تقرير أسبوعي من إعداد: وفيقة إسماعيل
فلسطين المحتلة تغلي
بعد سلسلة عمليات فدائية ضربت عمق دولة الاحتلال، وأسفرت عن مقتل 13 إسرائيلياً وإصابة العشرات في حوادث إطلاق نار وطعن منذ أواسط شهر آذار (مارس) المنصرم، تبدو فلسطين المحتلة متجهة نحو جولة جديدة من المواجهة بين فصائل المقاومة وجيش الاحتلال.
وتبدو الأجواء شبيهة بعشية معركة «سيف القدس»، وسط تصعيد عمليات المقاومة بالتوازي مع هبّة شعبية حقيقية في الضفة الغربية ضد تغوّل المستوطنين وتصاعد جرائم جيش الاحتلال.
وفي السياق، دعت حركة «حماس»، في بيان لها، الشعب الفلسطيني إلى النفير في جمعة «فجر حُماة الأقصى» (مع صدور هذا العدد) دفاعاً عن القدس والمسجد الأقصى، وإفشالاً لمخطط «ذبح القرابين» بمناسبة عيد الفصح اليهودي.
وجاء بيان «حماس» إثر دعوات أطلقتها منظمة «جماعات الهيكل» المتشددة في الأيام الأخيرة، لحث المستوطنين على تقديم القرابين في باحات الحرم، بتحرك استفزازي جديد قد يلقي مزيداً من الزيت على نار فلسطين الملتهبة.
في هذا الوقت تستمر قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن عمليات انتقامية شملت بعض المخيمات في الضفة الغربية، وفي مقدمتها مخيم جنين، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء خلال المواجهات.
وتتدحرج كرة اللهب وتتوسَّع دائرة الاشتباك، فيما يتواصل ارتقاء الشهداء بأعداد غير مسبوقة في الضفة الغربية منذ انتهاء معركة «سيف القدس».
في غضون ذلك، أعلنت القوى الوطنية والإسلامية في رام الله والبيرة ولجنة التنسيق الفصائلي في بيت لحم، الحداد والإضراب الشامل إجلالاً لأرواح الشهداء، ودعت إلى التصعيد الميداني على نقاط الاحتكاك والتماس، استنكاراً لجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
يأتي ذلك، فيما ندد «نادي الأسير» باعتقالات واسعة في مناطق مختلفة بالضفة طالت 20 مواطناً على الأقل خلال الأسبوع الماضي.
يُشار إلى أن أعداداً كبيرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت مناطق متعددة من محافظات الضفة الغربية، إضافة الى بلدة الطور في القدس المحتلة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة مع الشبان الفلسطينيين.
وجاءت تلك العمليات في محاولة من حكومة نفتالي بينيت المهددة بفقدان ثقة الكنيست، لاحتواء مخاوف الشارع الإسرائيلي بعد موجة العمليات الفلسطينية التي ضربت وسط مدن مكتظة من بئر السبع وحتى الخضيرة ومن بني براك وحتى تل أبيب.
مصير الانتخابات اللبنانية
في الشأن اللبناني، ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقررة في 15 أيار (مايو) المقبل، يزداد الغموض الذي يلف مصير الاستحقاق الدستوري الذي يرى المراقبون أنه سيعيد الطبقة السياسية التقليدية نفسها إلى سدة الحكم في ظل تشتت وفوضوية قوى «التغيير».
ففي نظرة سريعة على نتائج استطلاعات الرأي يمكن ملاحظة التراجع الحاد في شعبية قوى «التغيير» لصالح القوى «التقليدية»، لاسيما وأن تلك القوى التي شكلت رأس حربة حراك «17 تشرين» تشرذمت بين ثلاث لوائح تقريباً في كل دائرة من الدوائر الانتخابية الـ١٥، كما أنها تشهد ضعفاً على الصعيد التنظيمي واللوجستي لماكيناتها الانتخابية، وهي الحديثة العهد بشؤون الانتخابات في مقابل قوى لها جذورها في العمل السياسي والانتخابي، ولها الباع الطويل في إدارة الماكينات والمفاتيح الانتخابية.
يضاف إلى ذلك أن قوى «التغيير»، خذلت الشريحة التي ناصرتها في كثير من المحطات، ما أفقد الأخيرة الحماسة للاقتراع، الأمر الذي يصب في مصلحة الأحزاب التقليدية.
وبالتزامن مع ازدياد الحماوة الانتخابية، برزت عودة بعض سفراء الخليج إلى بيروت، وسط الحديث عن نية تلك الدول تقديم الدعم المالي للخزينة اللبنانية على شكل هبات أو ودائع مصرفية، في خطوة وصفت بأنها «جزرة انتخابية» للمواطن اللبناني بعد تفقيره وحرمانه من أموال الخليج على مدى السنوات الماضية.
وبحسب المراقبين، يأتي توقيت العودة السعودية إلى الساحة اللبنانية في إطار لملمة شمل حلفائها في ربع الساعة الأخير ما قبل الانتخابات.
وبعد عودته إلى بيروت بأيام قليلة، قام السفير السعودي وليد البخاري بجولة على المرجعيات الدينية والسياسية الرسمية اللبنانية، شملت زيارة «رفع عتب» لقصر بعبدا استمرت ربع ساعة فقط، خرج بعدها البخاري من دون الإدلاء بأي تصريح. وعقب الجولة أقام السفير السعودي وليد البخاري إفطاراً رمضانياً جمع فيه كل القوى السياسية التي تدور في فلك الرياض بما يشبه الكرنفال الانتخابي قبل أسابيع قليلة من الاستحقاق.
الصورة الجامعة التي خرج بها اللقاء للقوى السائرة في ركب المشروع الأميركي السعودي في لبنان كانت خير دليل على سعي الرياض إلى تدارك غيابها الذي استمر أشهراً، على اعتبار أنه يعمّق خسارتها للساحة اللبنانية، ولن يؤدي إلا إلى تقوية موقف «حزب الله» وحلفائه في وجه خصومه من حلفاء السعودية.
وجاء اللقاء الرمضاني، الذي كانت «نجمته» السفيرة الأميركية بعباءتها الشرقية المستوحاة من شهر رمضان، كمحاولة لشد عصب الجماعات المتفرقة أصلاً، والتي لا تلتقي في غالبية القضايا، باستثناء الهم الوحيد الذي يجمعها وهو العداء لـ«حزب الله»، الطرف الأقوى على الساحة اللبنانية باعتراف تلك القوى مجتمعة.
وفي سياق متصل، برز خلال الأسبوع الماضي لقاء جمع المرشحَين الأكثر حضوراً في سباق الرئاسة المقبل، زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، تحت عباءة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله. الاجتماع الذي عقد وبالشكل الذي تم عليه حمل رسالة قوية وحازمة مفادها أن الرجلين يحتكمان إلى نصرالله في أمرهما الانتخابي (رغم الخلاف العميق بينهما في التنافس على الرئاسة) بمواجهة رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، لاسيما في زغرتا والبترون.
غير أن ارتفاع منسوب النشاط الانتخابي، بعقد المهرجانات ورفع الصور واللافتات بعد إنجاز تشكيل اللوائح وإغلاق باب الترشح والانسحاب، لا يلغي المخاوف من تأجيل العملية الانتخابية، حيث تؤكد مصادر سياسية مطلعة أن موعد الانتخابات مثبت على الورق فقط، وليس ثمة ما يحسم أمر الالتزام به من عدمه.
وفي ملف لبناني آخر، أفادت صحيفة «الأخبار» أن «مفاجآت جديدة» متوقّعة في ملف الملاحقة القضائية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من بينها قرارات تنفيذية كالقرار السابق بالحجز على أصول مالية وعقارية تعود لسلامة وشركائه المؤلّفين من شقيقه رجا وابنه ندي ومساعدته ماريان حويك وزوجته آنا كوزاكوفا. وعُلم أن كل الدول الأوروبية التي تحقق في الملف أرسلت إلى النيابة العامة، بطرق مختلفة، رسائل تصرّ فيها على الحصول على الكشوفات. وبحسب المعلومات، فإن فكرة الادّعاء على سلامة في لبنان لا تزال عالقة في أدراج السلطات المعنية. كما نُقل عن مصدر ألماني معنيّ، أن تحقيقات أولية قدّرت ثروة سلامة بنحو مليار دولار، وهو رقم لا يمكن الوصول إليه انطلاقاً من ثروة مادية وعقارية لم تكن تتجاوز الخمسين مليون دولار عندما تولّى منصبه في حاكمية مصرف لبنان.
حياتياً، وضمن سلسلة الأزمات التي تقضّ مضاجع اللبنانيين، أشار رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر إلى أن الأمور تتجه إلى رفع الدعم عن القمح، وما يحصل هو مقدّمة لذلك، محذّراً من وضع كارثي سيؤدي حتماً إلى الانفجار الاجتماعي. وكان اللبنانيون قد عانوا خلال الأيام الماضية من «أزمة رغيف»، حيث شهدت الأفران طوابير طويلة من المواطنين بسبب فقدان مادة الطحين من الأسواق، مقدّمةً لرفع الدعم عن تلك المادة الأساسية، في ما يُتوقع أنه سيناريو مشابه لذاك الذي سبق رفع الدعم شبه التام عن الوقود!
خروقات الهدنة في اليمن
رغم إعلان التحالف السعودي منذ نحو أسبوعين عن هدنة في اليمن بعد سبع سنوات من الحرب المستعرة، شهدت الأيام القليلة الماضية أكثر من ثلاثمئة خرق من قبل قوى التحالف في مختلف المديريات الساحلية في محافظة الحديدة اليمنية، وقد أكدت ذلك غرفة إعادة الانتشار المراقبة لاتفاق السويد الإنساني، وأعلنت أن من بين الخروقات عمليات استحداث تحصينات قتالية في المدارس الحكومية، وعدداً من الغارات الجوية للطائرات التجسسية.
وقد أعربت وزارة حقوق الإنسان في صنعاء عن أسفها إزاء عدم التزام دول التحالف بالهدنة، واعتبرت أن ذلك يهدد مساعي السلام ويعيقها. ودعت الوزارة الأمم المتحدة إلى الاضطلاع بدورها في تصحيح الأخطاء السابقة وفتح مطار صنعاء الدولي، ورفع الحصار، الأمر الذي لم ينفذ وفقاً لما ورد في إعلان الهدنة.
وفي ظل الهدنة الهشة، أصدر الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي الأسبوع الماضي قراراً بإعفاء نائبه علي محسن الأحمر من منصبه ونقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي، يترأسه رشاد العليمي ويضم سبعة أعضاء آخرين من جميع الأحزاب والمكونات السياسية. وكانت مصادر صحافية قد أكدت بأن هادي أصيب بجلطة دماغية، نُقل على إثرها إلى المستشفى بسبب ما تعرض له من إهانات، حيث أُجبر على إصدار البيان الأخير الذي نقل بموجبه جميع صلاحياته إلى المجلس الرئاسي، في واقعة مشابهة لتلك التي حدثت لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري منذ نحو ثلاث سنوات.
وفي ختام زيارته، صنعاء التقى خلالها رئيس المجلس السياسي مهدي المشاط وعدداً من المسؤولين، عقد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مؤتمراً صحافياً، يوم الأربعاء الماضي، تناول فيه نتائج تلك اللقاءات مبدياً تفاؤله بوجود توجه لفتح مطار صنعاء نافياً أي عوائق سياسية تقف أمام ذلك، مشيراً إلى أن أولوياته هي تثبيت الهدنة ومتابعة التزام الأطراف بها.
وفي بيان شديد اللهجة، قالت منظمة «هيومن رايتس وووتش» إن الولايات المتحدة الأميركية متواطئة في جرائم الحرب باليمن، من خلال استمرارها في بيع الأسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية، فهي ومنذ عام 2015، وبحسب المنظمة الحقوقية «تزوّد واشنطن كلا من السعودية والإمارات بأسلحة وتدريب ودعم لوجستي بمليارات الدولارات، بما في ذلك التزويد بالوقود جواً حتى 2018، في وقت كان التحالف ينفذ فيه حملات القصف الجوي بحق الأبرياء المدنيين».
وأضافت أنها وثقت استخدام التحالف، أسلحة أميركية الصنع في ما لا يقل عن 21 هجوماً غير قانوني. كما أكدت المنظمة أن واشنطن على علم باستخدام التحالف لأسلحة أميركية في انتهاك القانون الدولي الإنساني، ورغم ذلك تستمر في بيع الأسلحة وتوفير الدعم اللوجستي للتحالف رغم الخسائر المستمرة في صفوف المدنيين.
واستغرب البيان كيف أن الولايات المتحدة تدين جرائم الحرب المحتملة المرتكبة في نزاعات مسلحة أخرى، فيما هي تستمر في دعم التحالف الذي يرتكب انتهاكات مماثلة في اليمن، مطالِبةً واشنطن بإجراء تحقيقات ومحاكمات ذات مصداقية في الانتهاكات السابقة المزعومة.
Leave a Reply