حين سقطت كرة من النار على مبنى في لبنان أحد أيام تموز (يوليو) 2006 أمام أعين علاء مكي، الصبي الأميركي حينئذ (11 عاماً) حسب أنها ألعاب نارية رائعة، لكنها في الواقع لم تكن كذلك.
كان مكي الذي ولد ونشأ في ديربورن قد ذهب ذلك الصيف لزيارة الأهل والأقارب وقضاء أوقات ممتعة في لبنان، لم يكن يدرك أن حرباً ستندلع، وأن كرة اللهب تلك كانت صاروخا إسرائيليا كان باكورة حرب شعواء شنتها إسرائيل على لبنان ودامت 33 يوماً وأدت إلى استشهاد 1191 لبنانياً ودمار هائل.
تلك الحرب اسماها اللبنانيون «حرب تموز» وأسماها الإسرائيليون «حرب لبنان الثانية» التي شنها الكيان الصهيوني جواً وبراً وبحراً بحجة تحرير اثنين من جنود الاحتلال وقعا في أسر «حزب الله».
انتهت الحرب بوقف لإطلاق النار، ولكن الذكريات ظلت ماثلة في أذهان الذين خبروها وأكتووا بنارها، وبينهم آلاف الأطفال والصبية اللبنانيون الأميركيون الذين كانوا في زيارة للأهل في لبنان.
مكي، واحد من هؤلاء، لا تزال الذكريات الأليمة للحرب حية في وجدانه رغم مرور سبع سنين على انقضاء الحرب والتي اندلعت في 12 تموز (يوليو) وانتهت في 14 آب (أغسطس ) 2006.
يقول مكي (18 عاما الآن) إنه أدرك مؤخرا فظاعة 12 يوما مرت عليه في تلك الحرب في بلدة تبنين في الجنوب اللبناني، قبل أن يحالفه الحظ ويغادر لبنان إلى سوريا ومن ثم العودة لأميركا. «كان الوضع يسوده الهلع، لا أعرف كيف تمكنت من الصمود، أحمد الله أني ما زلت حيا، لقد كان الموت قريبا مني».
تعرضت تبنين في تلك الحرب لقصف عنيف، قضاها مكي مختبأ في سرداب جدته غير الحصين في مواجهة الغارات الجوية، وبعد قضائه أسبوعين تحت القصف، غادر إلى سوريا بسيارة ترفع راية بيضاء في إشارة إلى أن ركابها من المدنيين، وعلى طول الطريق شاهد مكي سيارات مدمرة وجثثا ملقاة على قارعة الطريق، يقول مكي «كنت وحيدا في المطار مع أمي، لم يرافقنا والدي الذي آثر البقاء في لبنان لتقديم العون للضحايا ضمن طواقم الصليب الأحمر».
مكي لا يخفي سخطه على مساندة الولايات المتحدة لإسرائيل سياسيا وعسكريا، ويقول «حكومتنا تعتبر إسرائيل هي الضحية والواقع أننا نحن العرب كنا الضحايا».
ريم تميم، وهي أيضاً من سكان ديربورن، كانت في بيروت لحظة اندلاع الحرب وبقيت هناك أسبوعين قبل تمكنها من المغادرة على متن سفينة حربية أميركية قامت بإجلاء الرعايا الأميركيين من لبنان.
تجربة تميم لم تكن بمرارة تجربة مكي، فمن المعروف في تلك الحرب أن إسرائىل لم تقم باستهداف بيروت خلال العدوان، حيث وضع زعيم «حزب الله» السيد حسن نصرالله معادلة تقضي بقصف تل أبيب في حال قصفت إسرائيل العاصمة اللبنانية.
وتقول تميم «بقينا في بيروت وكنا نسمع دوي القنابل على بعد بضعة أميال ومسبّبا اهتزاز المنازل، كنا بجوار أحد المساجد وكنا نصحوا على أصوات القصف بدل صوت الآذان، وكانت تلك الأصوات تقترب منا يوما بعد اخر، كنا نخشى أن تقوم إسرائيل بقصف بيروت».
وأضافت تميم (13 سنة حينها) «بعد مغادرة لبنان شعرت بتأنيب الضمير»، فهي تلوم نفسها كيف تركت خلفها الأطفال اللبنانيين يعانون من ويلات الحرب.
تعاني تميم حتى الآن من الكوابيس، تنام على صوت القنابل التي تدوي في رأسها، تشعر وكأنها ما زالت في لبنان. قالت إن رحلتها على متن السفينة من لبنان إلى قبرص ومن ثم إلى إيرلندا جواً كانت تجربة مروعة. فقد كانت السفينة مزدحمة بالمسافرين والوجبات المقدمة غير حلال ولم يكن فيها مكان للإستحمام، لكنها ورغم ذلك شكرت جهود الحكومة الأميركية في إجلاء الرعايا وإعادتهم إلى الولايات المتحدة، وقالت «كان بإمكانهم تركنا هناك».
Leave a Reply