مريم شهاب
فـي يوم عيد الحب، وملاكه السان فالنتاين، يستحق الغرب، من الشرق أن يقدم له وردة الحب الصا فـي.
منذ الأزل، الغرب البارد عاشق للشرق الدافئ، مسحور بلياليه وأقماره ورماله. صقيع الغرب دفعه ليأتي إلى بلاد الشرق ليعلمها كيف يكون الحب على طريقته، الحب السادي الدموي الجذور، والذي لا يفهم الحلول العقلانية.
أهل الشرق كانوا بسطاء وأبرياء. لم يعتدوا على أحد ولم يبغوا على أحد. آباؤهم أيضاً كانوا مرتاحين فـي أميتهم وجهلهم وبساطتهم. كان منهم الفلاح والتاجر والفنان والشاعر. بلاد عامرة بأهلها ومدن حديثة تزهو بآثارها القديمة العريقة عبر العصور. لم يخوضوا حرباً ولم يخترعوا سلاحاً. سلاحهم كان خنجراً معقوفاً وسيفاً يمانياً للزينة لا للقتل، مقتنعين أن الأرض كلها لله وكل ما عليها خلق الله. ومن الأجداد تعلموا حنو الأمٍ على الأرض ومحبة ترابها وزرعها وانمائها. هذه البساطة والبراءة كانت خاليةً من «فايروس» الكره، وهذا ما جاء به الغرب، تفاحة الحب السام؛ التي قضمها الجميع «نتشة»، «نتشة» حتى سرى مفعولها فـي الشرايين، وإلى القلب فأماتته، وسقطت ورقة التين وبدا الجميع عراة وبانت سوءاتهم. فهذا مسيحي وهذا مسلم وهذا سني وهذا شيعي وذاك كردي وأرمني وإيزيدي وصابئي. ملل ونحل لم يسمع بها الأولون، كل ذلك باسم الحب.
بعد إذاعات الهواء والتلفزيونات، جاءت أسلاك الإنترنت لتدخل إلى البيوت، إلى العقول إلى غرف النوم وإلى كل زاوية مبهمة، تحض الجار على جاره وعلى صديقه وعلى ر فـيق طفولته، ترغمه على سن أسنانه وسيفه للإنقضاض حتى طالت المخالب وظهرت الأنياب وإقامة حفلات اسطورية لملوك الكره والشر، تغص فـيها الصفوف الأمامية بالمدعوين من ما فـيات الاحتيال وحاملي الجشع ولصوص الفرح والمحرضين على الجريمة والفحش والخراب.
بإسم الحب ضاعت جوهرة المشرق. الغرب أحب بني صهيون بعد أن سامهم سوء العذاب فزرعهم فـي قلب الشرق فـي فلسطين. وصار الحبيب المدلل المتباهي بالمساعدات الغربية، له المال والسلاح والعزة والجبروت، وللشعب الفلسطيني الذي يعيش على أرضه منذ آلاف السنين الفقر والعذاب والشقاء، والقتل والضرب بالنار على الطالع والنازل، بالأيدي والأرجل والمدافع والقنابل والكذب عن وجود أرض بلا شعب لإقامة دولة دموية تشبهاً بمن غزا العالم الجديد وأباد سكانه من الهنود الحمر وأكل جاره جوعاناً وأكله شبعاناً، ثم أمر الحمل أن يحب الذئب. إنه الحب العجيب، الحب الخانع والبليد.
نهر الحب الغربي لا ينضب. منذ الحروب الأولى والثانية، و فـيتنام وحرب الشيشان وكوسوفو وأفغانستان إلى الآن. حروب حقيقة وإبادة بإسم الحب. الموت هو الطريق السريع إلى الراحة من هذه الحياة وإراحة من اختارهم القدر لإقامة مملكته على الأرض، وهدم المسجد الأقصى لإقامة معبدهم الحبيب.
إنه الكره وليس الحب الذي يسود هذا العالم. خنق الكره الحب وأماته. إنتشر صقيع البغض أمام حرارة البساطة والبراءة وكل ذلك بفضل هذا الغرب المتحضر وفظاعات الرجل الأبيض وتوحشه الإستعماري الذي يهدي
لشرقنا العزيز ما يفـيض عنه من أسلحة ورصاص ليقتل البلهاء بعضهم بعضاً، بينما هناك لاعب شطرنج أتقن اللعب جيداً عبر التاريخ، يقهقه شماتة وزهواً.
Leave a Reply