الجيش الاميركي منبهر بمساهمة قوات الصحوة فـي استعادة الامن لكن حكومة المالكي تتوجس من تزايد نفوذها
بغداد، وكالات – منذ ستة اشهر كانت بلدة الطارمية العراقية القريبة من بغداد مخبأ لتنظيم القاعدة ونقطة انطلاق لشن هجمات على العاصمة. والآن يمكن للمواطنين ان يسيروا في الشوارع. وازدهرت الاسواق ويقوم الجنود الاميركيون بدوريات حراسة في سلام نسبي. والسبب الرئيسي هو قيام العرب السنة بتشكيل وحدة امن يطلق عليها «فريق الصحوة» يماثل عشرات الفرق التي تم تشكيلها في انحاء العراق.
لكن بينما تبين الطارمية الى أي مدى يمكن ان تصبح فرق الصحوة التي تدعمها الولايات المتحدة فعالة فانها تسلط الضوء على التوترات في برنامج تشعر الحكومة التي يتزعمها الشيعة بقلق من تبنيه ومشاعر احباط متزايدة بين بعض الحراس بشأن مستقبلهم في المدى البعيد.
وظهرت هذه الوحدات اول مرة في محافظة الانبار الغربية في اواخر عام 2006 عندما تمرد شيوخ القبائل العربية السنية على تنظيم القاعدة بسبب هجماته التي تشن دون تمييز والتفسير المتسم بالقسوة للاسلام.
واعاد المتشددون الذين هزموا في الانبار تنظيم انفسهم في البداية في اماكن مثل الطارمية التي تبعد 30 كيلومترا شمالي بغداد. وفي ايلول الماضي قرر السكان المحليون انهم سئموا من هذا الوضع.
وقال عماد جاسم الذي انشأ والده ومول وحدة الامن المؤلفة من 500 فرد في البلدة «كانت توجد اعمال قتل ومذابح جماعية واشياء تثير الاشمئزاز. لم يكن بامكان أحد ان يسير بمفرده». واضاف «قتل اثنان من اخوتي. ولم نعد نتحمل الموقف أكثر من ذلك ووجب علينا ان نقاتل».
وينسب الجيش الاميركي الجزء الاكبر من الفضل الى فرق الصحوة السنية في انخفاض العنف في اجزاء عديدة من العراق. وتم تجنيد نحو 80 الف رجل بينهم مسلحون سابقون يحصل معظمهم على نحو 300 دولار شهريا من الجيش. وهم يتولون حراسة نقاط تفتيش ويقدمون معلومات بشأن مخابئ المتشددين.
وقال اللفتنانت كولونيل تومي بوكاردي القائد الاميركي المحلي اثناء زيارة المدينة ان الهجمات في الطارمية تقلصت من 18 هجوما في اليوم الى واحد أو اثنين في الاسبوع.
وقال وهو يشير الى المعلومات التي تنقلها فرق الصحوة الى القوات الاميركية «القاعدة تخشانا … لكنها تخشى أكثر من فرق الصحوة لانهم يعرفون من هم».
لكن بينما هذه الوحدات لها علاقات جيدة مع القوات الاميركية هناك انعدام ثقة بالغ مع الحكومة التي يتزعمها الشيعة والتي مازالت تشعر بالقلق من دعم جماعات تضم في صفوفها الكثير من المسلحين الذين حملوا السلاح في اعقاب الغزو الاميركي في عام 2003.
ويخشى بعض السياسيين الشيعة الذين يشكون في ان العرب السنة يريدون استعادة الهيمنة التي كانوا يتمتعون بها خلال حكم صدام حسين من ان فرق الصحوة يمكن ان تحول سلاحها ضد قوات الامن في العراق وخاصة بعد ان تبدأ القوات الاميركية في الانسحاب.
وفي الطارمية زادت مشاعر انعدام الثقة عندما اعتقلت الشرطة والد جاسم وهو شيخ عشيرة محلية شكلت هذه الوحدة بشأن اتهامات بأنه متورط في اعمال العنف.
وقال مسؤولون اميركيون انه مازال رهن الاحتجاز لدى وزارة الدفاع رغم تبرئة ساحته من أي اتهام.
وتزمع الحكومة التي تقول انها تقدر برنامج فرق الصحوة دمج 20 بالمئة من المتطوعين في قوة الشرطة الوطنية وايجاد وظائف مدنية للباقين عندما تنتهي الحاجة اليهم وهي عملية طال امدها.
وقال مسؤولون ان معظم المتطوعين سيتقاضون رواتبهم من الحكومة بحلول منتصف عام 2008 .
ولم يهدئ هذا الامر الشكوك على الارض في الطارمية حيث يحرس المتطوعون نقاط التفتيش وهم يرتدون ملابس مدنية.
وبينما يحمل هؤلاء المتطوعون بنادق من طراز ايه كيه-47 فان الشيء الوحيد الذي يميزهم عن المتشددين هو بطاقة هوية باللون الوردي يعلقونها حول رقابهم أو ملابس عاكسة حتى يمكن للقوات الاميركية ان تتعرف عليهم ليلا.
وقال فارس شاكر عضو وحدة الطارمية «ما هو وضعنا الان.. نريد ان ننضم الى الشرطة لكن وزارة الداخلية عرقلت ذلك». وأضاف وهو يشير الى تنظيم القاعدة «فقدنا كثير من الرجال وهزمنا جماعة لم تتمكن حتى الدول العظمى من التغلب عليها».
وانهاء التعاون يمكن ان يقوض المكاسب الامنية التي تم تحقيقها بصعوبة. لكن في الوقت الراهن يثق القادة الاميركيون في ان فرق الصحوة لن تنقلب ضدهم.
وقال البريجادير جنرال ويل جريمسلي نائب قائد القوات الاميركية في بغداد «نرى انهم مازالوا يتسمون بالود. طالما ان لديهم رؤية للمستقبل بغض النظر عن طائفتهم أو أي شيء اخر … فانهم باقون».
وتعرضت فرق الصحوة لهجمات متزايدة من جانب متشددين بينهم القاعدة.
وقال بوكاردي ان فريق الصحوة يتعرض لخسائر. ورغم انه ليس لديه احصائيات دقيقة يقول الجيش الاميركي ان الهجمات على فرق الصحوة تضاعفت منذ تشرين الاول. وقال بوكاردي «بصراحة انهم في المعركة».
وقال وليد محمد الذي يحرس نقطة تفتيش قرب لوحة اعلانات للتليفون المحمول خربها مؤيدو القاعدة الذين ازالوا وجه امرأة «منذ ان بدأنا هذه المهمة وهبنا حياتنا وانفسنا لهذا البلد ولله». وهذا الاتجاه وجد قبولا لدى الحلفاء الاميركيين. وقال غريمسلي «اننا نراهم يتعرضون لهجمات ونراهم يقتلون». واضاف «لكنهم يعودون … وهذا هو المقياس الحقيقي».
Leave a Reply