التقت «صدى الوطن» محافظ مقاطعة وين، روبرت فيكانو، يوم الثلاثاء الماضي في مكاتب الصحيفة بديربورن، وتناولت معه مواضيع شتى من ضمنها قضايا الفساد المثيرة للجدل التي غلفت إدارته في الآونة الأخيرة وإستدرت تحقيقاً فدرالياً متواصلاً، كما تطرق المحافظ الذي تعرض لحملة إعلامية واسعة منذ تفجر قضية «تعويضات تركية مولين» الى علاقته الوثيقة بالجالية العربية في المقاطعة والتي تمتد لثلاثين عاماً من خدمته العامة، دون إغفال وضعيته في السباق الإنتخابي المنتطر في العام ٢٠١٤ الذي قد يحدد مصيره السياسي.
فيكانو |
خدم فيكانو كشريف لمقاطعة «وين» طيلة 20 عاماً قبل أن يتم انتخابه في خريف ٢٠٠٢ محافظاً للمقاطعة حيث تولى مهامه في مطلع كانون الثاني (يناير) 2003 خلفاً للراحل إدوارد ماكنمارا الذي قرر عدم الترشح لولاية جديدة على رأس أكبر مقاطعة في ولاية ميشيغن والتي تعتبر المقاطعة 13 من حيث الحجم السكاني في عموم الولايات المتحدة، إذ تبلغ ميزانيتها السنوية حالياً 2,2 مليار دولار ويسكن فيها حوالي 2 مليون نسمة.
– بينك وبين الجالية العربية علاقة متينة لعدة حقب الآن، لكن الشكوك التي حامت مؤخراً حول إدارتك قد تؤدي إلى إضعاف هذه العلاقة، ماذا تقول للعرب الأميركيين الذين دعموك سابقاً واليوم قد يكونوا توقفوا عن هذا الدعم؟
– بادىء الأمر أنا لم أتغير منذ 30 عاماً في الخدمة العامة. عندما كنت شريفاً في الماضي للمقاطعة كنت حريصاً على توظيف العديد من العرب الأميركيين المؤهلين ليس في منصب نائب الشريف فحسب بل فيما نسميه مواقع في الهيئة القيادية، وثابرت على هذا المنوال طوال مدة خدمتي كمحافظ أيضاً. أنا لم أتنح عن خدمة الجالية يوماً وحققنا الكثير سوياً فيما ارتأى الآخرون أن ينأوا بنفسهم عنها.
عندما حصلت إعتداءات ١١ أيلول كنت موجوداً وأبلغت الجميع أن لا يستعملوا الصور النمطية بما يخص الجالية وأن يفعلوا كل ماهو إيجابي لمواجهة الأزمة التي تحيط بالبلد وأن لا يجعلوا من الجماعات الفردية أو الإثنية كبش محرقة.
– فـي خطابك عن «حال المقاطعة» الأخير قلت إن إحدى أهم أولويات إدارتك هي السلامة العامة، لكن بعد الخطاب حدث إقتطاع فـي مكتب المدعي العام التابع للمقاطعة، لماذا؟
– أعتقد أن الناس كانوا قلقين في البداية لكن بعد ثلاثة أشهر أنتم لم تروا السقف يهبط على رؤوسنا. والذي حدث أننا حاولنا حماية السلك العدلي الجنائي بأية وسيلة ممكنة وقد قمنا بإقتطاعات خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية ولم نقترب من ميزانية مكتب المدعي العام، كما شهدت ميزانية شرطة الشريف ارتفاعاً.
– لقد شكت مدعي عام مقاطعة وين كيم وورثي من الإقتطاعات التي إستهدفت مكتبها وذكرت أن هناك مجالاً ممكناً للحصول على الأموال كما وعدت، وأنت قلت أن الأمر ليس لك ولكن لهيئة المفوضين فـي المقاطعة، هل يمكنك أن تعقب على هذا الأمر؟
– لقد أقام مكتب الإدعاء العام دعوى قانونية ضد هيئة المفوضين مما أثار حنقهم على مايبدو (في إشارة الى رفضهم للتسوية التي عقدها مع وورثي لرفع ميزانية مكتبه للعام المقبل). عندما يكون أحدهم غير راض يلجأ إلى القضاء ما يستدعي الكثير من توفير المصادر كالمحامين وغير ذلك. لقد أنجز محامو المقاطعة تسوية لكن هيئة المفوضين رفضتها فوراً، وقالوا لها: سوف نتكلم عن التسوية معك أنتِ إذا أوقفتِ الدعوى. لأنهم يعتقدون أنها إذا لم ترض عن موازنة العام التالي فإنها ستعود للقضاء مرة أخرى، وإذا لم يرض الشريف بميزانية دائرته أيضاً قد يقيم دعوى وكذلك قد يفعل أمين سجل العقارات..
وبما يتعلق بمكتب المدعي العام أنا أقول بكل ثقة أننا حميناها خلال العامين الماضيين ولم نقتطع أي شيء من مكتبها بينما حصلت إقتطاعات في كل الدوائر الحكومية بسبب تراجع مداخيل الضرائب العقارية التي تعتمد عليها المحافظة بشكل أساسي لتمويل نفقاتها.
– لكن هل هناك مايكفي من المدعين العامين لمواجهة كل القضايا القانونية؟ هذا هو القلق الحقيقي؟
– لحد الآن، حسب فهمي للأمور، إن محكمة المقاطعة تعمل من دون توقف، وقد تأكدت من هذا الأمر بنفسي وأجريت إتصالات بالقضاة هناك وقد اكدوا لي أن الامور تسير على مايرام.. وهذا لاينفي وجود مصاعب مثل أي شيء آخر.
فكروا في الأمر كميزانية عائلة، في البداية عندما تقع تغييرات يتردد الأشخاص في الإنفاق وفي نهاية المطاف يتعلمون ماهي حدودهم وإمكاناتهم ثم يكيفون سلوكهم حسب الطاقات والموارد المتاحة لهم. أعتقد أن هذا ما بدأنا نراه جلياً الآن.
– لديك موعد قريب لحفل جمع تبرعات وأنت تستكشف إمكانية ترشيحك مجدداً، هل أنت قلق لأن الجدل الذي حام حول إدارتك سيؤذيك؟
– أنظروا، سجلي في الخدمة العامة يمتد لثلاثين عاماً وأعتبر نفسي محظوظاً لأني لم أتعرض لمشاكل كبرى خلالها. أنت أدرى بنفسك وبقلبك، وأعلَم بما فعَلت وما لم تفعل، وكيف تمضي قدماً بضمير مرتاح. ولو شعرت بأني قمت بعمل خاطئ لقررت عدم الإستمرار في تحمل مسؤولياتي في هذا المنصب. لكني أعلم علم اليقين -في قرارة نفسي وقلبي وروحي- أني لم أخطئ شخصياً. لذلك سوف أعرض سجل يمتد على 30 سنة من الإنجازات، وأعتقد أن الناس سيسمعوني ولن يحكموا علي من خلال سنة واحدة وينسوا سنين طوالا من الإنجازات.
– حدثنا عن مهنتك العامة فـي المقاطعة عبر 30 سنة، متى بدأت بالضبط؟
– بدأت حياتي المهنية كنائب أمين سر مقاطعة وين تحت إدارة جيمس كيلين في الثمانينيات وقبلها كنت المحامي العام المساعد لبلدية وستلاند. عينت شريفاً للمقاطعة في العام 1982 وتبوأت منصب المحافظ في العام 2003.
– كشريف لمقاطعة وين، هل كان نائبك عربيا أميركيا؟
– نعم جيمي (حمودي) خليل وهو الذي عرفني بالجالية وأخذني لأول مرة الى مسجد كان يقع على تقاطع شارعي جوي وغرينفيلد في ديترويت.
– هل بإمكانك أن تصف علاقتك مع الجالية عندما كنت الشريف؟
– لقد كنت منفتحاً وداعماً، وكنا نحرص على التأكد دوماً من حصول الجميع على فرص متساوية في الوظائف وعندما افتتح اول سجن في المقاطعة عام 1984 وهو يعد من أقدم السجون اليوم، ذهبت وإلتقيت مع مجموعة من العرب الأميركيين وفعلاً أخذنا طلبات عمل للمؤهلين ليكونوا نواباً للشريف ومحققين. في ذلك الوقت درت على الجالية وجمعت تلك الطلبات وقمت بكل ذلك وأدخلتهم في جهاز الموارد البشرية حتى ينالوا نصيبهم من الاختيار لمناصب نواب الشريف، وهذه كان انطلاقة الكثيرين ممن سيرتهم المهنية كنواب للشريف ثم إنطلقوا إلى مواقع قيادية أخرى.
– العرب الأميركيون كانوا جزءاً أيضاً من إدارة الرئيس السابق ادوارد ماكنمارا ولكن الجزء ضئيل، كيف تغير هذا الوضع اليوم؟
– لقد إخترنا عدداً من العرب الأميركيين.. ودعوني أقول بوضوح أنهم كانوا كفوئين للمناصب والموضوع ليس إختيار أي شخص من الشارع.
بعض الذين ساعدنا على ترقيتهم السيدة تركية مولين عواضة والسيد عزام الدر، اللذين كانا جزءاً من الإدارة. وكما قلت كانت هناك فورة من أصحاب الكفاءات لنختار منها الأنسب ولكي نتأكد من التعددية بين موظفي المقاطعة. لذا كنا دؤوبين على توظيف والبحث عن أصحاب الطاقات ليعملوا لدينا. ومازال الوجود العربي والكلداني والأفريقي الأميركي فعالاً ومؤثراً في إدارتنا.
– بعض الناس فـي الجالية يعتقدون أنك رميت بعض العرب الأميركيين إلى الدمار بعد الجدل حول إدارتك، ماردك على ذلك؟
– لقد إتبعنا العملية العادية التي تحصل في كل إدارة. إذا فعل شخص أمراً ما لا نعتبره صحيحاً، فإنهم ببساطة يتنحون ويواصلون المسير. أعتقد أنه في حالة نائب المحافظ (عزام الدر) فانه استقال طوعاً، وأعتقد أيضاً أنكم شاهدتم السيدة مولين تنتقل إلى (إدارة) المطار وأية قضايا مثيرة للجدل لاحقتها عندما كانت في المطار ولم تكن مع المقاطعة… أنا أعتبر، وضميري مرتاح، أني فعلت كل ما يمكن فعله لأكون منفتحاً وجديراً بثقة الناس الذين تعاملت معهم.
– هل يمكنك الحديث قليلاُ عن التحقيق الفدرالي؟
– نعم، لقد تعاونا بالكامل مع التحقيق وكل ما أراد المحققون رؤيته سلمناه إليهم.
– أين أصبح التحقيق الآن؟
– بالنسبة لي أشعر بالإرتياح لوضعي، لكن هناك بروتوكول عليهم مراعاته لكي يفحصوا كل شيء وعندما يبدأون التحقيق يعتمدون على لائحة من الأشخاص يمرون علىهم وهذا ما يواصلون فعله الآن.
– هل تعتقد بانتهاء التحقيق قبل الإنتخابات؟
– بالتأكيد آمل ذلك، من أجل مصلحة الجميع.
– هل تظن أن الإنتخابات المقبلة سوف تقرر ماإذا كانت حياتك السياسية ستتقدم إلى الأمام؟
– أظن أن الإنتخابات ستكون مهمة، لكن في الوقت عينه عندي ثقة بنفسي. أنا لا أستسلم لأني وضعت في موقف صعب. القائد الجيد هو الذي يصحح المسيرة والمشاكل العالقة ويمضي قدماً في العملية. كل شيء يحصل هو خبرة نتعلم منها حتى ولو بعد 30 عاماً في الخدمة.
أنا أعرف نفسي.. ولم أرتكب خطأ.. ولدي الكثير من الأمور الجيدة لأقوم بها في مقاطعة وين التي تضم 41 بالمئة من الوظائف الجديدة التي خلقتها الولاية عبر السنوات الثلاث الماضية، و38 بالمئة من الإستثمارات الجديدة في ميشيغن خلال العام الماضي.
لكن على الناس أن ينظروا إلى النتائج التي حققناها والتي تفوق القضايا التي واجهت مؤخراً إدارة المقاطعة.
– قلت أنك مرتاح الضمير شخصياً وأنك لم ترتكب عملاً خاطئاً، لكنك سياسياً وعرقياً أنت مسؤول عن الموظفين فـي إدارتك والذين إرتكبوا أخطاء، هل تشعر بالمسؤولية عن ذلك؟
– أظن أنه عندما يرتكب البعض خطأً فإن ما يفعله القائد عادة هو تصحيح الخلل والمضي في المسؤولية. لا يجب ترك الأمور تستفحل وهذا دائماً إعتقادي. ومنذ أيام عملي كشريف للمقاطعة قمت بنفس المسؤولية وكذلك في موقعي الحالي. لا أنكر -كمسؤول أول عن المقاطعة- أن بعض الأشخاص حددوا خياراتهم وقاموا بالأخطاء. انت تختار اناساً تثق بهم وتريدهم ان يتخذوا القرارات الصائبة لكن عندما يتخلفون عن ذلك، عليك أن تتخذ قرارك وتمشي بعد جلاء الصورة.
Leave a Reply