«من جعبة الذكريات» حلقات أسبوعية
هذا هو الشهر الأول الذي أمضيته في العاصمة العاجية أبيدجان وقد التقيت خلالها بالعديد من رجالات الإغتراب اللبناني الذي أمضوا زهرة شبابهم في تلك الديار الحارة جدا، والجميلة جدا ولقد عشت معهم وشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم وناقشتهم في كثير من المشاكل الإغترابية فضلا عن المتاعب العديدة التي يعاني منها المغترب اللبناني في دنيا الإغتراب.دعيت يوماً لحضور حفلة زفاف نجل أحد الأصدقاء أقيمت في قاعة أحد الفنادق الفخمة، التقيت خلالها بأفواج من المغتربين الذين أنعم الله عليهم بالخير الوفير. وبدا ذلك جيدا عبر مظاهر الكرم العربي والسخاء اللبناني العريق في تكريم الضيوف على أنغام الموسيقى الشرقية وهي تصدح ليبدأ بعدها الرقص الغربي، ولنرى عشرات «الصبايا» اللواتي تجاوزت أعمارهن عتبة الخمسين وكيف أنهن كن يتمتعن بخفة ورشاقة ولا الصبايا بنات العشرين. لقد جاءتني احداهن تدعونني مشكورة لحسن ظنها بي، إلى رقصة قيل عنها أنها رقصة الجيرك فاعتذرت لها لجهلي كل أنواع الرقص ثم جاء دور الرقص الشرقي وبدأ الرقص والتمايل على أنغام «هزي يا نواعم» وأيضا دعيت من قبل احداهن اللواتي أبدعن الرقص – وهن قد تجاوزن العقد الخامس وتفوقن على غيرهن من الصبايا اللواتي لا زلن تحت سن العشرين.
أبيدجان ليلاً |
الخبر المحزن والنهاية المؤلمةومرت الأيام وتلتها الأشهر وكنت كلما ضاقت بي الأمور وتراكمت متاعبها، كنت تراني أتوجه إلى أبيدجان للإلتقاء بسمو الأمير عبد الله الأقرع. وبالعديد من الأحبة والأصدقاء. وفيما كنت في لبنان علمت أنه وصل إلى بيروت مع عائلته، فتوجهت إلى قانا لزيارته وهناك كان لي معه لقاء في القصر الذي شيده في مداخل بلدته قانا حيث رافقته في تفقد القصر وأرجائه، لقد طفت وإياه في طوابق القصر، وأطلعني على المسبح الفخم الذي بناه في مدخله كما أطلعني على التجهيزات الكاملة التي جاء بها ليجعل قصره هذا قصر حقيقيا يليق بالأمير عبد الله الأقرع. لقد اشتكى لي كثرة وغلاء التكاليف واشتكى من عمليات النصب والإحتيال و«الزعبرة» التي يتعرض لها أثناء تكملة بناء القصر وتوابعه.وأخيرا بات القصر جاهزاً وصالحاً للسكن وتم إفتتاحه بإقامة حفلة دعى إليها جميع أصدقائه وأحبابه في قانا والجنوب، كما دعيت إليها شخصيا وبالفعل كانت ليلة من ليالي الأمير عبد الله الأقرع. غير أن الزمن كان للأمير عبد الله بالمرصاد فقد أصيب عبد الله الأقرع بمرض عضال لم يمهله سوى ثلاثة أسابيع لينتقل بعدها إلى رحاب الله تعالى تاركاً خلفه القصر والعفش والمسبح والإمارة والسيارات والمال وما تحتويه خزائنه هنا وهناك كما ترك زوجة أرملة تندب حظها العاثر وإبنتان متزوجتان. وبعد أشهر قليلة على وفاة «الأمير عبد الله الأقرع» علمت أن الورثة تقاسموا القصر ومحتوياته وأخذت كل من الزوجة وإبنتيها والصهران «الحميمان» كل أخذ نصيبه من الإرث الذي تركه الأمير وذهب. كل أخذ نصيبه وراح أما الأمير عبد الله بطل التمثيلية التي أراد أن يجعلها حقيقة ملموسة فلقد ترك كل شيء وذهب إلى رحاب الله.
Leave a Reply