رام الله – خسر الأدب العربي الأسبوع الماضي الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش الذي توفي في أحد مستشفيات تكساس الأميركية يوم السبت الماضي بعد عملية جراحية في القلب تبعتها مضاعفات في الشريان الابهر، وقد نعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشاعر محمود درويش، وأعلن الحداد 3 أيام.
وقال عباس: «كم هو مؤلم على قلبي وروحي إن انعي للشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وكل محبي السلام والحرية في العالم، رحيل نجم فلسطين وزينة شبابها وفارس فرسانها، الشاعر الكبير محمود درويش الذي انتقلت روحه الطاهرة إلى بارئها».
وأضاف عباس إن غياب شاعرنا الكبير محمود درويش، عاشق فلسطين ورائد المشروع الثقافي الفلسطيني الحديث والقائد الوطني اللامع والمعطاء، سيترك فراغا كبيرا في حياتنا الثقافية والسياسية والوطنية، إن هذا الفراغ لن يملأه سوى أولئك المبدعين الذين تتلمذوا في مدرسته، وتمثلوا أشعاره وكتاباته وأفكاره، وسيواصلون حمل رسالته الإبداعية لهذا الجيل وللأجيال المقبلة.
وقال أيضا كان صوت محمود درويش وسيظل عنوانا لإرادة شعبه في الحرية والاستقلال، وسيبقى إعلان الاستقلال الفلسطيني الذي صاغه شاعرنا العظيم عام 1988 مرشدا لنا ونبراسا لكفاحنا، حتى يتحقق حلمه في أن يرى وطنه مستقلا ومزدهرا بعد أن يرحل الاحتلال عن أرضه.
وتابع عباس إنني أعلن الحداد العام في الوطن لمدة ثلاثة أيام تكريما لروح فقيد الشعب والأمة والإنسانية، وتعبيرا عن حب هذا الشعب لابنه البار والمميز محمود درويش.
ودرويش الذي سبق أن أجرى عمليتين في القلب في العامين 1948 و1998، يعتبر أحد أهم الشعراء الفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن، وبين ابرز من ساهموا في تطوير الشعر العربي الحديث الذي مزج شعر الحب بالوطن.
ولد محمود درويش عام 1941 في قرية البروة المدمرة اليوم في الجليل، ونشأ وترعرع هناك واعتقل اكثر من مرة من قبل السلطات الإسرائيلية، وهو ثاني اكبر أربعة اخوة وثلاث أخوات، كان في السابعة من العمر عندما حصلت النكبة عام 1948 وتشرد الفلسطينيون مع إعلان دولة إسرائيل.
احتل الجيش الإسرائيلي قريته البروة فغادرت العائلة إلى لبنان لمدة سنة فقط قبل أن تعود سنة 1949 لتجد القرية وقد دمرت على غرار 400 قرية فلسطينية أخرى أفرغت من سكانها العرب وبنيت مستوطنات إسرائيلية على أنقاضها، فعاش لفترة قصيرة في قرية دير الأسد في الجليل، قبل أن يستقر في قرية الجديدة المجاورة لقريته البروة.
تنقل بين قرى الجليل حيث تلقى دروسه الابتدائية والثانوية واستقر في شبابه في مدينة حيفا، في العام 1972 توجه إلى موسكو ومنها إلى القاهرة وانتقل بعدها إلى لبنان حيث ترأس مركز الأبحاث الفلسطينية، وشغل منصب رئيس تحرير مجلة شؤون فلسطينية، وقد استقال محمود درويش من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجا على اتفاق أوسلو العام 1993 ، سمحت له السلطات الإسرائيلية بالدخول إلى الأراضي الفلسطينية العام 1996 حيث أقام في رام الله.
وشيع جثمان درويش صباح الأربعاء الماضي رسميا وشعبيا في رام الله. وتقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، المشيعون في مقر المقاطعة.
ووصل الجثمان على متن مروحية قادما من الأردن، حيث أقيمت له هناك مراسم تأبين، حيث ألقى سلام فياض رئيس الحكومة الفلسطينية وعدد من السياسيين والمفكرين الأردنيين والفلسطينيين والعرب كلمات في وداع شاعر الثورة الفلسطينية.
وشارك في الجنازة والدة الراحل التي جاءت على كرسي متحرك. وأقيمت لدرويش جنازة رسمية شبيهة بالمراسم الرسمية والتكريم الذي صاحب الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الى مثواه الاخير.
وجنازة درويش هي أول جنازة رسمية تقيمها السلطة الفلسطينية منذ جنازة عرفات عام 2004.
وفي بداية المراسم، سجي جثمان درويش داخل مقر المقاطعة، حيث ألقى عباس كلمة تأبين للشاعر الكبير، واعتبر أن يوم رحيله يوما فارقا في تاريخ الثقافة الفلسطينية.
وبعد انتهاء مراسم التأبين الرسمية، سارت جنازة شعبية بجثمان الفقيد حيث دفن عند تلة تشرف على القدس.
يذكر أن الإمارات العربية المتحدة قامت بنقل جثمان الشاعر الكبير من هيوستن، وخصصت الأردن مروحية لنقله من عمان إلى رام الله.
وكانت بلدية رام الله قد بدأت في إعداد الموقع الذي سيقام فيه ضريح الشاعر الكبير، إلى جوار قصر الثقافة في البلدية، والذي القى فيه آخر قصائده الجديدة «لاعب النرد» و«محطة قطار سقط عن الخريطة» في تموز (يوليو) الماضي.
وترجمت قصائد درويش الذي نال الكثير من الجوائز، وكان شاهدا على الشتات الفلسطيني وضياع الوطن، إلى أكثر من 20 لغة. كما ترجم العديد من دواوينه الى العبرية، وإن حظرت رسالته الوطنية في الدولة اليهودية، كما ألغيت سريعا خطة لعام 2000 بتدريس أشعاره في المدارس الاسرائيلية.
من جهته قال القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية «حماس» محمود الزهار، إن الشاعر الراحل محمود درويش هو رمز الثقافة والأدب الفلسطيني، وانه تخطى بشعره الحدود النفسية والجغرافية.
وأضاف في تصريحات له من قطاع غزة انه «تمكن بشعره من التطرق إلى قضايا كانت من المحرمات فيما يخص المحتل والناس الذين يقاومون الاحتلال».
Leave a Reply