في حفل نظمته مؤسسة “مدرار” و”المركز الإسلامي في أميركا” وبرعاية القنصلية اللبنانية
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
عندما سافر الحاج عبد الله بري نجل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري
إلى الصومال المنكوب لمساعدة أبنائه الذين تفترسهم المجاعات، تفاجأ بوجود مأساة أخرى. فوسائل الإعلام، التي تنقل منذ شهور صور الصوماليين الذين لا يجدون
ما يسد رمقهم، لم تركز كفاية على مئات آلاف البشر ممن لا يجدون ما يبل ريقهم. ولتكتمل فصول المأساة التي بدأت بموت مئات الآلاف من شدة الجوع.. ومن شدة العطش كذلك، وكل هذا يحدث على مرأى ومسمع العالم.
وأدرك بري الإبن خلال زيارته ضرورة توفير مياه الشرب للصوماليين الذي يتساقطون موتى وهم في طريق البحث عن الماء، وأوحت له تلك المشاهدات الأليمة بضرورة حفر آبار ارتوازية في العاصمة مقديشو التي ضربها الجفاف، وتم بالفعل تحقيق ذلك الهدف بالسرعة القصوى وبتكلفة بلغت 120 ألف دولار للبئر الواحد الذي يؤمن مياه الشرب لحوالي ٥٠ ألف صومالي.
كما أنشأ بري مؤسسة خيرية بإسم “مدرار” لتكون مؤسسة ذات أهداف إنسانية تعنى بإيصال التبرعات بكافة أشكالها إلى الصوماليين وغيرهم في كل أنحاء االعالم، بدون مقابل أو أجور.
حفل تبرعات في ديربورن
وقد أقيم مساء الثلاثاء الماضي حفل تبرعات خيرية لمساعدة جياع الصومال في قاعة “بيبلوس” في مدينة ديربورن، وذلك بالتعاون بين مؤسسة “مدرار” و”المركز الإسلامي في أميركا” بحضور ورعاية قنصل لبنان العام في ديترويت حسام دياب وفعاليات اجتماعية ودينية ورجال أعمال وخير.
تجدر الإشارة إلى أن ذلك الحفل لم يكن المرة الأولى التي تقوم فيها الجالية العربية في ديربورن بجمع المساعدات، بل سبقته مبادرة “لجنة النشطاء الشباب” في “النادي اللبناني الأميركي” التي بدأت منذ حوالي الشهرين وقامت بإرسال مواد غذائية وإنسانية بالتعاون مع مؤسسة “زمان” ومؤسسات أخرى.
وكان عريف الاحتفال الأستاذ والمربي عماد فضل اللة قد تساءل خلال تقديمه للمشاركين في البرنامج الخطابي: “لماذا الصومال؟ والله أمرنا بالأقربين، والأقربون أولى بالمعروف. وقال: الجواب في الصورة التي تختصر الكثير من الكلام”.
وقد بث شريط فيديو قبل بدء الاحتفال تضمن مشاهد مؤثرة عن موتى قضوا جوعا أو عطشا وتبدو على أجسادهم الذائبة ووجوهم الناحلة آلام المعاناة الطويلة والممضة.
وتحدث إمام المركز الإسلامي السيد حسن القزويني عن معاني العطاء والتصدق على الفقير في الإسلام، وساق أمثلة من القرآن الكريم وأحاديث عن النبي محمد (ص)، وقال: “إن الإسلام ليس مجرد طقوس وشعائر، ولكن المسلم الحقيقي هو الذي يشعر بالآخرين”.
وأضاف: “نحن هنا لنساعد في إغاثة وإطعام الجوعى في افريقيا، وقد يسأل سائل لماذا ليس في فلسطين أو لبنان أو العراق أو غيرها، والجواب بسيط: لا فرق بين بقاع الأرض. إن الفروق يراها الناس أما الله سبحانه وتعالى فلا يقيم اعتبارا للفروق بين البشر إلا على أساس التقوى”.
من ناحيته، أورد القنصل العام حسام دياب بعض الإحصائيات عن أعداد المتأثرين بالمجاعة في القرن الإفريقي وذكر أرقاما عن أعداد حالات الوفاة جراء ذلك. وقال إن 55 بالمئة من الشعب الصومالي يتأثرون مباشرة بالمجاعة والنقص الحاد بالأغذية والأشربة، وأن حوالي 30 ألف طفل ماتوا من الجوع في الأشهر الثلاثة الأخيرة.
أضاف: “إنه من العار على دول العالم إذا لم تبادر لإيجاد حل سريع لهذه الأزمة الإنسانية الصادمة”.
وأثنى دياب على القائمين على مؤسسة “مدرار” اللبنانية وقال: “لقد قامت الحكومة اللبنانية بإرسال مجموعة من الشباب اللبنانيين إلى مساعدة الصوماليين في شهر رمضان الماضي، وهؤلاء الشباب يخاطرون بحياتهم من أجل مساعدة المحتاجين على التغلب على ظروفهم البائسة والقاهرة، واليوم نجتمع هنا كمجتمع موحد ومعطاء لنساهم بالشكل الذي يعكس صورة بلادنا المشرقة”.
ووصف الناشط الشاب حسين هاشم العطاء بأنه لغة عالمية، وتحدث عن تجربة “لجنة النشطاء الشباب” في “النادي اللبناني الأميركي” التي تتضمن “مجموعة من الشبان تسلحوا بالأمل وعملوا في الوقت الذي لم ينتبه فيه أحد إلى حجم المأساة في الصومال”.
وقالت مدير مؤسسة “زمان” الحاجة نجاح بزي: “إن الجوع ليس من صنع الله بل من صنع الناس، فإلهنا هو إله العدالة ولكننا كبشر طماعون وهنا تكمن المشكلة”.
وشددت بزي على أن أبناء الجالية لديهم الاستعداد للتبرع ولكن عليهم كمتبرعين أن يعرفوا أين تذهب أموالهم، ويودون الاطمئنان على قانونية نقل تلك الأموال إلى مستحقيها. وشجعت بزي الحاضرين على التبرع مع الشعور بالثقة أن تلك الأموال يتم إيصالها عبر أيد أمينة إلى من ينتظر المساعدة.
وشرح الشيخ حسنين رجب علي بعض الآيات القرآنية التي يدور موضوعها حول التصدق والتبرع والعطاء. وقال إن الإسلام يتميز عن غيره من الأديان بأنه دين عملي، فهو الدين الوحيد الذي يقود فيه عطاء المحتاجين ومساعدتهم إلى غفران ذنوب الناس.
واستشهد ناشر “صدى الوطن” الزميل أسامة السبلاني بقول قائد حركة الحقوق المدنية الدكتور مارتن لوثر كينغ: “السؤال الملح في الحياة هو ما الذي تقدمه للآخرين؟”.
وخاطب السبلاني الحضور بالقول: “لقد أجبتم اليوم عن هذا السؤال.. في مجتمعنا من السهل أن تتبرع جاليتنا لغزة وبنت جبيل وغيرها، ولكن المهم أنكم اليوم تتبرعون لأناس لا تعرفون أسماءهم ولا عناوينهم، وكل ما تعرفونه عنهم أنهم يتضورون جوعا وعطشا”.
وأشاد السبلاني بدور مؤسسة “مدرار” ومؤسسها الحاج عبدالله بري “الذي ترفع عن الأنانية وأعطى مثالاً يحتذى في الإنسانية عندما أمضى عيد الفطر المبارك في الصومال وهو يخدم المحتاجين هناك، علماً أنه قادر على أن يمضي العيد في أكثر مدن ومنتجعات العالم رفاهية لكنه آثر أن يقضيه في عاصمة الجوع والموت”.
كما شكر السبلاني دور “مدرار” في مساعدة الصوماليين داعيا المتبرعين إلى الإطمئنان على تبرعاتهم أنها ستحقق الغاية المنشودة وسوف تصرف في المكان الصحيح وبالطريقة الملائمة.
Leave a Reply