العربي الأميركي في الديربورنين لم يُسأل في السابق عن رأيه في هذه التقسيمات، فإن الفرصة متاحة أمامنا اليوم للإدلاء بدلونا في هذه المسألة الحساسة التي ستؤثر على موارد مجتمعنا وتمثيله السياسي العادل ليس فقط في لانسنغ، وإنما أيضاً في واشنطن.
وما من شك، في أن السكان الذين يتشاركون القواسم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية نفسها، غالباً ما يواجهون أيضاً القضايا والتحديات نفسها. فما هو السبب إذن وراء تجزئة مجتمعنا وتذويبه في دوائر انتخابية تمتد من آناربر غرباً حتى نهر ديترويت شرقاً وصولاً إلى مدن «الداون ريفر» في جنوب مقاطعة وين، حيث لا وجود يُذكر للجالية العربية.
ولا تقتصر هذه المسألة على المجتمع العربي الأميركي فحسب، بل تتعداه إلى جميع المجتمعات الإثنية الأخرى، كمجتمع السود واللاتينيين والآسيويين والسكان الأصليين، وغيرهم من الأقليات الأخرى.
ولهذا الغرض حرصت اللجنة على توفير خدمات الترجمة باللغتين العربية والإسبانية بالإضافة إلى لغة الإشارة للصمّ والبكم، كي لا يكون عدم إجادة اللغة الإنكليزية عائقاً أمام من يرغبون في المشاركة بتشكيل مستقبلهم بطريقة فعالة.
كما يمكن للراغبين بالمشاركة، الإدلاء بآرائهم إما حضورياً أو عبر الإنترنت أو الهاتف، إضافة إلى مشاهدة الندوات مباشرة على الهواء عبر قناة سكريتاريا ميشيغن على موقع «يوتيوب».
الكرة الآن في ملعبنا، لمطالبة اللجنة المستقلة بالحفاظ على وحدة نسيجنا الاجتماعي، والحيلولة دون تقسيمنا، بشكل عشوائي يسهم بإضعاف تأثيرنا السياسي والحد من قدرتنا على انتخاب الممثلين التشريعيين الذين يتفهمون خصوصياتنا الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية.
إن إسماع أصواتنا –في هذه المرحلة الحاسمة– هو مسألة في غاية الأهمية، لضمان ترسيم الدوائر الانتخابية بشكل يعكس حقيقة ثقلنا كمجتمع يفتخر بهويته الخاصة.
لذلك، نهيب بأبناء جالياتنا العربية والإسلامية في منطقة ديترويت، وفي عموم ولاية ميشيغن، بأن يحرصوا على حضور جلسات الاستماع لإيصال آرائهم ووجهات نظرهم إلى أعضاء اللجنة، والمطالبة بصون مصالح مجتمعنا.
هذا هو الوقت المناسب لإسماع أصواتنا ودعم مجتمعنا بالطرق الديمقراطية المتاحة!
«صدى الوطن»
Leave a Reply