منذ اكثر من ألفي عام، وبالتحديد على درب الجلجلة بدأ سيد التسامح رحلة آلامه بعد أن ضنّ عليه “الضالون” من بني جلدته ببعض من سماح أو بعين رأفة.
حمل يسوع الناصري صليبه لا لذنب إقترفه سوى لأنه أتى مُصلحاً ومعلماً.. وسوى لأنه أدار خده الأيسر لضاربي خده الأيمن.. وسوى لانه ساوى بين الناس اجمعين.. وسوى لأنه لم يسأل إلا عن كفاف يومه.. وسوى لأنه ضحى بالغالي والنفيس من أجل خلاص البشرية جمعاء.
حمل صليبه ولم تتبعه إلا القلّة؛ حمل صليبه وكل همه خطايا البشر وكيف يستطيع التكفير عنها، حمل صليبه وهو يدعي الرب أن يغفر لهم خطاياهم (فإنهم لا يعلمون).
ويصلب المخلص مع أصيل ذاك اليوم، وتبكي عليه الارض والسماوت، وبعض من أرامل أورشليم؛ ويضحك الكثير من بني البشر، لانهم “لا يعلمون”.
ويحدث بعدها ان يعود السواد الأعظم من بني البشر الى “رشدهم” ويهتدوا إلى سواء السبيل؛ ولكن الى حين؛ لأنهم بطبعهم خطّاؤون، ومجبولون على النسيان. ويتألم سيدهم كلما نظر إليهم من عليائه.. ويدعو لهم بالمغفرة.
قد تختلف “الجمعة العظيمة” لهذه السنة عن سابقاتها؛ ولمَ لا؛ فقد قرر أحد تلامذة المسيح ان يتفوق على جلادي المسيح، فجاء ليكمل ما لم يفعله الجلادون عند صلب المعلم.
فبعد أن حاكم القرآن؛ وكان هو القاضي والمدعي كما في شريعة الغاب التي ما جاء المسيح الا لاجتثاثها؛ يأتينا اليوم بآخر بدعه القاضية بتحرير ديربورن من “حكم الشريعة”. تعجز الكلمات عن وصف خيبة الأمل، فهل يعقل ان يكون هناك أناس في القرن الواحد والعشرين على هذا القدر من الجهل، أو بالأحرى من التجاهل؛ حيث يظنون أنهم يستطيعون تضليل الناس من خلال حركة بهلوانية في عالم يفيض بالمعلومات.
او لم تعلمه ثورات الانترنت “العربية المسلمة” ان زمن المنابر قد ولى؛ وان زمن الإستخفاف بالعقول قد مضى إلى غير رجعة؟
إنما، ويقينا، أن البعض لا يريد أن يتعلم اصلاً، فهم ممن ختم الله على قلوبهم، واصبح التعصب، والحقد الأعمى دينهم وديدنهم. فاذا كنت يا تلميذ المسيح “بلا خطيئة فلترمها بحجر”.
اما نحن فلا يسعنا سوى ترتيل: أبانا الذى فى السموات/نصرخ إليك في الضيقات/ليتقدس اسمك يا معين/ارحم عبيدك الخاطئين/ليأتى ملكوتك يا ربي/هذا رجائي وطلبي/كما فى السماء كذلك/نج عبيدك من المهالك/خبزنا الذي للغد/مراحمك كثيرة لا تعد/وأغفر لنا ذنوبنا يا مولانا /كرحمتك وليس كخطايانا/كما نغفر نحن للمذنبين/علمنا أن نكون متسامحين.
Leave a Reply