كما في الاحتفالات السابقة، توافد النجوم مرتدين أفخر الملابس، متزينين بما لا عين رأت. إختالوا على البساط الأحمر، وزعـوا البسمات على المصورين، ولم يبخلوا على الصحفيين بدقائق من وقتهم الثمين.
سارت الحفلة على خير ما يرام؛ تبارى المقدِّمون على إسعاد الحضور وتوالى تقديم الجوائز.
كانت البهجة تعلو وجوه الحاضرين (حتى من لم يفـز منهم)؛ ولكن ودون سابق إنذار إمتقع وجه المذيـع وبدأ يتلعثم. إبتسم الجمهور بادئ الأمر محاولين مساعدته فيما ظنوه رهاب المسرح؛ ولكن إمتقاع لون الشاب ما إنفك بالتزايد.
– جائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد عن فيلم “العقيد نيرون” تذهب لسيف الإسلام القذافي.
علت صيحات الجمهور إستنكاراً وإستغراباً، ولكن الضوء تسلّط على كرسي فارغ في أقصى القاعة مما زاد من تلعثم الشاب؛ هنا تتدخل زميلته وتعتذر عمّا ظنته خطأ مطبعيا.
تمر دقيقة ثقيلة كأنها الدهر.
– جائزة الأوسكار لأفضل ممثل ومخرج عن الفيلم ذاته، تذهب لمعمر القذافي.
ويتكرر المشهد ذاته، دهشة وصخبا وتركيزا للكاميرا، ولكن هذه المرة نحو شاشة عملاقة على المسرح. يعتذر المقدِّم عن رداءة نوعية الصور حيث أن الفيلم ما زال قيد التصوير.
لم يكن فيلماً عادياً؛ فالدم الذي يسيل فيه حار، يندفع لتوه من الأجساد التي ترتعش على الارض، والرصاص حيّ، ومن مات فقد التحق بالرفيق الأعلى.
أما المخرج البطل، فكان بارعاً كل البراعة؛ فقد كان يعلم أنه ما ينطق إلا عن الهوى، وأنه يفتك بشعبه، وأنه ساقط لا محالة؛ ولكنه بالرغم من كل ذلك أصرّ على أن يمتعنا بكل هذه المشاهد.
إستطاع أن ينقل لنا صورة جديدة عن نيرون، أن يحول طرابلس اليوم إلى روما الأمس؛ غير آبه بصرخات التاريخ وأنّات الناس..
أيها العقيد، يا من فقـت نيرون بعُقده، لن تستلم جوائزك هذه السنة، ولن تحيا لترى شعبك ينتزع منك جائزة الحرية؛ وعندها، يا ملك ملوك المجانين لن يكون لك جنازة الملوك، ولا حتى جنازة العاديين من الناس؛ بل ستكون قوتاً للجراذين، ذلك في أفضل الأحوال.
Leave a Reply