واشنطن – بعد فضائح التجسس على الاتصالات الهاتفية والبريد الإلكتروني للأميركيين، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز»، الأحد الماضي، أن وكالة الأمن القومي الأميركية، وهي جهاز المراقبة الرئيسي للحكومة الفدرالية، تتجسس على حسابات «فيسبوك» الشخصية ومواقع تواصل اجتماعي مترابطة. وجاء الكشف عن هذه المعلومات من قبل صحيفة «نيويورك تايمز» نقلا عن وثائق قدمها إدوارد سنودن المتعاقد السابق مع الوكالة والذي فر إلى روسيا في وقت سابق من العام الجاري.
إلا أن مدير وكالة الأمن القومي، نفى الاربعاء الماضي تجسس الوكالة على الاميركيين من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. وفي جلسة استجواب أمام مجلس الشيوخ اعترض الجنرال كيث الكسندر على مقال «نيويورك تايمز» بوصفه بأنه «يتسرع في استخلاص ان الرقابة تشمل الاميركيين، وهذا ليس حقيقي». وأضاف «من الخطأ تماما القول إننا نراقب شبكات التواصل الاجتماعي بحثا عن أميركيين». وتابع «من نبحث عنهم هم الاشخاص الذين يجرى تحقيق بشانهم بتهمة الارهاب أو شيء من هذا القبيل». واعترف الجنرال الكسندر بأن وكالته التي كانت وراء جدل واسع حول مشروعية برامج التجسس التي كشف عنها ادوارد سنودن تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لـ«زيادة» معلوماتها بشان المشتبه بهم. وأوضح أنه إذا خضع مواطن اميركي للتحقيق فان «مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي اي) هو الذي يتولى الامر»… مضيفاً «أننا نعمل على الشبكات الاجنبية وليس على الجانب الأميركي».
وكانت «نيويورك تايمز» أكدت في عدد الأحد الماضي أن سنودن كشف في تصريحات جديدة ان وكالة الامن القومي تتجسس على اميركيين على شبكات التواصل الاجتماعي منذ 2010 وان الوكالة وضعت احداثيات بيانية دقيقة للعلاقات بين مستخدمي الانترنت هؤلاء.
وقال السناتور باتريك ليهي «مع كشف كل هذه المعلومات لا يوجد ما يثير الدهشة في رؤية المخابرات تعاني من ازمة ثقة» واضاف «لقد حان الوقت لتغيير ذلك» مطالبا بمزيد من «الشفافية» مثل انهاء «عمليات التجميع المكثفة» للبيانات الهاتفية.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقريرها أن وكالة الأمن القومي قامت على مدى ما يقرب من ثلاث سنوات بجمع البيانات التي تحصل عليها عبر التجسس على مواقع التواصل الإجتماعي على الإنترنت لمعرفة تفاصيل الصلات الاجتماعية لبعض المواطنين، والتي يمكن أن تحدد هوية أصدقائهم وأماكنهم في أوقات معينة.
وتأتي هذه الفضيحة في أحدث كشف لأنشطة وكالة الأمن القومي التي أثارت قلقا من التوغل غير المعروف في الحياة الشخصية للأميركيين باسم الحماية من «الهجمات الإرهابية» والخارجية الأخرى. وأشارت الصحيفة بموقعها على الإنترنت إلى أن الوكالة بدأت السماح بتحليل المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية بعد أن رفع مسؤولون بالوكالة الاستخباراتية القيود المفروضة على هذه الإجراءات. وقالت متحدثة باسم وكالة الأمن القومي إن التغييرات بالسياسة التي كشف النقاب عنها في أحدث كشف، اعتمدت أساساً على حكم أصدرته المحكمة العليا عام 1979 بأنه لا يمكن للأميركيين أن يتوقعوا خصوصية بأرقام التليفونات التي يتصلون بها.
ونقلت الصحيفة عن المتحدثة ذاتها قولها إنه بناء على هذا الحكم فإن وزارتي العدل والدفاع قررتا أنه من المسموح به إنشاء ما يعرف باسم سلسلة الاتصالات باستخدام «البيانات الوصفية» للأميركيين والتي تشمل التوقيت والمكان والتفاصيل الأخرى المتعلقة بالاتصالات الهاتفية والبريد الإلكتروني ولكن ليس مضمونها.
وأوضحت «نيويورك تايمز» أن الوكالة «غير ملزمة» بالحصول على إذن بعمليات التحليل تلك من محكمة مراقبة المخابرات الأجنبية. وأضافت أن مذكرة لوكالة الأمن القومي من كانون الثاني (يناير) 2011 أظهرت أن هذا التغيير في السياسة كان يهدف إلى مساعدة الوكالة على «اكتشاف وتعقب» الصلات بين أهداف المخابرات بالخارج والأشخاص بالولايات المتحدة.
ووفق ما نقلته وكالة «رويترز» فإنه أجيز لوكالة الأمن القومي إجراء «تحليل بياني واسع النطاق» لسلسلة كبيرة جدا من البيانات الوصفية دون الاضطرار إلى التأكد من جنسية «كل عناوين البريد الإلكتروني أو رقم الهاتف أو بعض المعطيات الأخرى المحددة للهوية» مشيرة إلى أنه وبسبب المخاوف من انتهاك الحياة الشخصية للمواطنين الأميركيين لم يكن يسمح سابقا بتحليل الحاسوب لمثل هذه البيانات إلا للأجانب فقط.كما قالت «نيويورك تايمز»، نقلا عن الوثائق، أنه كان يمكن للوكالة تدعيم بيانات الاتصالات بمواد من مصادر عامة وتجارية وأخرى من بينها الشفرات المصرفية ومعلومات التأمين والصفحات الشخصية على «فيسبوك» وقوائم الركاب بالإضافة الى سجلات الممتلكات وبيانات غير محددة عن الضرائب.
يُشار إلى أن زعماء لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ، قالوا إنهم يعملون على وضع قانون يشدد الإشراف على البرامج الفدرالية للتنصت الإلكتروني، في ظل تزايد التأييد لمثل هذه التغييرات منذ أن سرّب سنودن معلومات في حزيران (يونيو) بأن الحكومة تجمع بيانات خاصة بالإنترنت والتلفونات أكثر بكثير مما كان معروفا من قبل.
Leave a Reply