سانت لويس (ميشيغن) – إشتكى عدد من المقيمين في هذه المدينة الواقعة على ضفاف نهر «باين» في مقاطعة «غراتيوت» والبالغ عدد سكانها 7500 نسمة من رؤية طيور الحناء والغربان تتغير في السماء وتسقط ميتة على الأرض، بحسب أحد المواطنين ويدعى جيم فيسكوسيل، فيما قالت مواطنة أخرى ميشيل هورن بأنها رأت العشرات من هذه الطيور نافقة في حديقة منزلها على مدى 18 سنة الماضية، كان آخرها قبل أسبوعين.
السبب في هذا ليس خافيا على السكان في المدينة فهي تركة سامة لعقود من التلوث الناتج من موقع فلسيكول الكيميائي الذي كان مقاما على النهر وقبله مصنع ميشيغن للكيماويات والذي كان ينتج مادة «دي دي تي» السامة ومادة «بي بي بي» المثبطة للهب. وقد أجرت جامعة «ميشيغن ستايت» دراسة حول هذه الظاهرة حيث قام عالم التلوث البيئي مات زويرنيك ومساعدوه بجمع 29 من الطيور النافقة في المدينة السنة الماضية 22 منها من طيور الحناء، وتبين أن سبب نفوقها هو تغذيها على ديدان وحشرات ملوثة بسبب درجات السمية العالية في التربة. وأظهرت الدراسة أن 12 من تلك الطيور وصلت نسبة تركز مادة «دي دي تي» أو أحد مركباتها في أدمغتها الى 522 جزء في المليون، مع أن 30 جزء من المليون كافية للتسبب بموت الطيور.
وقال مسؤولون إن وكالة حماية البيئة الأميركية خصصت 20 مليون دولار في الثمانينيات من القرن الماضي لتنقية المنطقة من التلوث، لكنهم قالوا بأن برنامجا لمكافحة التلوث في هذه المنطقة قد تصل تكاليفه الى نصف مليار دولار.
الحفر والإزالة على عمق 4 أقدام:
ما يراه العديد من السكان الآن حول أفنية منازلهم حفارات وشاحنات ورجالا بالقبعات الصلبة، حيث أن هيئة حماية البيئة «إي بي أي» وعلى مدى السنتين القادمتين ستزيل التربة الملوثة في محيط 100 منزل مجاورة لموقع فلسيكول المهجور، ويتم حاليا إزالة 150 شجرة من المنتزهات، إضافة إلى شريط من الأرض بين الشارع والرصيف في منطقة الجوار. ويتم إزالة التربة الملوثة على عمق يتراوح بين 6 بوصة – 4 قدم وفق نتائج الفحص بحسب مدير المشروع المعين من الهيئة طوماس ألكامو.
وقال ألكامو إن التربة الملوثة يتم دفنها في موقع شاغر تابع لموقع فلسيكول ويتم ملء الفراغ الناجم عن الإزالة بالركام المتبقي من على السطح ولاحقا يتم فرش تربة جديدة وتوضيب المنطقة بالمناظر الطبيعية، وقال إنه يتوقع إزالة 30 ألف طن من التربة الملوثة خلال الصيف، وكان هذا المشروع بدأ في حزيران (يونيو) وينتظر الإنتهاء منه الصيف القادم.
وقال أحد سكان المنطقة الذي تم العمل على إزالة التربة الملوثة من فناء منزله بأنه معجب بما أنجزه العاملون حيث أعادوا كل شيء على ما يرام، بينما قال آخر «كل هذا العمل من أجل بضعة طيور نافقة، إنه هدر للمال وحسب».
وكان فلسيكول أقفل عام 1977 عقب أربع سنوات من تسببه بكارثة بيئية بسبب تلوث أعلاف الماشية والدواجن بمادة «بي بي بي» المثبطة للحرائق حيث وضعت حوالي 500 مزرعة في ميشيغن تحت الحجر الصحي وتم التخلص من 30 ألف رأس من المواشي والخنازير و1.5 مليون من الطيور الداجنة، وتم إجراء بحوث لمعرفة تأثر البشر أو التسبب بسرطان الثدي إلا انه لم يثبت شيء رغم مرور أربعة عقود.
في تلك الأثناء أعلن إفلاس فلسيكول وأمكن تحصيل 20 مليون دولار منه لإستخدامها في تنظيف البيئة، وحيث أنها لم تكن كافية تم الإعتماد على «سوبرفاند» لتمويل تنقية البيئة حيث أنفق 100 مليون دولار لتنظيف النهر في الفترة من 1988 – 2006، وقالت الهيئة إن تنظيف مناطق الجوار تكلف 12 مليون دولار، إضافة الى 45 مليونا لإستبدال نظام توصيل المياه ببئر ارتوازية يتوقع إستكمالها في 2016. أما فيما يتعلق بموقع فلسيكول نفسه والبالغة مساحته 54 فدان، يرى المسؤولون في الهيئة بأن الموقع يخفي تحت أنقاضه كميات هائلة من المواد الملوثة تصل تكاليف التخلص منها الى 300 مليون دولار.
Leave a Reply