عماد مرمل
إذا كان رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية يقيم جغرافـياً فـي بلدة بنشعي الهادئة فـي شمال لبنان، إلا ان الرجل يقيم سياسياً فـي قلب الملفات الصاخبة.
لا يجيد فرنجية فن تدوير الزوايا الذي يتقنه الكثر من المنتسبين الى الطبقة السياسية اللبنانية.
صريح، واضح، مباشر، جريء، ومبدئي. هذه هي الصفات التي يتفق خصومه وحلفاؤه، على انه يتحلى بها.
يظل اسم فرنجية من الاسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية، بمعزل عن نسبة حظوظه، علما انه يحرص شخصيا على التعامل بواقعية شديدة مع الامر، انطلاقا من ادراكه بان الرئيس المقبل سيكون نتاج تقاطع داخلي- خارجي.
وفـي مقابلة مع «صدى الوطن»، يؤكد فرنجية فـي سياق تناوله الانقسام الداخلي حول الملف اليمني، انه يقف الى جانب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله فـي السراء والضراء، وبالتالي فأنا أدعمه فـي موقفه من الحرب السعودية على اليمن، مهما ارتفع سقف هذا الموقف. ويتابع: أنا لا أعتمد المداراة او المواربة، لاسيما عند المحطات المفصلية.
ويعتبر فرنجية ان أفق الحرب السعودية على اليمن مسدود، لافتا الانتباه الى ان الغارات الجوية لن تستطيع ان تفعل شيئا ولن تغير المعادلة الميدانية، مشددا على انه لا مفر من الحل السياسي فـي اليمن.
ويتوقف فرنجية عند سلوك خصوم حزب الله، قائلا: انهم يدعون فـي خطابهم السياسي الى النأي بالنفس وعدم الالتحاق بالمحاور الاقليمية، فماذا هم فاعلون عندما يدعمون السعودية فـي عدوانها على اليمن، واين اعلان بعبدا الذي يتشدقون به من هذا التورط فـي الشأن اليمني؟
وبالنسبة الى الوضع السوري، يعرب فرنجية عن اطمئنانه الى ثبات الرئيس بشار الاسد، كاشفا عن انه وفـيما كان أصدقاء دمشق يشعرون بالقلق بعد اغتيال «خلية الازمة» بتفجير مكان اجتماعهم، اتصل بي بعد وقت قصير الرئيس السوري وراح هو يرفع معنوياتي، مؤكدا ان الامور تحت السيطرة.
ويشدد فرنجية على ان الحرب التي تُشن على سوريا اثبتت ان الاسد متماسك، ولولا صلابته لما كان بإمكانه المضي فـي المواجهة حتى الآن. وفـي معلومات جديدة، يؤكد فرنجية ان التحقيقات أظهرت ان العميد وسام الحسن (الرئيس السابق لفرع المعلومات فـي قوى الامن الداخلي) له دور فـي اغتيال أعضاء «خلية الازمة» فـي دمشق.
وتعليقا على مجريات المحكمة الدولية، يقول فرنجية ان شهادات بعض المقربين من الرئيس رفـيق الحريري انطوت على العديد من المعطيات والوقائع المغلوطة، نافـيا ان يكون الرئيس بشار الاسد قد أهان الحريري ووجه اليه التهديد، بل ما أعرفه ان الاسد أبلغ الحريري رفضه تضييق الخيارات امامه وان التمديد للرئيس إميل
لحود يجب ان يظل من الاحتمالات الموجودة، ولاحقا قال الاسد للحريري، ان تجاوبه مع التمديد هو دين فـي رقبته.
ويشير فرنجية الى ان الحكم النهائي للمحكمة الدولية سيأتي تبعا للمناخ السياسي فـي تلك اللحظة، فإما ان يكون ضد حزب الله او ضد سوريا او ضدهما معا.
وفـي تفسير للدوافع الكامنة خلف اغتيال الرئيس رفـيق الحريري، يقول فرنجية ان هناك من كان يفترض فـي تلك المرحلة ان الحريري سيربح الانتخابات النيابية التي كانت قريبة، لكن المؤشرات كانت تذهب فـي اتجاه معاكس، ويبدو ان من قتله أراد ربح الانتخابات بالدم، واطلاق شرارة تنفـيذ القرار 1559. وعلى مستوى التطورات الداخلية، يتوقع فرنجية ان يستمر الشغور فـي منصب رئاسة الجمهورية وقتا إضافـيا، لتعذر التوافق حتى الآن على هوية الرئيس المقبل. ويضيف: نحن نرفض ما يسمى بالرئيس الوسطي، ولو كنا نقبل به كفريق 8آذار، لكانت الانتخابات الرئاسية قد تمت منذة فترة.
ويشرح فرنجية سبب الاعتراض على الوسطيين، قائلا: أنا على قناعة بأن قوى 14آذار تملك من الاسهم السياسية فـي كل مرشح وسطي، أكثر مما تملكه قوى 8آذار، والدليل ان 14آذار مستعدة للقبول بمرشح من هذا النوع.
ويؤكد ان العماد ميشال عون لا يزال مرشحنا للرئاسة، لكنه لا يتوقع ان تتراجع السعودية عن اعتراضها عليه.
وحول حظوظه الرئاسية، يقول فرنجية: أنا لست بوارد ان أكون مرشحا إلا إذا قرر العماد عون الانسحاب، وفـي كل الحالات فان فوزي او فوز الجنرال يرتبط بمن يمكن ان يدعمه فريق 14آذار.
ويرى ان انهاء الازمة الرئاسية مرتبط بما ستؤول اليه الملفات الساخنة المفتوحة فـي اليمن، مرجحا ان ينتهي المخاض الاقليمي الحالي الى تسويات فـي ساحات الصراع، على ان تتحدد طبيعة كل تسوية وماهيتها تبعا لخصوصية
كل ساحة وكيفـية توزع نفوذ الاطراف الاقليمية والدولية فـيها.
ويعتبر فرنجية ان لبنان سيكون أول المستفـيدين من مسار التسويات متى انطلق، لان ملفه هو الاكثر قابلية للمعالجة، قياسا الى الملفات الاخرى فـي المنطقة، مشددا على ان المطلوب من اللبنانيين فـي الانتظار ان يحسنوا إدارة خلافاتهم ويتجنبوا الانزلاق الى الاقتتال.
ويشير الى ان المطلوب صدمة إيجابية كبرى، على مستوى الداخل اللبناني، لتثبيت ركائز الاستقرار واكتساب المناعة الوطنية، موضحا ان هذه الصدمة الضرورية تتراوح بين طائف آخر ودوحة أخرى، على قاعدة تبديد كل الهواجس وتحقيق التوازن فـي كل نواحي السلطة.
ويعرب فرنجية عن عدم تفاؤله كثيرا بالحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، لافتا الانتباه الى انه ما دام لا يوجد اتفاق بينهما على الاستحقاق الرئاسي، فكل الباقي يصبح ثانويا واقل أهمية.
Leave a Reply