مريم شهاب
أحرص قدر المستطاع على متابعة ما يكتبه بعض المتميزين من أصحاب الأعمدة الثابتة والمتحركة فـي الصحف اللبنانية، لأنها غالباً ما تكون مرآة صادقة لهواجس الناس، لكن معظم ما نقرأه هذه الأيام يحمل على البكاء، ليس على اللبن المسكوب بل على اللبن الذي سينسكب. وأيضاً على اللبن الذي ضيعناه صيفاً فلم يعد لنا زاد للشتاء.
الكتابات قليلة فـي ذكرى غياب الإمام موسى الصدر، الذي تصادف هذه السنة ذكرى مرور ٣٧ عاماً على تغييبه، والبعض ما زال لديه الأمل فـي عودته. ولكن لماذا يعود ولمن؟؟
ماذا سيقول سماحته لبيروت لو طُلب منه أن يؤذن فـي أحيائها. حتماً سيسألها: من أنتِ أيها الوجه الغريب الأليف؟؟ أحقاً أنتِ التي صليّت على أبواب كنائسها وجوامعها ودعوتها أن تسامح من يدخلها؟؟ من فعل بك هذا أيتها الرائعة الجميلة التي أحبها الزمان؟ إذا كنتِ هي فأين خبأتِ الحدائق والشواطئ والليالي المقمرة وأسراب الحمام؟ كيف تخليت عن عبادة ربّك وعكفت على عبادة الأوثان؟؟
لماذا تريدون عودة الإمام؟ لينظر إلى حياة العربان، من بيروت إلى دمشق وبغداد وصنعاء وإلى كل مدينة أخرى فـي العالم العربي، من المشرق إلى المغرب، وليرى حجم الهول الذي أنجزه أو حققه الزعماء والساسة. جحيم من التخلف والأمية والإستبداد وعدم الإكتراث، هذا إلى جانب جحيم الكذب والسرقة و«حكلّي تحكلّك» وغيرها من عاهات الفساد والطائفـية التي تغص بها أروقة السياسة ومجالسها فـي السر والعلن.
الكثير من كتابات الجرائد والنشرات التلفزيونية ومواقع الإنترنت تحولت إلى منابر لفضح بعض زعماء لبنان وإماطة اللثام عن أكاذيبهم وألاعيبهم وسعيهم إلى مصالحهم الخاصة، وتعرية وعودهم المعسولة التي يمطرون بها «لبنان الكرامة والشعب العنيد» الذي «يأكل الضرب دوماً» ويقع فـي وهم تصديقهم وبعد ذلك، يسقط فـي واقع مرارة الخيبة، دون أن يدرك أن «البوليتكيا» هي فن الكذب، والخطأ الفادح أن يستمر الناس فـي تصديق هذا حتى أصبحت الحياة لا تطاق.
فـي ذكرى غياب الإمام موسى الصدر، لن يُنسى سعيه الدؤوب لتحسين ظروف الطائفة المحرومة والخروج من سياسة الغبن والقهر التي كانت تعاني منه. غير أن عدد المحرومين والأميين زاد يا سيدي. تحولت بلدات الجنوب وقراه أحياء عامرة بالقصور والبيوت الفخمة ومظاهر الترف والغنى نتيجة «النفاريش» من السياسة وادّعاء الدين وأحياناً من الإغتراب. لكن لا زال الفقر والحرمان يعتاش من لحم الكثير من أهلنا الصابرين هناك.
لم تتغير أحوال الكثير من القرى التي سعيت بكل جهدك لإخراجها من براثن الحرمان. لكن، وبحمد الفساد، خرج العديد من زعماء الطائفة من قعر الحرمان إلى الغنى الفاحش.
فـي رمضان الماضي، نقل موقع «بنت جبيل دوت كوم»، ومن ضمن حفلات الإفطار الباذخة فـي ديربورن، حفلاً أقامته «حركة أمل فـي أميركا الشمالية».
صور الحفل المنشور على الموقع تؤكد أن المحروم فعلاً هو الإمام الصدر وأتباعه. إذ لم يبال أحد من الحضور بصورة الإمام الصدر التي وضعت على قالب الكيك، بل كثيرون احتفلوا بقص صورة زعيمهم النبيه من قالب الحلوى وحرصوا -بكل فخر- على أخذ صورة تذكارية إلى جانبها.
سؤال إلى الكاتب خليل رمّال، الذي يحرص دائماً على وصف لبناننا بـ«شبه الوطن»: هل لبنان هو شبه وطن أم أن بعض اللبنانيين هم شبه مواطنين؟؟
Leave a Reply