بلال شرارة
أزعم أن محاولة لملمة الفوضى الناتجة عن المحاولة الإسرائيلية للتقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى وقبل ذلك زيادة الاستيطان وقبلهما جدار الفصل العنصري وبعد ذلك قرار الحكومة الإسرائيلية المصغرة إطلاق النار على راشقي الحجار والمحتجين وتجريد المقدسيين من اوراقهم الثبوتية -أزعم- ان محاولة وزير الخارجية الاميركية جون كيري والجهد الأردني لن ينجحا فـي لملمة هذه الفوضى الإسرائيلية المنظمة. وأقول «المنظمة» لأن اسرائيل تصدر قراراتها وتقوم باجراءاتها عن سابق إصرار وتصميم. والتقارب الأميركي-الإسرائيلي الآن (جهود كيري لفك الطوق عن رقبة نتنياهو) هو تقارب يسبق زيارة نتنياهو الاميركية من أجل توظيف النتائج الاسرائيلية المتوخاة من الزيارة فـي الانتخابات الاميركية المقبلة بعد «الزعل» الاسرائيلي من نتائج اتفاق 5+1 وإيران.
أزعم أن محاولة امتصاص النقمة الفلسطينية على اعتداءات اسرائيل على المسجد الأقصى، بعد «القرارات التهويدية» للقدس والاطواق الاستيطانية للمدينة -هذه المحاولة- ستفشل حتماً وان لعبة السيرك المتمثلة فـي ادخال رأس الحكومة الاسرائيلية فـي فم الاسد الفلسطيني (المدجن) انتهت وأن الاسد سيعود الى طبيعته ويقضم الرأس وانه لن يتحول الى أسد أليف.
أزعم أنه بعد سقوط 55 شهيداً فلسطينياً ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين وبعد أن كسر الفلسطينيون حالة الخوف من الجيش الاسرائيلي وآلته الحربية وخرجوا شاهرين السكاكين فإنهم لن يعودوا الى القفص وأن «الهبّة» الفلسطينية تتجاوز مشاعر تدنيس المسجد الأقصى وتتجاوز لملمتها بنشر كاميرات مراقبة… لأن الشبان الفلسطينيين الذين يذهبون الى الموت بالسكاكين يقصدون تحقيق أمانيهم الوطنية فـي العودة وتقرير المصير واقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس ولا يقصدون الذهاب الى الجنة أي أنهم ليسوا موعودين بجنة «داعش» ثم انهم ليسوا مرسلين من السلطة الفلسطينية ولا من «حماس» حتى يجري استرجاعهم.
بين الشهداء 11 طفلاً وأم حامل وبينهم أسير قضى داخل مستشفى السجن نتيجة الاهمال الطبي.
من بين الجرحى 1200 طفل أي حوالي عشرين بالمئة من مجموع الجرحى.
الشبان الذين أصيبوا بالرصاص الحي خلال المواجهات مع جيش الاحتلال وبعضهم فـي أقصى الحالات يحمل سلاحاً أبيض (سكيناً أو حجراً).
ماذا ستفعل اسرائيل؟ هل ستمنع الفلسطينيين من اقتناء الادوات المطبخية؟ ربما ستفعل ذلك فهي تتصرف على أساس أن المناطق الفلسطينية سجن كبير. فهي تحتل غزة من الخارج بينما هي تسرح وتمرح فـي مناطق السلطة الفلسطينية وتقيم مئات الحواجز وتعتقل وتنسف وتطلق سراح وتعيد اعتقال الشبان بعد اطلاقهم فـي مفاوضات وتنسف المنازل وتضع يدها على مساحات من الأملاك الفلسطينية.
هل ستنتهي «هبّة الاقصى» بالعودة الى المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية أو بتركيب كاميرات متطورة؟ أم تنتهي بخطة الكابتن جورج أو الوزير الاردني (تعبيراً عن ارادة الوصي الاردني) هل تنتهي بتذاكي الوزير كيري واستخدام حل الضرورة التي تطمح اليه اسرائيل والاردن والسلطة بما يؤدي الى عدم إحراج الجميع أكثر؟
أنا أزعم أن كل ذلك لن ينجح(!) فالشبان الفلسطينيون ومشاعرهم «عناصر غير منضبطة»، ولا يقعون فـي جيب أحد ثم أن التمرد الفلسطيني انتقل من القدس والضفة الى غزة الى الاراضي المحتلة عام 1948 وانه لم يعد من السهل اعادة «الأسد الى القفص» وأرى أنه بالتالي انتهت «مشهدية السيرك» التي استمرت 67 عاماً منذ عام 1948 وان المسألة تجاوزت »الثورة الرسمية الوطنية أو الاسلامية» الى حراك فلسطيني لا يخضع لاعتقادات موشي ديان حول تدجين العرب، والفلسطيني لا يخضع لخطط شارونية نجحت فـي اعادة رسم غزة وجعلها مربعات وصولاً الى تدميرها ولم يعد يخضع الى تقسيم المسجد الاقصى لا زمانياً ولا مكانياً.
أزعم أنه من الممكن اخراج المصلين من المسجد الاقصى ولكن من المستحيل اخراج الشبان الفلسطينيين من الشوارع وفـي كل لحظة من الآن فصاعداً سيقوم شاب فلسطيني بدهس أو طعن مستوطن أوسيقوم مستوطن أو جندي اسرائيلي باطلاق النار على فلسطينيين.
الامر ليس بوليسياً أو جنائياً. انه سياسي بامتياز ولن ينتهي الا بدولتين تعيش فـيها السكين الفلسطينية بعيداً عن الرشاش الاسرائيلي وتخضع السكين لقوانينها وانظمتها. وأقول إن «المشروع» القائل بدولة «موحدة» لها ملك واحد وجيش واحد (وبرلمان فلسطيني وآخر اردني) هذا المشروع مستحيل وان الحل هو برفع اليد الاسرائيلية وانهاء الاحتلال الاخير فـي العالم ومنح الشعب الفلسطيني حق الحياة.
Leave a Reply