ميدلاند – توالت خلال الأسبوع الماضي الدعاوى القضائية على خلفية انهيار سد إيدينفيل وتسببه بفيضانات كارثية في وسط ميشيغن، وكان أبرزها دعوى جماعية تقدم بها مواطنون متضررون ضد حكومة الولاية بعدما تبين أنها دفعت الشركة المالكة للسد إلى رفع مستوى بحيرة ويكسوم قبل فترة وجيزة من حدوث الفيضانات، رغم علم السلطات المسبق بحاجة السد إلى إصلاحات هيكلية.
ونصّت الدعوى الجماعية التي تقدم بها أربعة أشخاص من سكان مقاطعة ميدلاند التي غمرتها مياه نهر تيتاباواسي، على أن «وزارة البيئة والبحيرات العظمى والطاقة»، المعروفة اختصاراً باسم EGLE، أهملت واجباتها بالإشراف على السد المتهالك مما تسبب بأضرار جسيمة في الممتلكات والاقتصاد المحلي.
واتهمت الدعوى، الوزارة بالإهمال وسوء الإدارة وإخفاء المعلومات، مما ساهم في انهيار السد وإلحاق الضرر بالسكان المحليين، مطالبة حكومة الولاية بتعويضات مالية عن الخسائر التي لحقت بهم جراء الفيضانات غير المسبوقة في تاريخ ميشيغن، والتي لم يتم بعد، تحديد حجم أضرارها المادية والبيئية.
وكان سد إيدينفيل، الذي تملكه شركة «بويس هايدرو»، قد انهار جراء الأمطار الغزيرة التي انهمرت على وسط ميشيغن في 20 أيار (مايو) الجاري، مما أدى إلى تدفق مياه بحيرة ويكسوم التي تحتوي على حوالي 21 مليار غالون من المياه في نهر تيتاباواسي الذي ارتفع منسوبه بسرعة كبيرة مما أدى أيضاً إلى فشل سدّ بحيرة سانفورد الذي تملكه الشركة نفسها.
وغمرت المياه مساحات واسعة من المدن والبلدات الواقعة في حوض نهر تيتاباواسي، وصولاً إلى مدينة ميدلاند (مركز المقاطعة) التي تم إجلاء نحو 10 آلاف شخص من سكانها البالغ عددهم حوالي 42 ألف نسمة.
وإلى جانب مقاطعة ميدلاند، دفعت الفيضانات، حاكمة الولاية غريتشن ويتمر إلى إعلان حالة الطوارئ في ثلاث مقاطعات مجاورة هي أريناك وغالدوين وساغينو، وذلك بعد موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إعلان حالة الطوارئ الفدرالية في ميشيغن، لمساعدة السلطات المحلية في إغاثة المنكوبين وتوفير أعداد إضافية من عناصر الشرطة لحفظ الأمن، فضلاً عن المساعدة في إعادة إعمار البنى التحتية والطرقات المتضررة.
ويوم الأربعاء الماضي، أمرت ويتمر، EGLE بإطلاق تحقيق خاص حول أسباب انهيار سدّي إيدينفيل وسانفورد، وطالبت المسؤولين في الوزارة بإعداد توصيات لتفادي وقوع مثل هذه الكارثة في المستقبل
الطريق إلى الكارثة
في العام 2018، قررت السلطات الفدرالية إلغاء رخصة سدّ إيدينفيل لتوليد الطاقة بسبب حاجته الماسة إلى الإصلاح وعدم قدرته على احتواء الفيضانات. ومنذ ذلك الوقت، أحيلت مهمة الإشراف على السدّ إلى حكومة ميشيغن التي لم تطالب بإصلاحه قط، بل تبين أنها قاضت شركة «بويس هايدرو» مراراً لإجبارها على رفع مستوى بحيرة ويكسوم، إثر قيام الشركة بتخفيض منسوب البحيرة بحوالي ثمانية أقدام خلال عامي 2018 و2019 خشية حدوث فيضانات.
وتضم ميشيغن حوالي 2,600 سدّ موزعة في مختلف أنحاء الولاية. وقد تم تصنيف 140 منها كـ«مصدر خطر محتمل لفقدان الأرواح والإضرار بالممتلكات الخاصة»، غير أن سدّ إيدينفيل لم يكن من بينها.
وفي الدعوى الجماعية ضد حكومة ميشيغن، اتهم المحامي مايكل بيت، سلطات الولاية بإهمال واجباتها الدستورية بحماية المواطنين «من خلال عدم الالتفات إلى تحذيرات السلطات الفدرالية المحددة بأن سدّ إيدينفيل غير سليم هيكلياً ومهدد بخطر الانهيار»، حيث سمحت وزارة الطاقة في ميشيغن باستمرار تدهور السدّ وصولاً إلى فشله الكارثي في 20 مايو.
وأوضح المحامي بيت، أنه على الرغم من أن الوزارة لا تمتلك السد إلا أنها مسؤولة قانونياً عن ضمان السلامة الهيكلية لجميع السدود في ميشيغن، مؤكداً أن قانون الولاية يسمح للسكان المتضررين بالمطالبة بتعويضات عن جميع الأضرار التي لحقت بهم.
كذلك، تقدم المحامي جيفري فايغر، من آناربر، بدعويين جماعيتين ضد حكومة الولاية بتهمة الإهمال وسوء الإدارة نيابة عن المتضررين من فيضانات ميدلاند. وكان سكان محليون في المقاطعة، قد سارعوا إلى رفع قضيتين أخريين ضد شركة «بويس هايدرو» التي تمتلك وتشغل أربعة سدود على طول نهر تيتاباواسي، محملين إياها مسؤولية الفيضانات. غير أن الشركة سرعان ما ردت بأنها أجبرت على رفع مستوى بحيرة ويكسوم بسبب الضغوط التي مورست عليها من قبل سلطات الولاية.
وتبين أن شركة «بويس هايدر»، تعرضت لضغوط من وزارة الطاقة في ميشيغن التي نجحت في استصدار قرار قضائي يجبر الشركة على رفع مستوى بحيرة ويكسوم بعد تحميلها مسؤولية نفوق آلاف الحيوانات الصدفية جراء تخفيض منسوب البحيرة خلال العامين الماضيين.
وتؤكد الدعوى المرفوعة ضد حكومة الولاية على أن وزارة الطاقة أعلنت بأن السد في حالة بنيوية سليمة، رغم التقارير الفدرالية التي تظهر عكس ذلك.
كما تتهم الدعوى، الوزارة بـ«إخفاء معلومات والإدلاء بتصريحات كاذبة للتغطية على الفشل المحتمل لسد إيدينفيل» الذي تم تشييده قبل 96 عاماً.
وتظهر الوثائق أنه بعد تسعة أيام فقط من إلغاء الترخيص الفدرالي لسد إيدينفيل، وجد مفتشو الولاية –بناء على فحص ميداني سريع في تشرين الأول (أكتوبر) 2018– أن السد في «حالة مقبولة» تسمح بمواصلة استخدامه. ومنذ ذلك الحين، لم تطلب الوزارة إجراء أي إصلاحات للسد رغم توصيات الهيئة الفدرالية لتوليد الطاقة بضرورة إصلاحه هيكلياً.
كذلك، تؤكد مراسلات إلكترونية داخل حكومة الولاية، بأن إدارة ويتمر كانت تعلم بأن سد إيدينفيل غير موافق لشروط السلامة في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي، ورغم ذلك وافقت الوزارة في 9 أبريل المنصرم على رفع منسوب بحيرة ويكسوم لحماية الحياة المائية.
وتقدم بالدعوى الجماعية كلّ من ديفيد وآندرو كريغر وجيمس ومارغريت سبيرلينغ نيابة عن أنفسهم وعن جميع المتضررين من انهيار سدّي إيدينفيل وسانفورد، داعين محكمة المطالبات إلى إعلان عدم دستورية سلوك حكومة الولاية، وإصدار أمر قضائي بتقييم حجم الأضرار والتعويضات المناسبة، فضلاً عن تحميل الحكومة مسؤولية أتعاب المحامين.
وكانت الوزارة قد لجأت إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد شركة «بويس هايدرو» لإجبارها على رفع مستوى البحيرة، وهو ما تم فعلاً –بموجب قرار قضائي– قبل أسابيع قليلة من حدوث الفيضانات.
وفي مطلع مايو الماضي، تقدمت الوزارة بدعوى أخرى ضد الشركة تطالبها بدفع تعويضات مالية بسبب قراراتها الأحادية بتخفيض مستوى البحيرة والتسبب بموت آلاف الكائنات البحرية خلال العامين الماضيين.
نفي المسؤولية
من جانبها، رفضت المدعي العام للولاية، دانا نسل، مزاعم شركة «بويس هايدرو» بتحميل وزارة البيئة والبحيرات العظمى والطاقة، مسؤولية الفيضانات، مشيرة إلى أن مستوى بحيرة ويكسوم تم تحديده بقرار من المحكمة.
وأشارت نسل إلى أن الدعوى القضائية الأخيرة التي رفعتها الوزارة ضد «بويس هايدرو» كانت تهدف إلى منع الشركة مستقبلاً من تعديل مستوى مياه بحيرة ويكسوم من دون إذن.
وأضافت بأنه «من الممكن حماية السلامة العامة والموارد الطبيعية في الوقت نفسه» نافية أية مسؤولية عن عاتق وزارة البيئة والبحيرات العظمى والطاقة أو وزارة الموارد الطبيعية في الفيضانات الأخيرة.
وبعد مطالبتها من قبل الجمهوريين بالتنحي عن التحقيق في انهيار سد إيدينفيل، قالت المدعي العام الديمقراطية إن وزارة البيئة والبحيرات العظمى والطاقة هي من تتولى التحقيق حالياً، وليس مكتبها.
وأضافت «لاحقاً سنراجع (تقارير الوزارة) لمعرفة ما إذا كانت هناك أية مسؤولية مدنية أو جنائية، لكننا لسنا منخرطين في التحقيق» في الوقت الراهن.
وكانت رئيسة الحزب الجمهوري في ميشيغن، لورا كوكس، قد قالت في بيان إنه على نسل أن تتنحى عن قيادة التحقيق بعد الكشف عن «المعلومات الجديدة المقلقة» التي تفيد بأن الدعاوى القانونية التي رفعتها الولاية قد ساهمت في حدوث الكارثة.
Leave a Reply