ديترويت، ديربورن
بعد مرور حوالي أسبوعين على فيضانات الأمطار التي اجتاحت عدة مدن في مقاطعة وين أواخر الشهر الماضي، بدأ مفتشو «وكالة إدارة الطوارئ الفدرالية» (فيما)، يوم الخميس المنصرم، بتنفيذ جولات ميدانية لمعاينة الأضرار بالمناطق المنكوبة، في خطوة تمهيدية لإعلان حالة الطوارئ الفدرالية، التي ستسمح بتقديم المساعدات للسكان والأعمال التجارية المحلية تعويضاً عن الخسائر التي لحقت بممتلكاتهم من جراء الكارثة التي ألمت بآلاف الأسر في المنطقة، لاسيما في مدن ديترويت وديربورن وديربورن هايتس.
وبينما تتواصل أعمال التنظيف وإزالة مخلفات فيضانات 26 حزيران (يونيو) الماضي، أصبح لدى السلطات البلدية في المدنة المنكوبة قوائم شاملة بالممتلكات الخاصة التي تعرضت للتلف مرفقة بصور وإيصالات تظهر حجم الخسائر التي مني بها السكان وأصحاب الأعمال التجارية.
ومن المتوقع أن يتم رفع هذه القوائم إلى السلطات الفدرالية إلى جانب التقارير التي سيجمعها الموظفون الميدانيون في وكالة «فيما» لتكوين صورة شاملة عن حجم الأضرار، وتحديد ما إذا كانت تستوجب مدّ يدّ العون الفدرالية.
وكانت حاكمة ميشيغن غريتشن ويتمر قد أعلنت حالة الطوارئ بمقاطعة وين مباشرة عقب الفيضانات، ودعت وكالة «فيما» إلى البدء بتقييم الأضرار تمهيداً لمطالبة الرئيس جو بايدن رسمياً بإعلان حالة الطوارئ الفدرالية لإغاثة السكان المنكوبين.
ويوم الأربعاء الماضي، أمرت ويتمر بتوسيع حالة الطوارئ المحلية لتشمل ثلاث مقاطعات أخرى تعرضت لزوابع مدمرة في 26 يونيو أيضاً، وهي مقاطعات واشطنو وأيونيا وهيورون.
وشهد يوم الأربعاء الماضي أيضاً، عواصف رعدية جديدة خلفت خراباً واسعاً في مدينة فارمنغتون بمقاطعة أوكلاند ومدينة سان كلير شورز بمقاطعة ماكومب، كما تسببت بانقطاع التيار الكهربائي عن أكثر من 200 ألف مستهلك في المقاطعتين بسبب الأضرار البالغة التي لحقت بشبكة الكهرباء نتيجة تساقط الأشجار من جراء الرياح الشديدة التي عصفت بالمنطقة.
واضطرت شركة «دي تي إي أنيرجي» في اليوم التالي إلى استدعاء طواقم صيانة من خارج ولاية ميشيغن للمساعدة في إعادة التيار الكهربائي بأسرع وقت ممكن.
وكانت ويتمر قد أشارت، عقب فيضانات مقاطعة وين الأخيرة، إلى أن «التغير المناخي» مسؤول عن ظروف الطقس القاسية التي تشهدها ميشيغن مع بداية فصل الصيف الحالي.
تقييمات «فيما»
بحسب بيان صحفي لـ«فيما»، ستجري الوكالة الفدرالية تقييمات أولية للأضرار الناجمة عن الفيضانات في مقاطعة وين بالتنسيق مع شرطة ولاية ميشيغن، و«إدارة الأعمال الصغيرة في الولايات المتحدة» SBA، بالإضافة إلى المسؤولين المحليين.
وسوف تقوم خمسة فريق ميدانية بتقييم الأضرار بمقاطعة وين والتحقق من تأثير الفيضانات على المنازل بما ينسجم مع المعايير الفدرالية، وفقاً لبيان «فيما». وسوف تقوم فرق الوكالة بجمع المعلومات التي تشمل العدد الإجمالي للمنازل المتضررة، درجة الضرر وأسبابه، حدود تغطية التأمين (إنشورنس)، ونسبة المنازل التي يسكنها أصحابها من إجمالي المنازل المتضررة.
وتدرك فرق «فيما» أن الفيضانات قد أثرت بشكل متفاوت على المجتمعات، لذلك فسوف تقوم أيضاً بتوثيق «الخصائص المحددة» لكل منزل، وفق البيان.
وأشارت مسؤولة العلاقات الخارجية في «فيما»، ساندي جاسموند، إلى أن عمليات التقييم لن تكتمل خلال يوم واحد، وقالت: «في الحقيقة لا نعرف تماماً المدة التي سنستغرقها لنرى مدى اتساع نطاق الأضرار، نريد أن نكون دقيقين لذلك إذا رأينا أشياء تحتاج إلى إلقاء نظرة عليها، أو أراد مسؤول محلي منا رؤية شيء ما، فنحن سنكون سنكون متواجدين حيث يريدون منا ذلك، للتأكد من أن تلك الأضرار قد تمت معاينتها».
ولاستكمال عمليات التقييم، سيقتصر عمل الفرق على زيارة المنازل المثبتة أضرارها بالوثائق المقدمة إلى السلطات المحلية، والتي لن تصبح مؤهلة للحصول على المساعدة الفدرالية إلا بعد إعلان الطوارئ من قبل إدارة بايدن.
وجاء في بيان «فيما»، بأن الوكالة الفدرالية تعمل مع السلطات في ميشيغن للتحقق من حجم الأضرار، ولكن الأمر متروك لحكومة الولاية لتحديد ما إذا كانت الخسائر تتطلب تقديم طلب رسمي لإعلان حالة الطوارئ الفدرالية. ولن يتم توفير التعويضات الفدرالية إلا بعد أن تحصل حاكمة الولاية رسمياً على موافقة الرئيس بايدن.
وقد تتوفر أيضاً المساعدة الفدرالية للممتلكات العامة المتضررة، كممتلكات البلديات المحلية، وبعض المنظمات العامة غير الربحية، إذا تمت الموافقة عليها.
وبينما باشر مسؤولو «فيما» بتفقد الأضرار بمدينة ديربورن –الخميس الماضي– رجّح عضو المجلس البلدي مايك سرعيني أن يفوق عدد المنازل المتضررة الأرقام المسجلة في العام 2014، وقال: بحسب ما رأيت، أرجح أن تزيد طلبات الإغاثة عن العدد المسجل قبل سبع سنوات، والذي بلغ حينها 9,300 طلب».
وأشار سرعيني إلى أن موظفي «فيما» سوف يقومون بجولات ميدانية لتفقد الأضرار «بيتاً بيتاً، ولكن من دون أن يدخلوا المنازل»، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى سوء تقدير الأضرار. وقال: «أريد منهم ألا يكتفوا فقط بالنظر إلى الشوارع والاعتقاد بأنه لم تكن هناك كارثة لمجرد أننا قمنا بإزالة الأنقاض بسرعة».
وفي مدينة ديربورن هايتس، أبرق رئيس البلدية بيل بزي برسالة مؤلفة من ثلاث صفحات إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، حثه فيها على تقديم الإغاثة الطارئة لسكان المدينة بدون إبطاء.
وأوضح بزي أنه قام بزيارة تفقدية لمئات الأسر المتضررة من جراء الفيضانات الأخيرة، وأنه طلب –في إحدى المرات– من أسرة أن تغادر منزلها المتداعي خوفاً من انهياره، لافتاً إلى أن الكارثة تركت أعداداً لا تحصى من السكان بدون كهرباء ولا ماء، وسط معدلات مرتفعة من الرطوبة والحرارة، ما زاد من معاناة السكان.
وقال بزي في الرسالة: «سيدي الرئيس، تحتاج مدينتنا إلى موارد طارئة للمساعدة في تنظيف منازل هؤلاء السكان وجعلها صالحة للسكن (..) نحن نعمل على مدار الساعة بموارد محدودة للغاية، مقارنة بحجم العمل الذي يتوجب القيام به، فالسكان بحاجة ماسة إلى الإغاثة، وفوراً».
دعوات للمحاسبة
الفيضانات المتكررة تسببت بموجة غضب واسعة لدى الأهالي في المدن المنكوبة، والتي تشهد هذا العام انتخابات بلدية محتدمة لاسيما في ديربورن حيث تظاهر يوم الجمعة الماضي عشرات الأشخاص قرب مقر شرطة المدينة احتجاجاً على فشل المدينة في معالجة مشكلة الفيضانات، رغم إنفاق البلدية أكثر من 60 مليون دولار على تحديث شبكتي المياه والصرف الصحي.
ورفع المتظاهرون لافتات تحث على مساءلة مسؤولي المدينة، مطالبة بتعويض المتضررين بشكل كامل عن الخسائر التي تكبدوها جراء الفيضانات الأخيرة.
وأشارت إحدى المتظاهرات إلى أن الطابق السفلي من منزلها غرق بالكامل ما أسفر عن تلف معظم محتوياته، لافتة إلى الأمر نفسه حصل في فيضانات مماثلة وقعت عام 2014، ولم تحصل حينها على أية مساعدة حكومية لتعويض خسائرها. وقالت: «لقد دفعنا تكاليف الأضرار من جيوبنا عام 2014، واليوم نحن نقف هنا ليس ضد مدينتنا ولكن نريدهم أن يدعمونا».
وأوضح متظاهر آخر بأن «إدارة البلدية غير كفوءة»، متسائلاً عن غياب رئيس البلدية جاك أورايلي عن المشهد العام، واستدرك بالقول: «أعرف أن المسؤولية تقع على عاتق الفروع التنفيذية، لأنهم يديرون المدينة، ولكن يتعين في الوقت نفسه على المجلس البلدي تقديم نوع من المساءلة عما يجري.. لقد سئمنا حقاً».
وأكد المتظاهر العربي الأميركي أن سكان الجانب الشرقي من ديربورن كانوا الأكثر تضرراً من الفيضانات الأخيرة، لأن «البلدية أقامت محطات لتصريف مياه الأمطار في الجزء الغربي من المدينة»، على حد تعبيره، إلا أن مديرة المعلومات العامة ببلدية ديربورن، ماري لاندروش أكدت أن قدرة شبكة الصرف الصحي هي نفسها في كلا الجانبين. وقالت: «صحيح أنه هناك عدد أقل من المجاري في شرقي ديربورن، ولكنها تمتلك سعة أكبر».
ودعا المتظاهرون إلى محاسبة المسؤولين الحاليين عبر صندوق الاقتراع، مطالبين بعدم التصويت لإعادة انتخابهم في الانتخابات البلدية المقررة الشهر المقبل.
Leave a Reply