تونس – استكمل التونسيون، الأسبوع الماضي، الشوط الأخير في مسار إنهاء تداعيات الأزمة السياسية التي تأججت إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 تموز (يوليو) الماضي. فبعد مخاض طويل وعسير استدعى تدخل أطراف المجتمع المدني لحل الأزمة عبر طرح مبادرة للحوار الوطني، تسلمت الحكومة الجديدة برئاسة مهدي جمعة مهامها رسمياً، لتخلف، في قصر القصبة، وفي مشهد ديمقراطي لافت، حكومة القيادي في «حركة النهضة» علي العريّض، فيكتمل بذلك تطبيق أبرز بنود خريطة طريق الحوار.
وقد شهدت تونس خلال الأسبوع الماضي إنفراجاً سياسياً آخر مع إقرار دستور جديد للبلاد بأكثرية الاصوات قبل أن توقع عليه القيادة التونسية في ٢٧ كانون الثاني (يناير) الماضي.
وقد صادق البرلمان -بموافقة 200 نائب من أصل 216- على دستور جديد للبلاد التي كانت مهد «الربيع العربي» وذلك بعد مضي ثلاث سنوات على «الثورة» التي أطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
ووصف مراقبون تونسيون واجانب هذا الدستور بأنه الاكثر تقدمية وضمانا للحقوق والحريات في العالم العربي.
وفي جلسة أخرى عقدت منتصف الأسبوع، أُقرَّت بأغلبية 149 نائباً من أصل 193 الثقة بحكومة جمعة التي ستحل محل الحكومة المستقيلة التي كانت تقودها حركة «النهضة» الاسلامية التي تنحت عن السلطة منعاً لتكرار التجربة المصرية التي دفعت «الإخوان المسلمين» الى الهاوية. وقد صوت ضدها 20 وامتنع 24 نائبا عن التصويت.
وتتكون الحكومة من 21 وزيرا و7 وزراء دولة بينهم ثلاث سيدات. وقد انتقد عدد من أعضاء المجلس وزيرة السياحة آمال كربول (41 عاما) التي تقيم في ألمانيا بسبب زيارتها الى اسرائيل التي لا تقيم معها تونس علاقات دبلوماسية.
وردّ مهدي جمعة (52 عاما) بأن كربول سافرت سنة 2006 من مطار فرانكفورت بألمانيا إلى مطار تل أبيب باسرائيل على ان تتوجه منه إلى الاراضي الفلسطينية في نطاق برنامج ممول من الامم المتحدة لتدريب شبان فلسطينيين.
وأضاف أنها تعرضت في المطار الاسرائيلي الى مضايقات استمرت ست ساعات كاملة لأنها (عربية مسلمة تونسية) وانها بقيت يوما واحدا في اسرائيل وبعد ذلك رجعت الى المانيا ورفضت اكمال هذه المهمة. وأضاف انه اختار تشكيلة حكومته على أساس ثلاثة معايير هي الاستقلالية والكفاءة ونظافة اليد. وتعهد بتغيير أي عضو في حكومته يخلّ بأحد المعايير الثلاثة.
وكانت آمال كربول قد قدمت استقالتها الى رئيس الحكومة وتركت له حرية الاختيار بين قبولها أو رفضها، وذلك بعدما اتهمها النواب بـالتطبيع مع اسرائيل، ولكن جمعة رفض استقالتها.
وقبلت المعارضة وحركة «النهضة» «خارطة الطريق» التي طرحتها المركزية النقابية بشكل «مبادرة» نشرتها في 29 تموز الماضي. وحكومة جمعة مطالبة بحسب نص «المبادرة» بـ«إشاعة مناخ من الأمن والثقة والاطمئنان لدى المواطنين بما يمكّن من إجراء انتخابات شفّافة حرّة وفي ظروف عادية وملائمة».
كما يتعين عليها حلّ ما يسمى «روابط حماية الثورة» و«متابعة من اقترف منهم جرما أو اعتداء». وتقول المعارضة والمركزية النقابية ان هذه الروابط المحسوبة على «النهضة» هي «ميليشيات اجرامية» تحركها الحركة ضد معارضيها في حين تنفي الحركة ذلك.
Leave a Reply