وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى وفارق ولكن بالتي هي أحسن.
إنهم أهل الثرثرة من رجال ونساء، أصحاب الألسنة الطويلة، تجدهم وين ما كان، هنا في المهجر أو في الأوطان، من ذوي الضمائر الغائبة والنايمة.
هوايتهم القدح والذم والتجريح بالناس وبالنساء بنوع خاص، هؤلاء في نظري، هم عاهات المجتمع وقذارة البيئة ونتانة المحيط وثاني أوكسيد كربون الهواء المثقل بالنميمة والكلام الفاضي متل التنكة إن دحرجتها الريح.
من أمثال الثرثارين، رجل متزوج، لسانه أطول من ذيله. مهمته الطعن بأعراض النساء المتزوجات على اعتبار أن زوجته مثل امرأة السلطان باشا فوق النقد وفوق الشبهات. ذلك الزوج –غير الآدمي- لا يكتفي بالثرثرة العلنية بل يبعث برسائل نصية وبموجات قصيرة، يرسلها إلى بعض الأزواج يوشي لهم بزوجاتهم، نافثا فيهم حمية الجاهلية ويدفعهم لمراقبتهن وكأنه شاويش آداب قليل الأدب. لو راقب ذلك المخلوق البشري نفسه، بدل من أن يراقب ويثرثر على الناس، لأكتشف أن “المي ماشية تحت سرواله” وهو أول المخدوعين وآخر من يعلم.
وماذا نقول عن امرأة حيرانة بدينة بحجم المدينة، تنظر إلى هذه وتلك من جميلات الأرض وهي حردانة وزعلانة على دكاترة التجميل لأنهم لا يعرفون السبيل إلى تدويرها وتكريرها لتشبه لينا أو نينا أو هيفا أو أليسا. هذه المرأة البشعة الشنيعة التي لا ينقصها إلا الشوارب، بنت عيلة من النفاريش، وكلمة الـ”نوفوريش”، كلمة فرنسية تعني جماعة الأغنياء بعد جوع وفاقة، أو “محدثي النعمة”، وتعني أثرياء الزعبرة والتشبيح وسرقة الكحل من عيون البؤساء. ما يعنينا من كل ذلك، أن تلك السيدة تملك صالونا في بايسمنت بيتها شتاء، و”الباك يارد” صيفا، حيث تجتمع حولها أغلب أيام الأسبوع، ست سبع ستات ثرثارات من فصيلتها، لا هم لهن إلا تهشيم غيرهن من النساء: هذه ساقطة وتلك فلتانة والتالتة “ياي شو سئيلة” والرابعة “يي عليها شو ناقصة” والخامسة “الحمى تسلقها والبلي يسترها” وهذه نصابة وتلك محتالة، والثامنة متواطئة مع زوجها على النصب والاحتيال.. والعاشرة “ياي شو بخيلة وفجعانة”.
هذه المرأة الوسيعة الشنيعة وأخواتها، لو فتشت لوجدت أنها هي نفسها دشرها زوجها وهجرها ابنها، وأخرى هربت منها بناتها: واحدة سكنت لوحدها والثانية تعيش مع “البوي فريند” صديقها علنا. والأغرب أن تجد بين تلك النسوان واحدة حضرتها عاشقة وغلبانة لشاب صغير من عمر ابنها.
أما زير الحصايد، فهو رجل عازب، يتباهى أنه واحد من الظرفاء، الذين الفوا الحرية والخفة والعبث والهزل، وبما أنه عازب قديم، فله الحق أن يتفلسف ولسانه يطول كل الناس، لكنه نسي أن اللسان واحد عند الجميع ومن يريد أن يطاله يستطيع ذلك بسهولة حتى لو كان حضرته عميد العازبين. هذا العازب “المش مهضوم” ما أن يرى اثنين، امرأة ورجل، حتى يأخذ بالنقد والتقريق والتنكيت والتصفير بلا خجل ولا كسوف ولا خسوف. هذا العازب المنتهية صلاحيته لو نظر الى المرآة لوجد شكله يشبه “الصوص البردان” وأدرك أن الناس يأكلون بألسنتهم مثلما يأكل هو، لانكفأ الى قنه وندم على ثرثرته، ولملم خيبته ونام.
إن حكمة القول أن هؤلاء الثرثارين، لو يدرون أن معظم الناس يحتقرون أصحاب الألسنة الطويلة السليطة لقناعتهم بأن من “نقل إليك.. نقل عنك”، وأدركوا أن بلاء الإنسان من اللسان، لخافوا كثيرا وضبضبوا ألسنتهم التي تعبر عن شخصياتهم التافهة وما نشروا السم الذي تجرعونه طويلا.
Leave a Reply