قبل إعلان ترشحه رسمياً للإحتفاظ بمنصبه حاكماً لميشيغن، بدأت حملة ريك سنايدر ببث فيديو دعائي جاء بمثابة «استعراض عضلات» اقتصادي وخالياً تماماً من أي رسالة سياسية.
عنوان الفيلم الدعائي: «ميشيغن تعود» مدته دقيقة واحدة، ويبدأ بصور بائسة لديترويت في العام 2010، عشية تسلم سنايدر الحكم.
يبدأ الإعلان بصورة منزل صغير، ويستهل الراوي كلامه بالقول «كنا في المرتبة الـ50 من 50.. كنا الأخيرين.. احتاج الأمر «نِرد» (مصطلح أميركي للطالب الذي يذاكر كثيراً) ترعرع في منزل مساحته ٩٠٠ قدم مربع، ليقلب الأمور رأساً على عقب». ليظهر حاكم الولاية الجمهوري يرافقه نائبه براين كالي وعدد من المساعدين، وقال الراوي «هذا الحاكم الجديد وفى بوعده، ترك السياسة جانباً وحقق نتائج باهرة».
ثم ظهرت على الشاشة صور جذابة من أنحاء ميشيغن تشمل ملاعب الغولف، المزارع، مصائد الأسماك، قوارب التنزه، ومشجعي فريق ديترويت تايغرز، وذلك اثناء سرد الراوي إنجازات سنايدر «الذي قلص عجز الموازنة بحوالي 1,5 مليار دولار، وحقق تقدماً في الاقتصاد هو الافضل منذ 10 سنوات، وأعاد ميشيغن الى أسس اقتصادية متينة».
انتهى الاعلان بصور أكثر اشراقا لديترويت وشعار يحث على استعادة الوظائف من البلدان الأجنبية، جنباً الى جنب مع وعود سنايدر المستقبلية بتعزيز التدريب المهني وتخفيض الرسوم الدراسية في الجامعات وتشجيع الشركات الكبرى على الاستعانة بالشركات الصغيرة داخل ميشيغن.
واستطرد الراوي بموازاة موسيقى حماسية «لن نكون الولاية الـ50 بعد الآن لأننا اخترنا الحاكم ريك سنايدر». ثم يتم عرض صور للحاكم وهو يستخدم حاسوب «لابتوب» أثناء الليل، حيث يقول الراوي إن «متعة سنايدر الليلية قراءة الموازنة»، وهنا يظهر سنايدر على الشاشة بكامل أناقته ويقول جملة واحدة «إنها وظيفة غير مسلية لكن على شخص ما أن يقوم بالمهمة» مع ملاحظة أن الفيلم الدعائي مدفوع من قبل حملة سنايدر الإنتخابية.
وبالنظر الى الصورة الأشمل، يبدو أن سنايدر يحاول أن يبتعد قدر الإمكان عن السجالات الحزبية، وهو الذي تميز في ولايته الأولى بتبنيه مشاريع لم تلق رضا حزبه الجمهوري، وفي مقدمتها دعمه لتوسيع نظام «الميديكير» وفق قانون الرعاية الصحية الجديد «أوباما كير» المرفوض من قبل المحافظين.
ومن المعروف أن أعضاء الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، بدأوا يعدون العدة مبكراً لانتخابات ٢٠١٤، حيث أن إنتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) القادم تقتصر على البلديات ما يعطي الحزبين فرصة لتنظيم الصفوف، استعداداً للانتخابات النصفية التي ستقام العام المقبل والتي ستعيد رسم التوازنات في الكونغرس الأميركي، حيث سيتم انتخاب كامل أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ إضافة الى انتخابات الحكام في العديد من الولايات الأميركية بينها ميشيغن التي ستشهد أيضاً تنافساً حزبياً شرساً على كافة المناصب التنفيذية في الولاية (الحاكم والمدعي العام وسكرتيرة الولاية)، إضافة الى معركة منتظرة على كامل حصة ميشيغن في مجلس النواب (١٤ مقعداً)، وأحد مقعدي الولاية في مجلس الشيوخ الأميركي، حيث قرر السناتور الديمقراطي الحالي كارل ليفين عدم الترشح لولاية جديدة من ست سنوات.
ورغم المعارك الحزبية الشرسة المنتظرة ينحو سنايدر الى الابتعاد عن المناوشات السياسية، والتركيز على منجزات عهده. وهذا ما كان واضحاً في الإعلان الذي يظهر ميشيغن في أعماق محنتها الاقتصادية إبان الركود، وكيف تحولت بعد تسلمه الحكم برغم التصنيف الفاتر لادائه في استطلاعات الرأي.
ولكن الديمقراطيين الذين يعولون على النائب السابق في الكونغرس الأميركي مارك شاور لإزاحة سنايدر، يعتبرون أن حملة سنايدر تبالغ كثيراً في سرد الإنجازات، ولاسيما الحديث عن تراجع معدلات البطالة على مدى السنوات الأربع الماضية، ففي الواقع يبلغ معدل البطالة حالياً 9 بالمئة وهو رابع أعلى معدل، على مستوى أميركا في حين كانت البطالة حين تسلم سنايدر مقاليد السلطة 11,7 بالمئة.
كما ينتقد البعض حديث الإعلان عن نشأة سنايدر في منزل متواضع فذلك، بحسب هؤلاء، بهدف تشتيت انتباه المشاهدين عن حقيقة أنه واحد من رجال الأعمال الأثرياء في ميشيغن و«رأسمالي حتى النخاع»، أراد استباق انتقاده من الخصوم فوضع نفسه في خندق الفقراء.
ولكن يمكن لأحد أن ينفي أنه في عهد «المحاسب» سنايدر وسيطرة الجمهوريين على مجلسي «كونغرس ميشيغن»، تقلص عجز الموازنة بـ1,4 مليار دولار، وانهم بذلك استحقوا الاطراء من المحللين الاقتصاديين من خارج الولاية، باعتبارهم سدوا العجز الهيكلي في الموازنة وضبطوا الانفاق بحسب الموارد، بل نجح عهد سنايدر في ادخار جزء من الفائض في صندوق «الأيام الماطرة» الإحتياطي. لكن المعارضين يقولون إن حملة سنايدر تغفل ذكر الأساليب التي تم استخدامها لتحقيق هذه «الإنجازات»، وفي مقدمتها خفض الضرائب على رجال الأعمال، ورفع الضرائب على الأفراد، وتقليص الموازنة المخصصة للتعليم، وقد انتقد المرشح الديمقراطي على منصب حاكم الولاية مارك شاور قرارات سنايدر.
ويعتبر الديمقراطيون أن حديث حملة سنايدر عن «وفاء بوعده بإهمال السياسة» كلام مردود على الأقل في قضية «قانون حق العمل» حيث كان قد تعهد بأن هذا المشروع ليس على اجندته، قبل أن يوقع القانون الذي يمنع فرض رسوم على رواتب العمال والموظفين تذهب لصالح النقابات التي ينتسبون اليها، مع العلم أن النقابات تمثل العمود الفقري للديمقراطيين الذين يتهمون سنايدر بمحاولة تجفيف مصادر تمويل الإتحادات العمالية، في حين يبرر سنايدر دعمه لهذا القانون لاعطاء العمال مزيدا من الحرية وتعزيز موقف ميشيغن التنافسي في جذب الإستثمارات.
يذكر أن المرشح الديمقراطي لمنافسة سنايدر، مارك شاور، يعتبر من الديمقراطيين المحافظين ويتمتع بشعبية واسعة بين الأميركيين البيض في الولاية، فهو خريج ثانوية هاويل 1980، وقد خدم في المجلس التشريعي في ميشيغن ومن ثم عضوا في الكونغرس الاميركي عن باتيل كريك. وقد انتخب نائباً في كونغرس الولاية عام 1996، وعضواً في مجلس شيوخها عام 2002، ثم ترشح لانتخابات الكونغرس الأميركي عام 2008، وهَزَم النائب الجمهوري تيم وولبرغ، وبعد سنتين نجح هذا الأخير في استعادة مقعده.
Leave a Reply